جندي المرور الاسمر

اللي شعره قصير ومبعرر وضحكته خجولة ومعه سنه ذهب ، ومن يوم عرفته وقلبه الكبير مفتوح زي باب اليمن للناس كلها ، مات اليوم وانا حزين عليه لأنو كان إنسان كريم ونبيل وشهم صاحبي محمد الكحيلي 

اللي كانت غرفته الصغيرة في الدائري بيت كل واحد يطلع صنعاء من شباب الجحملية ، وانا واحد منهم ، وفي اول مره بحياتي اطلع سنة 1995 عشان ادرس في الجامعة وصلت هًبي دًبي الى مقر الجالية حق الجحملية زيما كنا نسميها الى غرفة " محمد سعد العُبسي " اللي اصبحت فيما بعد غرفة ابو السنة الذهب .
وهاذيك الغرفة المربعة والصغيرة زي حق كبريت واللي لون جدرانها خياري فاتح كانت وسااااع ، وكنا احيانا ننام فيها ثمانية مرصوصين ساع اقراص الروتي ، وفي غالبية الوقت كان الكحيلي ينام من شدة الزحام عند باب الغرفة ويقولنا وضحكته تلمع ذهب : انا مرور ولايزم انظم حركة مرور الراقدين .
انا ايامها ماكنتش ادفع ايجار طبعا ، لأني عادنا كنت طالب ، وكان الكحيلي جندي المرور الأسمر ابو السنة الذهب بالنسبة لي هو جندي مرور العالم بأكمله
وكانت لمعة سنته الذهب وهو مروح من الشغل هي الاشارة اللي اقطع بها الطريق الى المطعم والمقوات وانا امن لأنو عادنا طالب
وصاحبي الكحيلي انسان من ذهب وصاحب صاحبه ولايمكن يخلي واحد من الشباب في الغرفة الا وسئل عليه وغداه وخزن له عشان نقرأ ونذاكر
وبعد سنوات مرض الكحيلي بالفشل الكلوي وعاش ايامه الاخيرة جندي مرور فقير في ادارة مرور العاصمة ويقضي اوقاته كلها وهو مراعي متى تنتهي الحرب وتعود الحياة الى طبيعتها ويجي دوره في طابور مرضى الكلى بسرعة ، واليوم مات ابو السنة الذهب وهو مراعي داخل بيته ،من فترة، متى يجي دوره وكانت هاذيك اكبر غاية بالنسبة لإنسان عزيز مات داخل بيته بصمت تاركا مهمة الصراخ والبكاء والكلام لزوجته واطفاله مثله مثل مئات من البسطاء اللي ماتشوفهم الكاميرات ولا معاهم فيس بوك ولاتويتر ولا هم مع زعطان ولا مع فلتان ومراعيين متى تنتهي الحرب .