الأمير محمد بن سلمان…الرؤية في مواجهة التحديات

يدرك السعودون اليوم أن الهجوم الاعلامي الذي يستهدف الأمير محمد بن سلمان هو هجوم يتجاوز المفهوم الشخصي ليمتد الى عمق الدولة والدور والرؤية.

لذلك كان التفاف الشعب السعودي حول الأمير الشاب يتجاوز حدود التصور لكل من راهنوا على اسقاطه ودفن احلامه ، تلك الأحلام التي تتلخص بتحويل المملكة الى دولة قائدة ورائده في المنطقة والعالم على كافة المستويات السياسية والإقتصادية والإجتماعية.

وعلى الرغم من حقيقة الصراع حول قيادة العالم الإسلامي بين إيران وتركيا والسعودية فإن تركيا ترى أن السعودية هي المعوق الإساسي لتولي تركيا هذا الدور وإستعادة الأمجاد الوهمية المرسومة في مخيلة السلطان العثماني.

ولذلك وجدت تركيا عبر الإخوان المسلمين أن قطر هي الأداة الوحيدة التي لن تعصي للمرشد امرا ، فعملت تركيا وعبر قطر للعمل على تسخير كافة الإمكانيات الإعلامية واللوجستية للنيل من السعودية وهي جزء من خطط رسمت منذ عقود، ففشلت المحاولات التركية والقطرية وحتى الإيرانية في استهداف المملكة وزعزعتها ووصل الأمر الى المحاولات القطرية في اغتيال الملك عبدالله.

وعلى الرغم اننا اليوم لسنا بصدد ذكر المؤامرات القطرية والتركية والإيرانية ضد السعودية والتي اصبحت واضحة ومعلنه لا تقبل التأويل أو التفسير.

بيد انه من المهم أن يطلع القارئ العربي على اسوء السيناريوهات التي رسمت في اروقة الدوحة وانقرة وطهران والتي رسموا من خلالها نهايات افتراضية للملكة وبشروا من خلالها بدور تركي وايراني في قيادة العالم الإسلامي على أساس طائفي.

في 2016 كانت رسالة المخابرات القطرية لتركيا تبشر بقرب إنتهاء الدولة السعودية اذ اوجزت المذكرة شديدة السرية أن الرهان على سقوط المملكة ينطلق من عمق الخلاف بين الأسرة المالكة وعملية الإنتقال من جيل الأبناء الى جيل الأحفاد، وقدمت المخابرات القطرية شرحاً مفصلاً لما اسموه صراع الصقور في البيت الملكي ، بيد أن الصدمة لم يكن وقعها بسيطا" فما بين اشراق شمس وغروبها كان الأمير محمد قد أعاد الترتيب للأسرة الملكية وعمل على حل العقدة التي أنتظرتها ايران وقطر وتركيا كثيرا".

وأمام هذا الإحباط الذي مني به ثلاثي التأمر لم يكن لديهم سوى العودة الى الخطة "ب" القائمة على تصوير المملكة بمنبع لصناعة التطرف و الإرهاب والتشدد الديني و اتخذوا من بقية القضايا التي تلامس هموم الحريات لاسيما المرأة وسيلة لتشويه المملكة والبناء عليها.

لم يكن يدرك ثلاثي التأمر أن لدى الأمير الشاب خطة مستقبلية طموحة تتجاوز ما يرسموه في غرفهم السوداء ، فاعلن الأمير محمد إصلاحات إجتماعية و اقتصادية تتؤام مع رؤية 2030 التي يرى فيها الأمير حل جذري يتؤام مع طموحات السعوديين ويحقق نقلات نوعية تتناسب مع مركز المملكة في العالم، وبهذا فقد عمل الأمير على احباط الخطة ب ، بإصلاحات اقتصادية واجتماعية شاملة.

لم تتمالك قطر نفسها فكشفت عن وجهها الحقيقي واستدعت تركيا لبناء قواعد عسكرية والإحتماء والإرتماء في الحضن العثماني الفارسي وانكشفت سوئتها وحددت مسارها وبوصلتها واعلنت حربا" ضد الأمير محمد مستهدفة كافة الإصلاحات التي اعلنها ومستهدفة هذا الأمير الذي اجهض حلمها وحلم الأتراك.

وعلى الرغم أن قضية خاشقجي قد شكلت فرصة لقطر وتركيا في انعاش املهما بالإنقضاض على الأمير الشاب ورؤيته الطموحه ، بيد أن المملكة استطاعت وعلى مدى خمسون يوماً أن تتعامل بحكمة ودهاء لتجهض الحلم الثالث الذي حلم به اعداء المملكة.

في حقيقة الأمر أن الصراع بين المملكة وبين اعدائها سيظل قائم وستتطور ادواته مع تطور الوقت ومع اصرار الأمير الشاب في احداث نقلة نوعية في المجتمع السعودي، وسيتوقف مدى نجاح هذه المؤامرات وفشلها على وعي والتفاف المجتمع السعودي حول الأمير محمد وإجهاض كل المشاريع التأمرية.

وفي حقيقة الأمر أن قطر الجزيرة عاشت حالة وهم كبير ، فذات يوم اسقطت جمهورية الموز الليبية فسولت لها نفسها بإسقاط الدول العريقة على ذات المبدا، وعلى الرغم من فشلها في الدول العريقة كمصر وسورية و البحرين فهي لم تتعلم من الدرس ، شدت رحال خبثها الى المملكة فخارت وستخور ناقتها ، ويبدو ان عزمي وتميم لم يرتلوا بعد دعوة ابو الانبياء اذ يقول " ربي اجعل هذا البلد امنا" وارزق اهله من الثمرات"

تحتاج دول كثيرة ومن ضمنها قطر أن تعيد النظر في علاقتها الدولية مع السعودية ، فالجزيرة التي يراهن عليها عزمي وتميم لم تعد اداة فعاله بل اصبحت اداة للتهريج في ظل تطور الإعلام الإجتماعي وفي ظل الوعي السياسي العربي ، حتى تلك الأفلام المصطنعة والتسجيلات الواهية في اروقة واقبية الجزيرة لم تعد مجدية وإن استندت في تزويرها الى الواشنطن بوست.

ولاشك ان الإفراط في الخصومة وضع اعداء الامير في موقف صعب لاسيما انه استطاع تجاوز اسوء هجمة اعلامية ممنهجة سخرت لها قطر وتركيا كل الامكانات في تصور قاصر يستند الى تحليل العاطفة ويفتقر للتوازنات والمصالح الدولية.

ولست ادري ما هو الموقف الذي ستتخذه قطر والجزيرة بعد إن انكشفت حقيقة التأويل والخصومة ومن سينقذها من غضبة أمير لا عاصم لهم من غضبته الا حلمه.

وما هو موقفها وهي ترى الأمير الذي رسمت له اياما معدودة في احلامها الوردية يتجول اليوم حول العالم وسيحضر قمة العشرين وسيأتي اليه قادة العالم زرافا ووحدانا؟

وبين كل خطوة يخطوها الأمير في جولته القادمة يرسم مداميك بناء في الصرح السعودي وتنهار في كل خطوة يخطوها أحلام اعداءه ممن بنوا أحلامهم وسياستهم على بوق الجزيرة ، يحسب للامير محمد أنه أنتصر أمام اكبر هجمة إعلامية غير مسبوقة حشدت لتغييره وتشويه صورته ورؤيته والمملكة أمام العالم.

لم تغني اموال قطر التي انفقوها في تدويل خاشقجي شيئا"، فشلت الحملة كما فشلت من قبلها حملات تدويل الأماكن المقدسة ، مرة أخرى يلقن الامير درساً لقطر ليقول لها تستطيعين أن تشتري شركة متعددة الجنسيات كالجزيرة، لكنك اعجز عن صناعة تاريخ وتقلد دور قيادي او المساس بدولة تستند الى منبع الرسالة السماوية وتتربع على مساحة تعادل الفين ضعف قطر، ربما تبدو مساحة القصر الملكي بالرياض تفوق مساحة قطر الجزيرة .

في واقع الأمر أن الجزيرة وقطر واخواتها لم يدركوا بعد ، ان العالم اليوم ينظر الى المملكة من منظور قطب اقليمي وعالمي قادر على رسم السياسات الاقتصادية والجغرافية في العالم وان السيناتور الذي يصفق في اروقة الجزيرة مقابل ريالات معدودة سيختفي صوته حين يتعلق الأمر بمصالح قومية للشعوب.

بيد أن الجزيرة وقطر لم يوقنوا بعد أن العالم اصبح يدرك انه حين يحاصرك التاريخ والجغرافيا فانك ستتحول الى ما يشبه ثور هائج يبحث عن شريط اخباري مصطنع لكنك عاجز عن رسم سياسة أو تعديل خارطة او صناعة تاريخ ، فهل تعي قطر تلك المفردات؟ وهل ستدرك أن الملك عبدالعزيز يفخر في مرقده ان احد من اصلابه يقود العالم، يغير العالم ولن يتغير، شاب عمل على اجبار الدول العظمي في حيرة من التعامل معه، وبين الندية والشراكه هناك أمير لن تستطيع العوائق والتحديات ان تتغلب عليه او أن تنال من طموحه واردته ورؤيته...

عبدالعزيز أحمد