حروب سوريا: كيف خسرت أميركا وربح الأسد؟

 شكلت الحرب الدامية التي حصلت في سوريا، والتي لم تنته فصولها بعد، علامة فارقة وشديدة القتامة في إطار المشهد المأساوي العام الذي رسمته "ثورات" ما سمي الربيع العربي، نظراً إلى بشاعة الجرائم أو المجازر التي ارتكبت، وعدد الضحايا الهائل الذي سقط، فضلاً عن ملايين المهجرين والنازحين داخل سوريا وخارجها، وذلك بحسب الصورة التي تكونت لدى الرأي العام العالمي والعربي والإسلامي طيلة سنوات الحرب في هذا البلد.

لكن ما لم تركز عليه وسائل الإعلام الغربية والعربية، ولدوافع سياسية بالطبع، يرتبط بقضايا أو أسئلة كبرى لطالما طرحها المراقبون والباحثون في شؤون المنطقة حول طبيعة ما جرى في سوريا منذ العام 2011، وهل هي انتفاضة أو ثورة شعبية عارمة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، أم هي حرب (حروب) دولية وإقليمية، شاركت في رسم خططها ومراحلها الكارثية دول أجنبية وإقليمية كثيرة، من أجل تحقيق غايات جيواستراتيجية ترتبط بمصالح تلك الدول حصراً، ولو على حساب دماء ملايين السوريين ومعاناتهم؟!

هذا الكتاب ربما يجيب عن أهم التساؤلات المطروحة، ومن خلال معطيات ووثائق دامغة عَرَضها المؤلف الفرنسي المخضرم، وصاحب العديد من الكتب المهمة حول الشرق الأوسط، في سياقات موضوعية لا يمكن نفْيها أو تجاوزها، إذ يبين الكاتب الدبلوماسي العريق، ميشال ريمبو، الحقائق من موقع القريب من دوائر السياسة الدولية والدبلوماسية الغربية، بحسب تعبير مترجم الكتاب.

وينقل الكاتب الفرنسي الشهير، فيليب سان روبير، خلال تقديمه الكتاب عبارة "دنيئة" لوزيرة خارجية الولايات المتحدة سابقاً، مادلين أولبرايت، بأنه لا يهمها لو سقط خمسمئة ألف قتيل (في المنطقة) إذا كان ذلك ثمناً لإحلال الديمقراطية فيها. ويتساءل الكاتب: كيف تستطيع القوى الغربية أن تعتقد أن نموذج حكمها قابل للتصدير، تحت الاسم الفاسد "الديمقراطية"، في البلدان (العربية) التي لم تعرفها أبداً تحت هذا الشكل، ولا تريد أن تعرفها؟

يقول مؤلف الكتاب في المقدمة إن الحروب التي زَرَعت الدمار والفوضى على أرض الحضارة القديمة (سوريا) هي حروب معقدة، فلو تمت الإحاطة بها مع حرية التعبير التي يكفلها كل دستور ديمقراطي المنشأ، ولو تم تناولها بموضوعية وتفكير منهجي عقلاني، لظهرت الأمور أقل ضبابية للعامة من الناس. ولو كان محتَرفو التفكير والإعلام والسياسة قد فرضوا فوراً الوضوح فيما يجري دون تكذيب، لكان من الأسهل العودة إلى الصواب وتصحيح الرمية، ولكنهم للأسف ذهبوا بعيداً جداً.

ويطرح المؤلف عدداً من الأسئلة من دون إجابة، ومنها:

- لماذا يتم استقبال قادة دول في باريس مع الكثير من التفخيم، يوم الجمعة، ثم يشيطَنون بعد عدة أيام؟ (ربما يقصد استقبال الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي للرئيس السوري بشار الأسد في أواخر العام 2010، بالتزامن مع بداية "الربيع العربي").

- ما شأن أميركا وبريطانيا وفرنسا بحروب في الشرق الأوسط؟ ولماذا يخفون طبيعة تورطهم وحجمه بكل عناية؟

- هل تتولى الديمقراطيات الكبرى حقيقةً دورها الطبيعي كمرشِد للإنسانية المتحضرة أم هي مرشِدة للمجتمع الدولي في تحضير خرائط طريق لمستقبل سوريا وليبيا وغيرهما؟

- يعترف الغربيون بشكلٍ عام، في السنوات التي تلي، بالكوارث التي يسببونها بتدخلهم وتورطهم، ولكنهم يَعزون السبب إلى معلومات مغلوطة كانت قد وصلتهم:

٠ لماذا يستمرون باستراتيجية الفوضى هذه، مستعملين حقوق الإنسان والديمقراطية كخدعة فظة؟

٠ لماذا نتفاعل مع سقوط مئات ضحايا العمليات الإرهابية في جهتنا، ونلتزم الصمت واللامبالاة أمام مئات الآلاف، بل الملايين من القتلى والنازحين في الجانب الآخر بسبب التدخلات "الديمقراطية" للغرب ولشركائه الاستراتيجيين الشرقيين؟

٠ هل من الضروري تدمير بلدانٍ بأكملها من أجل أن يؤسسوا فيها الديمقراطية التي لم نَرَ بعد أي أثرٍ لها؟

وبالتالي، هل يمكننا طَرْح هذه الأسئلة أو إدانة تلك التناقضات، من دون أن ننعت بأصحاب المؤامرات المدفوعين أو المبرمَجين وكأننا غير سليمين عقلياً؟

ويتابع ريمبو: يقدم هذا الكتاب فسحاتٍ من التفكير، وربما يقدم أجوبة على استفهامات أولئك الذين يريدون أن يفهموا. هو مخصص أيضاً لأصحاب النفوس القوية والمشككين الذين لم يميزوا، بعد كل هذا الوقت، بين السفاح و"المعارضة السلمية" التي حَمَلت السلاح في سوريا، ولأصحاب النفوس الصريحة، بل المستنكرة، عندما تثار أمامهم أنشطة "ديمقراطياتنا الكبرى".

تحت عناوين مثيرة، يأخذ المؤلف القارئ في رحلة شيقة يكشف له فيها عن الكثير من المواقف والأحداث التي حركتها طموحات غربية استعمارية دفينة، والتي أدت في النتيجة إلى تدمير سوريا، وذلك من خلال شراكة كاملة مع "إسرائيل" ودول وجماعات إرهابية من داخل المنطقة وخارجها.

ومن تلك الحقائق والأفكار الخطيرة التي كشف عنها ريمبو:

- في بداية التسعينيات، اقترح صقور تل أبيب بخبثٍ على واشنطن شن حرب تسقط النظام في سوريا، خوفاً من صعود حزب الله، وذلك بالتساوق مع الهَوَس الذي اعترف به الاستراتيجيون الإسرائيليون - الأميركيون منذ 25 سنة حول "وجوب تدمير سوريا"!

وقد تم طرح الفكرة في المجال العام عندما وصل داء ما يسمى بالربيع العربي إلى بلاد الشام في آذار/مارس 2011. إن حماسة واشنطن للدخول إلى المسرح لم تفاجئ أحداً، لأنها كانت المبادِرة للهرج والمرج العام، ولكن قد ندهَش للسرعة التي أخذت فيها الأزمة السورية هذه الضراوة غير المفهومة في البداية، وهذه الإرادة في التدمير فوق العادة لدى أوروبا الغربية.

- ينقل المؤلف عن الرئيس السوري بشار الأسد قوله إن "سوريا هي في وسط الشرق الأوسط المنطقة الأغنى في العالم بالنفط، وهي تتوق لأن تصبح القلب الجديد، مركز العالم الجيوسياسي"، وأيضاً قوله: "إن سوريا كانت دائماً هدفاً كبيراً؛ ومن يسيطر على هذا الهدف يسيطر على عملية القرار في الشرق الأوسط..".

كذلك، تشكل سوريا الكبرى مزيجاً إنسانياً وثقافياً مذهلًا باتحاده في نموذج من التعددية الدينية والاصطفائية الرمزية، وهذا يجعل منها وطناً حقيقياً..

 - تحت عنوان "منتَجٌ نَقِيٌ للتدخل الأجنبي"، يكشف ريمبو معلومات خطيرة وردت على لسان وزير الخارجية الفرنسية السابق رولان دوما ،Roland Dumas الذي زار بريطانيا في خريف العام 2010، إذ التقى في لندن معارضين سوريين اعترفوا له بأنهم "يحضرون عملًا في سوريا، انطلاقاً من إنكلترا، بالتعاون مع سوريين وأناس من الشرق الأدنى.. ولمرة واحدة سيكون هناك ثورة.. قد تكون عنيفة، ستهاجم حكومة بشار الأسد.. عدت إلى فرنسا، ورأيت أن الأمور تَجري كما قيل لي.. الإنكليز يعملون لمصلحة الأميركيين منذ زمن طويل..".

ويعلق ريمبو بأنه يجب بعد هذه القصة التي لا يمكن الشك فيها إرسال الرواية الساذجة عن "ثورة" عفوية بوجه "طاغية يذبح شعبه" إلى النسيان.

- بحسب شارل ليستر Charles Lister من معهد الشرق الأوسط Middle Institute East، نظمت المخابرات الأميركية دخول 20 ألف جهادي أجنبي لمصلحة جبهة النصرة، ثم أنشأت عملية تيمبر سيكامور Timber Sycamore، التي كانت تهدف إلى تدريب 45 ألف "مقاتل معتدل". وقد فشلت العملية التي أخفاها الإعلام..

وفي كانون الأول/ ديسمبر 2016، عندما حرر الجيش السوري حلب، قامت المخابرات الأميركية بتسليح 16 مجموعة مرتبطة بتنظيم "القاعدة"..

قامت وكالات الاستخبارات الأميركية الـ17، وعلى رأسها وكالة CIA، التي تتولى التنسيق بينها، وكذلك الوكالات المشابهة (من فرنسا والمملكة المتحدة و"إسرائيل" وتركيا والسعودية وقطر)، بمساعدة المجموعات الأصولية في سوريا منذ صيف العام 2012، تحت أشكال متعددة، منها التزويد بالسلاح عن طريق تركيا والأردن.

- وحول استخدام الغرب لتلك المجموعات الإرهابية لتحقيق مآربه، يقول المؤلف: إذا كانت المجموعات المسلحة، المدعومة والممولة من الخارج، التي زرعت الفوضى والرعب قد استحقت بجدارة توصيف الإرهابيين، فإن التدخل متعدد الأشكال للولايات المتحدة يندرج ضمن ما يسمى "استراتيجية الفوضى الخلاقة"، التي تسمح بتدمير الدول وبتولي مراقبتها والاستيلاء على مواردها للطاقة. هذا التدخل يهدف إلى تأمين الراحة لوضع "إسرائيل" كقوة إقليمية كبرى. في النهاية، وضِعت الأزمة السورية تحت المِجْهَر، أردنا ذلك أم لم نرده، التقارب بالرؤية، والتقارب بالأساليب، والتشابه بالأهداف بين المتطرفين التكفيريين ورعاتهم.

- "أعضاء منظمة الأمم المتحدة يمتنعون عن التصويت في علاقاتهم الدولية عندما يكون الأمر تهديداً باستخدام القوة ضد وحدة أراضي دولة معينة أم ضد استقلالها أو أي حالة لا تتوافق مع أهداف الأمم المتحدة". وهنا، يتساءل المؤلف: من يستطيع أن يَدعي أن المئة دولة أو أكثر التي شنت الهجوم على سوريا مستغلة مصائبها، مستعملة حِججاً وأكاذيب لا يمكن تصورها، أنها احترمت هذا المبدأ المدون في البند 4/2 من ميثاق الأمم المتحدة؟

وبحسب القانون الدولي، الحكومة السورية تملك حصرية الاستخدام الشرعي للقوة على أراضيها: إن ذلك يجدر التذكير به لكل الذين حَلموا بتدمير هذه الدولة المتمردة، لأنها تقاوم أهدافهم. 

وبناء عليه، فإن الجيش (السوري) ينفذ مهمته الشرعية في الدفاع عن سيادة واستقلال البلاد ووحدة أراضيها، طبقاً لقوانين الأمم المتحدة.. أما بالنسبة إلى الحلفاء، الإيرانيين والروس وحزب الله، فهم يتدخلون بناءً على طلب من الحكومة السورية وفق اتفاقات موقعة بين الطرفين بحسب الأصول.

لكن لا نستطيع أن نقول الشيء نفسه بخصوص قوى التحالف الإسلامي - الغربي، الموجودين في سوريا ضد إرادة الحكومة، والذين يمارسون تدخلًا بشؤون البلاد بشكلٍ سافر: المطالبة بـ"تغيير النظام" و/ أو رحيل الرئيس الأسد ليس حتماً من شأنهم، وهو ينتهك بشكل سافر ميثاق الأمم المتحدة.

- بعد العراق وليبيا وآخرين، كانت سوريا ضحية إبادة سياسية مضاعَفة بإبادة عِرقية. هذه الآلة المؤججة باحتيال واشنطن، كانت تهدف إلى تدمير الدولة، سلطتها، مؤسساتها، جيشها، اقتصادها، وإلى كَسْر شعبها إجمالًا، ولحمته، ومجتمعه، وإلى مَحْو تاريخه.

وفي السياق، يركز المؤلف على أهمية الغاز التي ازدادت خلال السنوات الأخيرة في إطار فهْم الدوافع الغربية والإقليمية (وخصوصاً من قِبل قَطَر)، لشن الحرب على سوريا، مع العِلم بأن "التقديرات المحتملة تجعل من سوريا (المناطق الشمالية الشرقية)، بحسب قول الخبراء، الرقم الثالث عالمياً بالغاز بعد روسيا وإيران، متخطية بذلك قطر.."، كما ينقل المؤلف عن تيلرسون، الرئيس السابق لمجلس إدارة إيكسون موبيل.

وعلى المستوى السياسي، يورِد ريمبو كلاماً خطيراً لرئيس الوزراء القَطَري ووزير الخارجية السابق، حمد بن جاسم آل ثاني، حول سوريا التي "كانت فريسة تَشَاجرت من أجلها قَطَر والعربية السعودية، ولكن الفريسة أفلتت، ونحن ما زلنا نَتشاجَر". ويذكر حمد بن جاسم بزيارته لسوريا ربيع العام 2011، حاملًا معه عرْضاً بخمسة عشر مليار دولار كدفعة على الحساب، شرْط أن تبتعد سوريا عن إيران وتنتسب إلى "محور الاعتدال" العربي: ولكنه كان محبَطاً جداً. زار بعدها العربية السعودية، كما قال، بناءً على طلب الأمير، لكي يلتقي الملك عبد الله ويطلعه على وجود خطة قَطَرية تم وضعها بالتنسيق مع الولايات المتحدة (الأميركية) وتركيا، وتهدف إلى التدخل في سوريا.

-عن الدور الفرنسي في تصعيد الحرب السورية، يكشف المؤلف أن فرنسا - وفي انتهاك للحصار المفروض من قِبل الاتحاد الأوروبي بمنع وصول السلاح إلى سوريا – أرْسَلت (منذ العام 2012) أسلحة ثقيلة فتاكة لـ"الثوار المعتدلين"، كان ينتهي بها المطاف عند الإرهابيين، وهذا ما أكده فرانسوا هولاند، رئيس فرنسا السابق، للصحافي كزافييه بانون، في كتابه "في كواليس الدبلوماسية الفرنسية".

وفي لعبتها الدبلوماسية حول الأزمة السورية، أدت فرنسا دور المحرض ضد حلفاء دمشق، ساعية بشكل منهجي لتأجيج المواجهة. وعندما ظهر أن قيادة الإخوان المسلمين فشلت (ابتداءً من العام 2014)، نَقَلت فرنسا بندقيتها من كتف إلى كتف، مفضلة التحالف مع العربية السعودية، التي أصبحت بلمح البصر شريكاً استراتيجياً لا مَفَر منه، وحافظت على علاقات ودية مع أنظمة داعمة بشكلٍ مباشر أو غير مباشر للمجموعات الإرهابية.

 ويكشف جان إيف لودريان، وزير الخارجية الفرنسية السابق، في تلك المرحلة، أننا "قد نذهب إلى تقسيم سوريا إلى أربع أو خمس مناطق.."، مع تأكيد الوزير، في أيلول/سبتمبر 2017، أنه "بمجرد أن تم الاستيلاء على مدينة الرقة من قِبل داعش، ستكون أولوية فرنسا إقامة دولة هناك!"، مضيفاً: "من الضروري إنشاء دولة شرعية وفاعلة لإدارة المدينة". ورئيس الدولة (إيمانويل ماكرون) أكد (هذا التوجه)، مع أن الرقة كانت عاصمة الدولة الإسلامية التي تم منها تخطيط أكثر الهجمات الإرهابية المنفذة في أوروبا، وخصوصاً تلك التي حصلت في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015.

-في 11 نيسان/أبريل 2018، وخلال المرحلة النهائية من تحرير الغوطة الشرقية، نشرت منظمة الصحة العالمية خبراً بخصوص "الاستخدام المفترض للمواد الكيماوية السامة في دوما". تَبين بعدها أن الأخبار أتت كلياً من "ذوي الخوذ البيضاء" ومن المجتمع الطبي الأميركي- السوري (SAMS)، المقرب من الإخوان المسلمين. بعدها، استخدمت هذه التهمة كحجة لتنفيذ غارة ثلاثية في 18نيسان/أبريل 2018، وتم تبييض صفحة سوريا بعد ثلاثة أشهر من قِبل منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.

ويستنتج المؤلف بأنَّ منظمة الأمم المتحدة ودوائرها المختلفة ليسوا فقط غير مؤهلين للحكم، بل يجب أن يجلس سياسيوها على مقعد المتهمين لعَظَمة مسؤولياتهم في الجريمة الجماعية المرتكبة ضد دولة عضو.

-في كانون الأول/ديسمبر 2017، أنشِئت خِلْسَة "مجموعة أميركية حول سوريا"، من أجل "نسف (مؤتمر) سوتشي" و"إعادة عَداد حرب سوريا إلى الصفر". العودة إلى تواصل (مؤتمر) جنيف واحد (التي جعِلت على القياس بالنسبة إلى "أصدقاء سوريا") هي عملياً السبيل الوحيد "الشرعي" الذي يسمح بإنتاج حل خارج سلطة دمشق الشرعية، وإعادة إطلاق انتقال سياسي تحت إشراف الأمم المتحدة.

ويضيف ريمبو: خرج تلغرام سري للغاية من السفارة البريطانية بأن "مجموعة صغيرة أميركية حول سوريا" (الولايات المتحدة الأميركية، وبريطانيا، وفرنسا، والأردن، والسعودية) اجتمعت في واشنطن لدراسة "الاستراتيجية الغربية" التي تتمحور حول 4 أولويات:

1-تقسيم البلاد.

2-نسف عملية الحوار الوطني وفق سوتشي.

3-تأطير تركيا.

4-خريطة طريق ستيفان ديمستورا، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة.

وفي نهاية أيلول/ سبتمبر 2018، ظهرت المجموعة مجدداً بشكلٍ موسع، وكانت تضم مصر وألمانيا. كانت تركيا غائبة. صدر عنها بيان يطالب بتشكيل لجنة دستورية "وانتقال سياسي حقيقي" تقوده الأمم المتحدة تحت غطاء القرار 2254، وتم تحديد مهلة شهر لذلك. هذا كان قتال الشرف بالنسبة إلى "المجموعة الصغيرة"!

- المقابل، وفي "خطابه التأسيسي" للسفراء في دمشق، في شهر آب/أغسطس 2017، كان "الرئيس بشار" الأسد ما يزال حذراً، مسلماً أن سوريا "وضعت حداً لخطة التدمير الغربية"، ولكنه أكد أنها لم تنتصر بعد، فالقتال ضد الإرهاب لم ينته بعد، والمعتدون لم يقولوا كلمتهم الأخيرة.

لكن في حزيران/يونيو 2018، كتب ستيفن كوك، الباحث في مجلس العلاقات الخارجية: أميركا خسرت والأسد ربح.

أخيراً، يؤكد المؤلف أن حرب سوريا ستغير مستقبل العرب والمسلمين بشكلٍ لم يكن مثيرو الفوضى والبربرية يتوقعونه. لقد أيقظت (الحرب) حركة قومية عربية كانت مخدرة، وأعادت إلى مركزيتها قضية فلسطين المقدسة. ستقفل الباب على هزيمة مخططات المحافظين الجدد أو التكفيريين، وستسجل تحولاً في الشرق الأوسط. بعدما أحدثت تغييرات على كل الجبهات، وأطلقت الخصام بين الكتل الأطلسية والأوراسية، ستكون (حرب سوريا) مرحلة تقريرية في تأسيس نظام عالمي جديد؛ لن يعجب ذلك فوكوياما الذي خَلَط نهاية التاريخ الأميركي و"نهاية التاريخ".

* حسن صعب - كاتب لبناني