العيد عيد العافية (8)

.. تعليم الشتاء والصيف ومابينهما.. 
قال صديقي الراوي وزميلي المواطن العزيز وصديقتنا العصفورة  والأصدقاء الصغار عبد الله وأمة الله وعلي وفاطمة.. تزامنت امتحانات الشهادات العامة مع بدء الدورات الصيفية وشاهدنا وتابعنا كافة مسئولي الدولة والحكومة من الرئيس إلى رؤساء المجالس وكذا الوزراء ونوابهم والمحافظين ووكلاؤهم  وحتى مدراء عموم ونوابهم وهم يتنقلون في المراكز الامتحانية ومراكز الدورات الصيفية وكل منهم يحاول اختيار أقوى العبارات والمصطلحات للتعبير عن النجاح الكبير للعملية التعليمية وعن أهمية الدورات الصيفية ودورها في تنمية قدرات الطلاب والطالبات وتحسين مستوى تحصيلهم الدراسي كما لايفوت اي منهم اصطحاب وسائل الإعلام حتى يظهر بالمظهر المتميز احسن من غيره من المسئولين امام القيادة وكل منهم يعرف في قرارة نفسه ان هذه التصريحات لمجرد الاستهلاك الإعلامي فقط لان الواقع غير ذلك كله فالتعليم سيء وهذه الدورات ليست بديلا للتعليم فالجمعة هي الجمعة والخطبة هي الخطبة ومنظومتنا  التعليمية مهلهلة ومفككة. 
قلت لهم يا اصدقائي الاعزاء.. لو أن كل مسئول من هؤلاء كلف نفسه بالنزول إلى الشارع ليتعرف على مخرجات  التعليم وشاهد بأم عينيه الشباب التائه بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ربما كان أصابه الحياء والخجل لكنهم تحولوا إلى مجرد "شاهد ماشفش حاجة" أو كومبارس يؤدون ادوار مطلوبة منهم والحقيقة أن وضع التعليم في اليمن لا يسر عدو ولا صديق .. وهل يعلم كل هؤلاء الذين ادلوا بشهادتهم أن التعليم  في اليمن اصبح كارثة من الكوارث فقد تدهور بشكل مخيف وصار التسرب منه مرعب إلى درجة أن الشوارع تمتلئ بالأطفال أكثر من المدارس وحتى الطلاب الموجودين في المدارس في حكم المتسربين لان التعليم سيء جدا ومسئولينا في ابراجهم العاجية في مهمة تنظير فقط؟ وهم ربما يعلمون أو لا يعلمون أن بلدنا يعاني الأمرين من مخرجات التعليم السيئة ابتداء من انهيار منظومة القيم والأخلاق إلى فقدان القيمة الاهم وهي الولاء الوطني التي غابت تماما إلى جانب ظهور ثقافات دخيلة على مجتمعنا اليمني العربي المسلم وتحول المشهد إلى فوضى في كافة المجالات بسبب انهيار  التعليم بمنظومته المكونة من المنهج المدرسي السيء الذي يتم إعداده بعناية في مطابخ المخابرات الأمريكية باعترافهم هم والمعلم الذي تركناه واهملناه بدون راتب وبدون تاهيل وتدريب إلى المباني المدرسية التي تحولت الى مجرد سجون ثم إلى الإدارة  التعليمية التي مازالت تعبث ايما عبث بالتعليم  وحتى مايسمى التعليم  العالي والجامعي صار مجرد دكاكين دون أدنى ضوابط أو معايير وكل هذا الأمر مقصود لتخريب وتدمير منظومة  التعليم في بلادنا وصولا إلى النتيجة التي نشاهدها الان أجيال تائهة تخرجت إلى الشوارع وبسوء اخلاق عجيب ومن "كذب جرب" والحقيقة أننا  نعاني أشد المعاناة من سوء التعليم وللأسف فإن الكل يصم أذنيه ويغلق عينيه عما يجري فهل الأمر مقصود استمرارا لمسلسل التدمير أم أن الوضع  التعليمي خارج نطاق السيطرة وفي ايدي لوبيات فساد تعبث كيفما تشاء؟.
اتفقت انا وفريق العمل أن ما جرى ويجري عبارة عن طقوس رديئة لنظام  تعليمي سيء السمعة جدا جدا أتدرون لماذا؟ لأن مخرجات هذه العملية التعليمية صفر بل تحت الصفر وواقع الحال يثبت صحة هذه النتيجة التي وصلنا إليها ويمكن وضع مقارنة بسيطة لنعرف حقيقة أين نحن بين الامم وما الذي حققه تعليمنا على مدى عشرات السنين ؟ هل نهضنا ببلادنا اننا في آخر السلم بين الامم والشعوب؟ وما الذي أحدثه تعليمنا واين مخرجاته؟.. أليس مخرجاته ملايين العاطلين عن العمل في الشوارع ؟.
قال الاصدقاء الاعزاء وانا .. بالتأكيد أن التعليم  هو الركيزة الأساسية لتحقيق نهضة شاملة في كافة المجالات وخلق جيل واع وقادر على النهوض بمستقبل الوطن والدول الطموحة هي تلك التي تضع قضية النهوض بالتعليم على أولويات برامجها وسياساتها لان بناء الإنسان يبدأ من التعليم الصحيح باعتباره أحد أولويات التنمية التي يجب ترتكز في جانب منها على بناء شخصية الإنسان ولاشك ان تطوير التعليم  يتطلب وضع خطة شاملة مشتركة ذات بعد استراتيجي ومشروع وطني لتطوير التعليم  يتضمن برنامجا زمنيا للتطبيق يشتمل على مشروعات تطويرية للبيئة التعليمية تنطلق من الطالب محور العملية  التعليمية ثم المبنى المدرسي والادارة المدرسية ونظام التعليم  بمختلف مراحله ومستوياته ومن ثم تطوير المناهج الدراسية لمواكبة العصر بعيدا عن الحلول الجزئية أو المنفردة حتى لا تكون العملية ناقصة وبالتالي سيكون الفشل هو النتيجة الحتمية.
قلت لهم يا اصدقائي الاعزاء.. صدقوني أن الحل ليس في المراكز الصيفية السابقة التي فشلت بل إنها تحولت إلى دجاجة تبيض ذهبا للبعص وفرصة لتدمير التعليم  أو الدورات الصيفية الحالية التي من المتوقع أن تفشل وربما تصير كسابقتها فرصة للكسب والفائدة للبعض ونفقات عبثية على اعتبار أن من يدير هذا الدورات هم من يدير التعليم الفاشل وبالتالي فالنتيجة حتما ستكون واحدة لان الحل الحقيقي هو في مشروع وطني للنهوض بالتعليم  على أسس علمية بالاستفادة من تجارب الدول المتطورة والمتقدمة وان يتم اختيار كوادر هذا المشروع وفق معايير الكفاءة المهنية والخبرة والقدرة مالم فإن أجيالنا ستظل تائهة بين تعليم  الشتاء والصيف ووطننا سيظل جريحا فيما بينهما .. فهل وصلت الرسالة ام أن الأمر سيبقى كما هو وستتغلب لوبيات الفساد وسيظل  تعليمنا تائه ومريض وطقوس رديئة لنظام  تعليمي سيء السمعة جدا جدا ومن يقول غير ذلك انما يضحك على نفسه أو يضحك علينا ؟ والحل ليس في مراكز صيفية سابقة أو دورات صيفية حالية لأنها كلها سياسية بامتياز ولكن الحل في إصلاح نظام التعليم بمنظومته الكاملة حتى نرتقي وتنهض بلادنا وغير ذلك سيظل مجتمعنا تائها بين تعليم الشتاء والصيف ومابينهما..