لا شرعية بالوصاية اليمن يحتاج إلى شراكة لا هيمنة
يحاول حزب الإصلاح من خلال خطابه الأخير أن يظهر بمظهر المدافع عن الشرعية والدستور بينما في جوهره يسعى إلى إعادة إنتاج وصايته القديمة على مؤسسات الدولة واحتكار القرار السياسي بشكل يتعارض مع مبدأ الشراكة الوطنية
يتحدث الإصلاح عن مخاطر تمرير قرارات خارج الأطر الدستورية لكنه يتجاهل أن تاريخه السياسي يقوم أساسًا على الاستئثار بالسلطة والسيطرة على الوزارات والسفارات والمؤسسات المالية وهو الحزب الذي جعل الشرعية واجهة لإدارة مصالحه الحزبية
بينما ترك المواطن يواجه الانهيار والانقسام
المفارقة أن الحزب يرفع شعار حماية التوافق السياسي في الوقت الذي فشل فيه في إدارة توافق داخلي داخل بنيته التنظيمية إذ ظل أسير قيادات مترهلة لم تتغير منذ عقود
فكيف يمكن لحزب لا يجدد نفسه أن يقود مشروعًا لبناء الدولة أو أن يكون صادقًا في دعوته للشراكة الوطنية
الرسالة التي يسوقها الإصلاح تحذر من تقويض ثقة المواطن والمجتمع الدولي غير أن المواطن فقد ثقته أصلًا بالحزب جراء فساد ممنهج وسياسات إقصائية أما المجتمع الدولي فيدرك أن الشرعية يتم استغلالها كأداة ابتزاز حزبي أكثر من كونها مشروعًا لبناء الدولة
الخطر الحقيقي الذي يهدد الدولة ليس تمرير قرارات من خارج إرادة الإصلاح بل بقاء عقلية التفرد بالحكم والوصاية على الآخرين هذه العقلية هي التي عطلت الدولة وأفقدتها قوتها أمام المليشيات والتدخلات الخارجية
وهي التي صنعت حالة الانقسام التي يدفع ثمنها اليمنيون اليوم
اليمن بحاجة إلى شراكة حقيقية تتسع للجميع وإلى إصلاح شامل يعيد الاعتبار لمؤسسات الدولة كإطار جامع لكل اليمنيين بعيدًا عن عقلية الاستقواء والهيمنة
فالشرعية لا تصان بالشعارات ولا بالوصاية الحزبية وإنما بالالتزام الصادق بمبدأ المواطنة المتساوية وتجذير التوافق الوطني وضمان مشاركة الجميع في صناعة المستقبل
* سفير بوزارة الخارجية