الخلافات السعودية الإماراتية والترابط المعقد بين دول الخليج

ظهور الخلافات السعودية - الإماراتية إلى السطح تؤكدها مجموعة من الأسباب أهمها التسابق نحو النفوذ السياسي والاقتصادي، كما ان حالة التوتر المستمرة في العلاقات السعودية الإمارتية، هي وجهة نظر تستند إلى مجموعة من المؤشرات، منها حالة عدم ظهور رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، بشكل جماعي مُعلن، حيث استطاعت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية الحصول على معلومات حصرية تتضمن بعض المعلومات عن أسباب الخلافات السعودية الاماراتية، التي لم يتم تأكيدها من أي من الدولتين، ومن المعلوم ان بين السعودية والإمارات خلافات غير معلنة عبر السنين، ولكنها تُحل عادة بسرية شديدة، ولا يتم الاعلان عنها، إلا أن اللافت في الأمر أن كثيراً من هذه الخلافات تظهر للعلن على هيئة تسريبات، ومن خلال وسائل التواصل الإجتماعي وبعض الوسائط الإعلامية، من خلال مغردين وكتاب وإعلاميين مقربون من الدولتين. 

لا شك أننا أمام مرحلة جديدة، ومناورات جديدة، وحقبة مختلفة، سوف تشهدها السعودية والإمارات ومنطقة الخليج والجزيرة العربية، لأن أي توتر في العلاقات الخليجية والإقليمية بشكل عام، تكون له أثار مباشرة على كل دول المنطقة، ومن بينها بلادنا والعالم،  لانه بالرغم من الترابط المعقد بين دول الخليج العربي، إلا انه لم يتم إحراز أي تقدم كبير فيما يتعلق بالتعاون والتكامل الإقليمي والاقتصادي، وكانت هناك بعض الجهود على المستويات دون الإقليمية والإقليمية، وعبر الإقليمية، لإنشاء منطقة مستقرة وآمنة وصحية من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، ولكن لا يزال هناك طريق طويل أمام دول الخليج بسبب اختلاف الـأهداف والسياسات بين دول المنطقة. 

تعود جذور الأزمة في منطقة الخليج العربي جزئيًا إلى التركيز المفرط على الأمن العسكري، في ضوء التوازن الجغرافي الإستراتيجي المتغير، منذ الحرب العراقية - الإيرانية، وعملية عاصفة الصحراء،  كما ان احتمالات الحد من التسلح قاتمة تمامًا، وبالنظر إلى حدة المعضلات الأمنية لدول مجلس التعاون الخليجي لا يوجد لدى أي دولة حافز طويل الأجل لتقليص مشترياتها من الأسلحة علاوة على ذلك فإن الدول الموردة لديها كل الحافز للحفاظ على موطئ قدم جيواستراتيجي ومالي في سوق الأسلحة المربح هذا على المدى الطويل، ولا شك ان دول الخليج تعاني من سباق التسلح المكلف لكل دول المنطقة، وبينما تقوم دول الخليج بعسكرة بنيتها التحتية  فإنها تضحي باحتياجاتها من أجل التنمية المستدامة، وتخلق ظروفًا لعدم الاستقرار والصراعات البينية التي يمكن للقوى الخارجية الاستفادة منها.

وفي ضوء التوقعات المحتملة على الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية إقليميا ودوليا فانه ينتظر أن يشهد ميزان القوى في الخليج إعادة هيكلة جذرية.

فحسب خبراء الإستراتيجية الدولية، فان التحديات الأمنية الجديدة ستفرض تغييرات عميقة في الإقليم، في ضوء ذلك سيتغير الدور العسكري لبعض القوى الصاعدة في العقد القادم وكذلك هيكل وطبيعة العلاقات الخليجية مع الحلفاء الإقليميين والدوليين. 

نري ان من المهم في الظروف الحالية أن تعمل دول الخليج  وخصوصاً السعودية والإمارات على التعاون، من خلال الاستمرار الدائم في التشاور الدائم ، لمعالجة القضايا المستقبلية التى تهم البلدين، ومن ضمنها السلام في اليمن، كشرط أساسي للسلام والتنمية في المنطقة بأسرها، من أجل تعاون اقتصادي أعمق لتنفيذ طموحات دول المنطقة في التطور الاقتصادي وتعدد مصادر الدخل، حيث توفر هذه المنطقة المتميزة بأهدافها البيئية المشتركة أفضل فرصة لجميع دول الخليج واليمن للتعاون من أجل إنشاء مجموعة اقتصادية ضرورية للبقاء الاقتصادي لدول المنطقة، ويجب على دول الخليج أيضًا العمل معًا لإيجاد حلول للنزاعات الحدودية والمطالبات الإقليمية، ويجب عليها ان لا تسمح للقوى الدولية باستغلال النزاعات بين دول المنطقه التي يمكن ان تجد حلولاً لها خارج تدخل القوي الخارجية. 

*سفير بوزارة الخارجية