ما شكل التطبيع الذي يطمح إليه بايدن؟

لا تستطيع إسرائيل أن تبيع منتجاً واحداً في مصر، ولا يحلم أكثر مثقفيها تسامحاً بالجلوس في واجهة صالون ثقافي في القاهرة أو عمّان. برغم ذلك هي فخورة بالتطبيع مع مصر، بأربعة عقود من "السلام". الطبيعة الأمنية لإسرائيل، كونها دولة تأسست على عجل، تجعلها لا ترى في السلام سوى المسائل الأمنية. لن يلعب المنتخب الإسرائيلي في الدورات الرياضية العربية، لن يغني شاب إسرائيلي على مسرح أراب آيدول، ولن تترجم رواية رائجة في تل أبيب إلى العربية، فما معنى التطبيع؟.

تريد إسرائيل من التطبيع أقل من ذلك بكثير: سياجات أمنية، منظومة رقابة على المنطقة المحيطة بها، تفاهمات ذات طابع استخباراتي. أما رياضيوها فيلعبون في أوروبا، ويغني شبابها في اليورو فيچن. بالمناسبة، يصر فريق إسرائيل هذا العام على أن يؤدي أغنية "مطر أكتوبر" على مسرح يورو فيچن، ولا تزال جهات التنظيم معترضة على نص الأغنية كونها "ذات طابع سياسي". 

يعيد بايدن الحديث عن التطبيع العربي مع إسرائيل، مع الكيان الذي سدد ضربة إجرامية إلى قلب العالم الإسلامي، فلسطين، وترك جراحاً ليس لها قرار، ستأخذ أجيالاً عديدة حتى نهاية القرن. 

الثمانيني الذي نسي كل ماضيه، ولم يعد يتذكر وفاة ولده البكر كما ورد مؤخراً، نسي ما يجري في غزة. لا يمكن أن تعيش إسرائيل إلا على هيئة قاعدة عسكرية أميركية، هذه الحقيقة تحول دون أن تصير إسرائيل إلى دولة طبيعية. ما الذي سيحول دون "مطر أكتوبر" قادم؟ تطبيع مع النظام العربي على مستوى التجسس والاستطلاع، على مستوى المعلومات؟ تطمح إسرائيل لفيض من الداتا الأمنية من الخليج وشمال أفريقيا، سيساعدها ذلك في تحسين وضعها الأمني واحتواء الثغرات الخطر؟. على هذا النحو تصبو لأن تعيش، بجوار ماسورة تجسس كبيرة. حتى في أرفع طموحاتها تبدو غير طبيعية، هناك خطر، كارهون، عماليق، وشر. هي الخير المطلق، والإله في لغتها هو: إله بني إسرائيل. كتابها الأقدم، الأقدس، يلحق الإله بشعب حيفا وعسقلان. قدرها أنها محبوبة الرب وعدوها الإنسان، لذا فهي لا تريد من التطبيع سوى "المعلومات" التي تضمن لها السلامة.