الحميقاني والتطاول على الملك عبهله

اعتبر الشيخ عبد الوهاب الحميقاني* إحياء ذكرى "الملك عبهله بن كعب" تشكيك بالسنة النبوية، وسخر بطريقة سوقية مِن مَن اسماهم " "العباهله".. وكان من الممكن تجاهل منشوراته، ولكن لما نتجاهلها ونحن نمتلك الحقيقة ونبل الفكرة والقدرة على اسقاط منطقة المتدني.

والحميقاني ( مثل غالبية اليمنيين) لا يعرف تاريخ مولده، ولكنه يحفظ عن ظهر قلب تواريخ مواليد اطفال قريش واسماء وجنسيات عبيدها ونساءها وكنيات إبلها وبعيرها وكذا الوانها واعدادها واماكن مراعيها ومواسم تزاوجها، ويعتبر نفسه عالماً مجتهدًا على هذا الاساس، او على اساس معرفته هذه الخزعبلات .

والحميقاني كذلك، احد ادوات قريش التكفيرية، مثله مثل مشائخ كثر يسمون انفسهم اهل السلف، ويعتبرون " العركة "الاهلية التي حدث بين ثلاثمائة نفر من قريش غزوات عظيمة واهم االحروب التي جرت على الارض، ويقدسونها حد الوله، وما عداها لا يستحق الاحترام، بل بحسب تعاليم ابن تيمية لزاماً على المسلم ان يُحقِرها ويشتمها، وهذا ما يبدو ان الحميقاني يفعله، اي تنفيذ وصايا شيخه "ابن تيمية**".

ومتجاهلاً ان التاريخ الديني تاريخ غير مهم، والمهم هو التاريخ الوطني للشعوب.

فالحميقاني يقدس التاريخ الديني، كما يقدس السلفيون بول البعير، دون الاستجابة لاية شروط عقلية من هذه الناحية، او لإمكانية تعديل ذهنياتهم تلك، وهم - مثل الجماعات القادمة من ازمنة سحقيقة- يقومون باشياء ذات غرابة لا تقتصر على الملابس القصيرة ورفع السراويل للإبط، وحمل مساويك طوال النار، عوض استخدام معجون الاسنان مرتين في اليوم، ويعتبرون ربطة العنق حرام، والاكل بالملعقة من الكبائر.

وإلى وقت قريب كان السلفيون يعتبرون السياسة حرام، ولكن الحميقاني يتنطط على حبالها، كما كان يتنطط على حبال الدين، وحالياً يتنطط على حبال التاريخ، وسبحان الله.

يشكل التاريخ الديني اهتمام الداعية الحميقاني، ويعتبر التاريخ الوطني تشكيك بالسنة. وكنا قد بدأنا فتح سيرة الملك العظيم عبهله كأيقونة وطنية ملهمة وموحدة، وبإعتباره محطة من تاريخنا الوطني، ودون اقحام للدين او حتى ذكره من قريب او بعيد، ولكن مجاميع مختلفة حشرت الدين ومن بينها الشيخ السلفي الحميقاني، واصبح لزاماً علينا ان ننتقل الى مواجهة تحريضهم على الشخصية الوطنية عبهله.

وفي الحقيقة يمثل لنا التاريخ الوطني معانِاً أهم من ما يمثله التاريخ الديني للحميقاني وسائر عموما جماعات الاسلام السياسي وغير السياسي والتي تعادي تاريخنا الوطني الجامع وتحاول استبداله بتاريخ قريش الديني الذي يقود الى انقسامات.

والفارق بين التاريخ الديني والوطني كبير، فالتاريخ الوطني هو تاريخ مدنية وحضارية منطقة انسانية معينة (شعب) في بقعة جغرافية محددة ويشكل ذلك التفاعل هويتها ووجودها المشترك

اما التاريخ الديني فهو عبارة عن تاريخ الصراع الديني في حقبة تاريخية زمنية لفرض عقيدة معينة ولا يمثل هوية جغرافية معينة ولا يرتبط بالتحضر والتمدن لسكان منطقة جغرافية محددة.

والتاريخ الوطني يتعلق كذلك بعبقرية شعب معين، حضاريا واقتصاديا واجتماعيا، ونحن شعب متفرد في ريادته الهندسية والسياسية والروحية وله ايضا تفردة وخصوصيته في مجالات متعددة كالنحت والفنون والعبادات الدينيية، وتاريخنا الوطني بكل ماضيه وبغض النظر على مراحله الروحية هو جزء من وجودنا الانساني على هذا الكوكب بين بقية الشعوب، وتفاعلنا معها ومشاركتنا الحضارية بجانبها.

وبالتالي عبهله جزء من تاريخنا الوطني، وهو الاقرب الى ذهنية الانسان اليمني الوطني، رغم كل التشويه الذي طال هذه الشخصية التاريخية العظيمة. وبالتالي ايضا التاريخ الوطني ليس تاريخ ديني نمت عليه "لحية" .

وعبهله - خصوصاً- ملك يمني منتصر اغتيل، واغتياله غير مجرى التاريخ في اليمن، فلولا اغتياله والتشويه المتعمد واهانة اليمنيين بعد ذلك واعتبارهم ضمن الاسلام شعب غير موثوق به، يمثل كارثة مهمة بالنسبة لنا.

وليتأكد الحميقاني وبقية العبيد المغالون بإسراف في عبوديتهم لقريش والمتطرفون دينياً تجاه شعبنا وتاريخنا، اننا لا نبالي بهم، بل ندرك انهم مجرد ابواق في الآلة التكفيرية القريشية، لم يخشهم عبهله وفروا من امامه كالجرذان الى يثرب، وبقايا الفرس الى الجبال، كما فر هو - اي الحميقاني- مذعوراً من امام الحوثيين الى عاصمة الوهابية الرياض.

-------- 

*الحميقاني، احد المتهمين والمطلوبين دولياً بتهمة تمويل الارهاب، وامين عام حزب الرشاد السلفي.

**تنص فتاوي ابن تيمية على وجوب إهانة غير المسلم وإهانة مقدساته، وبتعبير ابن تيمية يقول [ كل ما تم تعظيمه بالباطل من مكان أو زمان أو حجر أو شجر يجب قصد إهانته ]. الجزء الأول ص535 من كتاب اقتضاء الصراط المستقيم.....يعني تهين الكنيسة لأنها مما يعظمه المسيحيين. وتهين الصليب لأنهم يعظمونه، وتهين أعيادهم...وهكذا