الأ.سدُ و"الليبراليّةُ" و"الدِّينُ".. لماذا يستعينُ الرئيسُ الأسدُ بـ "الدّين"؟!!..

-يصرُّ الر.ئيسُ الأ.سد على تحريكِ وتظهيرِ السّاكنِ في الخطابِ الإسلاميِّ، اجتماعيّاً وروحيّاً وحتّى ثقافيَّاً، وتعميمِهِ وتوطينِهِ، والتركيزِ عليهِ باعتبارِهِ قيمةً وطنيّةً وأخلاقيّةً، قبلَ أنْ يكونَ واجباً دينيّاً ضيّقاً، أو طقساً يمارسُهُ البعضُ في حدودِ مفهومِ التقيّةِ مع اللّه، من خلالِ تركيزِهِ على نشاطٍ تمارسُهُ مؤسّساتٌ من مؤسّساتِ الدّولةِ، أو أفرادٌ ينشطونَ في هذا المجال، حيث يتجلّى ذلك بلقاءاتٍ متتاليةٍ بينَ هذهِ المؤسّساتِ والأفرادِ من جهةٍ، وبينِ الر.ئيسِ الأسد من مقامِهِ كر.ئيسٍ للجمهو.ريّة، من جهةٍ أخرى!!..
-نعتقدُ أنَّ المسألةَ في هذا الشّرطِ الذي تمرُّ به المنطقةُ، وحتّى العالم، ومنذُ سنواتٍ عديدةٍ، تتجاوزُ كلَّ المقارباتِ التي حاول البعضُ تقديمها، تعقيباً أو تعليقاً أو تحليلاً أو فهماً لها، أي لهذهِ المسألة، فهي ليستْ عنواناً لمحاولةِ استيعابِ الر.ئيسِ الأسد لنسقٍ دينيٍّ تاريخيٍّ موجودٍ على مستوى مجتمعِ الدولةِ، كما حاولَ البعضُ أن يُقدّمَ المسألةَ، وهي ليستْ محاولةَ تزاوجٍ سيا.سيٍّ من قبلِ "السّلـ.ـطةِ"، أو من قبلِ "البعــثِ"، مع نسقٍ دينــيٍّ تاريخيٍّ واسعٍ موجودٍ في مجتمعِ الد.ولةِ، كما حاولَ بعضٌ آخر أن يقول!!..
-وهنا السؤالُ المركزيُّ العميقُ، ماذا يفعلُ الر.ئيسُ الأسدُ من خلالِ هذهِ الواحدةِ الهامّةِ، في ظلِّ منطقةٍ تُطلِّقُ أنظـ.ـمتُها شريكَها الدينيَّ على أكثرَ من صعيدٍ ومستوى، وتنقلبُ عليهِ انقلاباً حادًّ كي تتخلّصَ منهُ، سعياً منها لبراءةٍ لها ممّا مرَّ على المنطقةِ، من ويلا.تٍ ود.ماءٍ ومذابحَ، قُدّمَتْ جميعُها على أنّها من صنيعةِ النسقِ الدينيِّ، من "وهابيّةٍ" و"أخوانٍ مسلمين"!!..
-طيلةَ سنواتِ العد.وانِ، وقبلَ ذلك بعشراتِ السنواتِ، كان يُقدَّمُ ويُتَّهمُ النظا.مُ السيا.سيُّ في سو.ريّة، على أنَّهُ نظا.مٌ رفضَ المساكنةَ معَ النسقِ الدينيِّ على مستوى إنتاجِ السلــطةِ، أو أنَّهُ نظامٌ سياسيٌّ طائفيٌّ لا يقبلُ تقاسمَ السلــطةِ معَ نسقٍ سيا.سيٍّ طائفيٍّ آخر، وبخاصّةٍ أنَّ هذا النسقَ السياسيَّ الطا.ئفيَّ الآخر، هو على طرفيِّ نقيضٍ تاريخيٍّ عميقٍ، معَ النسقِ الطائفيِّ الذي يُقدَّمُ النظا.مُ على أنّهُ محسوبٌ عليه!!..
-لكنّنا نحن لا نعتقدُ أنَّ المسألةَ في جوهرِها كذلك، كونَ أنَّ كلَّ ما قيلَ ويُقالُ في هذا السّياقِ، لم يكنْ إلاّ عبارةً عن تهمةٍ سيا.سيّةٍ، يحاولُ البعضُ الاستعانةَ بها على السّلـ.ـطةِ في سو.ريّة، كونَهُ على خصومةٍ معها، وهو يريدُ النيلَ منها، وهذا لا يلغي البتَّةَ أنَّ هناك محاولاتِ اصطفافٍ طا.ئفيِّ خطير.ةٍ، حصلتْ في مجتمعِ الدو.لةِ، خلالَ السنواتِ الأخيرةِ من العد.وانِ على سور.يّة والسّور.يّين، نتيجةَ طبيعةِ استراتيجيّةِ فو.ضى "الر.بيعِ العر.بيِّ"، التي استعملتها أطرافُ العد.وانِ على سو.ريّة!!..
-يتعاملُ إعلامُ الدو.لةِ معَ هذهِ المسألةِ التي يشتغلُ عليها الر.ئيسُ الأ.سد، وحتّى إعلامُ السّلـ.ـطةِ وأحزا.بُها، بلا مسؤوليّةٍ وطنـ.ـيّةٍ أبداً، ومن غيرِ تجذيرٍ معرفيٍّ لها، وبعضُهُ يقعُ في فخِّ رواياتِ أطرافِ العدو.انِ ذاتِها، حينَ يقدّمُها ساكتاً عنها، أو موارباً معها، أو من غيرِ حاملٍ ثقافيٍّ لها، وتحديداً في مستواها المعرفيِّ الذي لا يتردّدُ الر.ئيسُ الأ.سد منَ التركيزِ عليهِ من حينٍ لآخر!!..
-نعتقدُ أنَّ الر.ئيسَ الأسد، وفي مرحلةِ طلاقِ النظا.مِ العر.بيِّ الرسميِّ، للنسقِ الدينيِّ في كثيرٍ من الدو.لِ العر.بيّة، بعدَ استعمالِهِ له، أو شراكتِهِ معهُ، أو محاولاتِهِ خداعِ جمهورهِ بمساكنتِه، وبعدَ انفضاحِ كلِّ ذلك، في ظلِّ فشلِ مشروع "الر.بيعِ العربيِّ"، يعيدُ الرئيسُ الأسد المكانةَ الطبيعيّةَ لـ "الدّينِ"، وتحديداً "الدّينَ الإسلاميَّ"، ليسَ باعتبارِهِ نسقاً سيا.سيّاً يمكنُ استعمالُهُ استعمالاً تكتيكيّاً، وإنّما باعتبارِهِ قيمةً وطنـ.ـيّةً هامَّةً جدّاً، ليسَ على المستوى المعرفيِّ أو الفلسفيِّ، وإنّما على مستوى آخر مختلفٍ تماماً!!..
-نعتقدُ أنَّ الرئيسَ الأسد، يحتاجُ إلى إعادةِ توطينِ "الدّ.ينِ" في المجتمعِ وفي الد.ولةِ، وهنا نكرّرُ للمرَّةِ الألف، أنَّ هناكَ فارقاً عميقاً جدَّاً، بين "الدّينِ" وبين "رجالِ الدّ.ينِ"، هذا من جهةٍ، ومن جهةٍ أخرى، بينَ "الدّ.ينِ" باعتبارِهِ حقيقةً معرفيّةً مطلقةً، وبينَ "الدّ.ينِ" باعتبارِهِ حقيقةً إيمانيّةً، وهذا تمييزٌ هامٌّ جوهريٌّ لفهمِ علاقةِ المجتمعِ والدولةِ بـ "الدّينِ"، في ظلِّ العدو.انِ الكبيرِ عليهما..
-يرى الر.ئيسُ الأ.سد أنَّ "الدّ.ينَ" بهذا المعنى، أيَّ "د.ينٍ"، إنّما هو سورُ المجتمعِ والدّ.ولةِ، طالما هو قادرٌ على توفيرِ حصانةٍ إيمانيّةٍ ذاتِ بعدٍ ثقافيٍّ - اجتماعيٍّ، تلتقي تماماً مع قيمٍ وأولوياتٍ وطنـ.ـيّةٍ، للد.فاعِ عن المجتمعِ والدو.لةِ أخيراً، ويرى بأنَّ "الدّينَ" بهذا المعنى أيضاً، يمكنُ أنْ يشكّلَ خطَّ الدّ.فاعِ الر.ئيسيَّ عنِ المجتمعِ والدّولةِ، في وجهِ تغوّلِ "الليبر.اليّةِ الحديثةِ"، تلكَ "الليبراليّة" التي تحاولُ قوى هامّةٌ على مستوى العالم، تقديمَها باعتبارِها قيمةً زائدةً في الحر.يّة، تدفعُ العالمَ عنوةً لاعتناقِها!!..
-ويرى الرئيسُ الأسد أنَّ المعنى الإيمانيَّ لـ "الدِّ.ينِ"، يتجاوزُ المعنى السيا.سيَّ إلى الثقافيِّ - الإيمانيِّ، في مواجهةِ هذا العدو.ان، وهو بذلكَ يردُّ أهدافَ العدو.انِ إلى حقيقتِها، وبدلاً من تقديمِ المعر.كةِ على أنّها معر.كةٌ سيا.سيّةٌ - ثقافيّةٌ، يجعلُها الرئيسُ الأسد، بفضلِ تحريكِ "الدِّ.ينِ"، معركةً قيميّةً - إيمانيّةً، فيستعينُ بالمجتمعَ دينـ.ـيّاً، كي يكونَ أمامَ مهامِهِ التاريخيّةِ، ليسَ بالد.فاعِ عن الدو.لةِ فقط، وإنّما بدفا.عِ المجتمعِ عن نفسِهِ وعن ذاتِهِ، من خلالِ التركيزِ على أنَّ المعر.كةَ مع "الليبراليّةِ الحديثةِ"، ليستْ معركةَ خياراتٍ سيا.سيّةٍ أو ثقافيّةٍ، وإنّما هي معر.كةُ حقٍّ وباطلٍ!!..