العامل الأهم لبدء مسار السلام في اليمن

هناك اليوم عدم ثقة في أي  تكتلات أو تيارات تدعو للسلام او تطرح نفسها كبديل  معتمدة على شعارات غير واقعية وهي في الواقع تتحرك وفق أجندات غير معروفة ولا تمتلك قرارها ولا يوجد لديها تأييد من قطاع واسع من الشعب اليمني وأنما تسعي وراء الكسب المادي كأساس لعملها وتحركها 

ورغم أهمية العديد من العوامل  الإقليمية والدولية في  حرب اليمن إلا أن العامل الأهم لبدء مسار السلام وبناء أرضية مشتركة سعياً لسلامٍ مستدام في بلادنا هي في وجود إرادة سياسية  لجميع الاطراف اليمنية تعمل على لعب دوراً هاماً في تسهيل وضع آلياتٍ فعالة و أساساً متيناً للمصالحة الوطنية 

وعلى الحكومة اليمنية تحمل  المسؤولية الكبيرة في دعم المصالحات الحقيقية بالتوازي مع مشاركة مجتمعية فاعلة في أجراء  مشاورات محلية ووطنية ومشاركة كاملة لكل الاطراف اليمنية فردية ومجتمعية  وفي ظل مساحة آمنة وحرة لأن الحوار على المستوى المجتمعي  سيلعب دوراً أساسياً في العملية السياسية ومسار السلام بمنظور شامل وواضح واعتمادا على العوامل الجديدة من خلال نهج جديد ومبتكر لترسيخ اسس التعامل والتكامل بين اليمنيين وتوطيدها من خلال الحوار والعدالة الانتقالية  والتعليم والتعبئة والتوعية والتدريب كما يجب  أيضاً العمل على وضع  أسساً متينة من أجل إضفاء الطابع المؤسسي على المصالحة  وإضافةً إلى ذلك فإن مسألة إعادة الممتلكات أو التعويض عن تلك التي تم نهبها أو تدميرها أثناء الحرب تشكل عقبةً رئيسيةً أمام تحقيق التفاهم والمصالحة على مستوى المجتمع المحلي فعدم تحقيق العدالة والرضى لن تسمح للمجتمع بالدفاع عن تلك الحلول فعلى الرغم من تشديد ضمان سيادة القانون يجب أن يكون هذا القانون عادلاً يحقق الرضى المجتمعي 

بكل تأكيد كل نزاع فريد من نوعه وتتطلب معالجته مراعاة سياقه وعوامله المؤثرة إلى جانب أصحاب المصلحة لذلك لا تتوفر بشكل عام صيغةٌ واحدة تناسب الجميع  أو طرقاً مختصرةً سهلة لتعزيز المصالحة الوطنية ولكن يمر الناس بتجارب مشتركة في مختلف الثقافات والسياقات إذا ارتكبوا عنفاً شديداً في حالات النزاع والحروب أو عانوا منه أو كانوا شاهدين عليه وبغض النظر عن طبيعة الحرب أو الخلفية العرقية او المناطقية  أو المذهبية  أو السياسية تتوفر الأرضية المشتركة بين اليمنيين في المسعى إلى المصالحة وبناء السلام.

 ومايهمنا في هذه الفترة الحرجه والصعبة من تاريخ اليمن هو معالجة نتائج الصراعات السياسية والحرب المستمرة للعام التاسع والعنف الذي تعانيه الحياة السياسية في اليمن والانقسام المجتمعي والفرز الطائفي والمناطقي والحزبي والتي ظهرت بشكل أكبر مع أستمرار الحرب وغياب سلطة الدولة الشاملة علي كل التراب اليمني 

لا شك أن المصالحة تأخد العديد من المفاهيم والسلوكيات ولكن بشكل مبسط وواضح أن أي مصالحة تعني التفاهم والتواصل بين الأطراف المختلفة والتوفيق فيما بينهاويكون الهدف منها عودة العلاقة السياسية بين جميع الأطراف وتشجيعها علي التفاهم والتسامح والعفو وأهمية العيش المشترك من خلال معالجة جروح وأثار الماضي وتحقيق العدالة المطلوبة للجميع  وتجريم الطائفية  والتمييز العرقي والمذهبي والمناطقي وبما يضمن التحول السليم في بناء الدولة المدنية المرتكزة علي أسس متينة للتعاون والتكامل بعيدا عن كل رواسب الماضي في الصراع والحروب فهل تتحمل الاطراف اليمنية مسؤوليتها وتبداء في مسار السلام والمصالحة 

*سفير بوزارة الخارجية