نذر حرب في اليمن بتحركات عسكرية ولافتات متعددة والحوثي يستبق الإجراءات
الرأي الثالث
تتجه الأحداث في اليمن إلى حالة التأزم من جديد، وهذه المرة تأخذ منحى عسكري، وفقا للعديد من المؤشرات الراهنة.
فخلال الأيام الماضية تواصلت المواقف وتواترت المعلومات عن تحركات لعدة دول، وسط تصاعد وتيرة الأحداث في البحر الأحمر، واستمرار هجمات الحوثيين، وتراجع الموقف الأمريكي المحبط.
بريطانيا
تحضر بريطانيا كأحد أبرز الأطراف الفاعلة حاليا، وذلك من خلال الإمداد العسكري الذي تقدمه للحكومة اليمنية المقيمة في عدن، والذي تركز على مكافحة القرصنة البحرية، ودعم قوات خفر السواحل بزوارق سريعة، وتقديم دعم لوجيستي في مجال التدريب والمساعدة، وهي الخطوة التي أعلنت عنها السفارة البريطانية، وأشاد بها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي.
ويشير الدعم المقدم لقوات خفر السواحل من قبل بريطانيا، إلى أن الوضع البحري يهيمن على المباحثات بين الحكومة ولندن، التي تشارك في تحالف عسكري بجوار أمريكا في اليمن منذ أكثر من عام، وسبق أن تحركت في هذا المضمار كثيرا.
أمريكا
بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فتشعر بالإحباط تجاه هجمات الحوثيين، خاصة مع التطورات الأخيرة، وإعلان الجماعة توجيه ضربات لحاملة الطائرات الأمريكية، إبراهام لينكولين، والتي سحبتها واشنطن لاحقا، لتخلو المنطقة من حاملة الطائرات الأمريكية، للمرة الثانية منذ اندلاع المواجهات البحرية.
واشنطن بدت في وضعية التأسف، وذلك من خلال تصريحات الخارجية الأمريكية التي قالت إن رفع الحوثيين من قوائم الإرهاب منذ صعود ترمب للسلطة كان بغرض إحلال السلام في اليمن، وهي إشارة إلى أن إزالتهم لم يكن قرارا موفقا، متهمة إيران والحوثيين بافشال مساعي السلام في اليمن.
الدور الأمريكي بدا متخبطا، وينتظر الخطوات القادمة للرئيس المنتخب دونالد ترمب، لكنه في نفس الوقت واصل تحميل عدة أطراف المسؤولية، ففي حين يتهم إيران بافشال المفاوضات، يذهب أيضا لاتهام روسيا بتقديم الإمدادات للحوثيين، بما يعزز قدراتهم البحرية.
السعودية
في المقابل تتحرك السعودية في العديد من المسارات، فقد التقت الصين وإيران على طاولة واحدة، وخرجا ببيان موحد حول العديد من القضايا، وبنفس الوقت بعثت الروح في الكيانات المحلية التابعة لها، عبر إحياء الأحزاب السياسية، وتقديمها للواجهة من جيد، كالتكتل الوطني للأحزاب، وكذلك مساعيها في إعادة الروح لمجلس النواب، والتنسيق لعودة جلساته من جديد.
وواصلت الرياض الدفع بأعضاء في مجلس القيادة الرئاسي للقاء العديد من السفراء الأجانب في الرياض، وكان النصيب الأكبر لعضو المجلس عيدروس الزبيدي، الذي كثف لقاءاته مع عدة سفراء، أبزرهم سفراء السعودية، والإمارات، والهند، واليونان، وروسيا، وكوريا الجنوبية، وتركيا، وفرنسا، والصين.
الإمارات
الإمارات العربية المتحدة من جهتها كان لها حضورها اللافت، اتضح ذلك من خلال ما تردد عن مقترح تقدمت به، لتشكيل قوات دولية تؤمن الملاحة في البحرين الأحمر والعربي، بخليط من قوات عربية، ودولية، وهو ما لم تكشف عنه أبوظبي رسميا.
لكن تحركاتها العسكرية تشير إلى تواجدها في صدارة هذه الأحداث، وتؤكد المعلومات وصول طائرة عسكرية إماراتية إلى مطار عتق المحلي، بمحافظة شبوة، على متنها مسؤولين إماراتيين، فيما قال وزير النقل السابق صالح الجبواني إن الطائرة كانت تحمل على متنها أسلحة ومعدات عسكرية.
بينما عاد ممثل الإمارات في أبوظبي خلفان المزروعي إلى جزيرة سقطرى، بعد خروجها منها في العام 2019 بموجب اتفاق سعودي إماراتي على مغادرته.
جماعة الحوثي
بالنسبة للحوثيين، فقد واصلوا عملياتهم العسكرية في البحرين الأحمر والعربي، وأعلنوا تنفيذ عدة عمليات هجومية مؤخرا، أبرزها عملية استهدفت سفينة تابعة لتركيا، وهو ما دفع بأنقرة للتنديد، فيما سارع عضو المجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثي محمد علي الحوثي، لاستدارك الموقف، والتأكيد على الدور المحوري لتركيا في نصرة فلسطين.
وتستشعر جماعة الحوثي هذه التحركات، وتواصل إزائها في مواصلة الاستعدادات، خاصة في محافظة الحديدة، إذ تكشف المعلومات عن إجبار الجماعة لست قرى سكنية في مديرية الجراحي بمحافظة الحديدة، تحسباً لمعركة قادمة في الساحل الغربي لليمن، وهو ما دفع بالسلطة المحلية التابعة للحكومة في عدن للتنديد بهذه الخطوة، وإعلان رفضها.
خريطة الصراع
تتضح من هذه التحركات أن خارطة جديدة للصراع تتشكل في اليمن، وهي مناطق تماس، بين الحكومة وجماعة الحوثي، سواء كانت برية أم بحرية، وجميعها تشير إلى أن الصراع يتجه نحو الصدام المسلح من جديد، فيما تغيب الجهود الدبلوماسية والأممية، عن لجم هذه التحركات، بل إن مجلس الأمن اعتمد مؤخرا القرار الأممي الذي يمدد حالة حظر السلاح عن الحوثيين، وسبق له التنديد بالهجمات البحرية التي ينفذونها.