عن الإرهاب الحوثي السلطوي القبيح

لم يؤلمني أو يرهبني ما حصل لي شخصيا خلال الفترة الماضية وما قد يحصل لي في قادم الأيام، بل آلمني ويؤلمني كثيرا أن أكون سببا في أن تتعرض أسرتي الكريمة لكل هذا الكم الكبير من الضغط النفسي والارهاب السلطوي القبيح والوقح والفاجر والاستقواء الجبان، تلك السلطة التي تمن علينا كل يوم بأمن مزعوم يحمي في الواقع سلطتها وكيانها ويحصن نافذيها ويدافع عن شلل فاسديها ويلاحق وينكل بمنتقدي أخطائها الإدارية الفادحة وفسادها المالي الفاضح ومعارضي سياساتها الطائشة والصبيانية والاقصائية والتصنيفية المنغلقة على ذاتها وأفكارها الخادمة لمصالحها الذاتية ومصالح من يقف وراءها داعما لها، وينكل بكل رافض لمغامراتها العسكرية المتهورة والتي لا تقيم وزنا لمصالح الشعب اليمني أولا ولا تهتم بمعاناته المعيشية وهمومه في توفير قوت يومه، ذلك الأمن المزعوم الذي لا هم له سوى أن يدعم قيام وتفرد كيانها المذهبي الطائفي والطبقي الذي يريد أن يختزل اليمن الكبير في كينونته ذات الفكر الأوحد المتشدد والمستبد والمستورد من الخارج، ويلغي التنوع الفكري والثقافي للشعب اليمني ويصادر الحريات العامة ويرفض التعايش مع أخيه اليمني المختلف معه في الداخل، فيما يظهر كافة أشكال التسامح والتعايش والتعاطف والتكاتف والدعم مع حلفائه في الخارج فقط لأنه يتفق معهم عقائديا ومذهبيا وطائفيا وسياسيا، ويسخر مقدرات وممتلكات مؤسسات الدولة اليمنية لخدمة كيانه ونشر أفكاره ومعتقداته وشعاراته وفرض وجوده بالقوة داخل جسد الوطن اليمني.

وما وجدنا من هذه السلطة إلا الخوف والتهديد والوعيد والشتم والقذف والتصنيف والاهانة والاذلال والتجويع وتكتيم الأفواه وبتنا نتوجس من غدر سلطة تجرد أتباعها المغيبين عقليا والمحرضين طائفيا والمشحونين مذهبيا فصاروا مجرد كائنات بشرية مسيرة تجردت من كل القيم والمباديء الانسانية والعرفية والوطنية، فلقد أصبحت أنا وأسرتي المتواضعة والكريمة والشريفة والوطنية متهمون بجريمة حب هذا الوطن ورفضها بأن تكون بوقا رخيصا أو أداة تافهة بأيدي أطراف صراع مذهبية وطائفية ومناطقية باعت سيادة هذا الوطن وجعلت منه حلبة صراع لأسيادها من أجل خدمة مصالحهم وتحقيق مآربهم، وسفكت دماء هذا الشعب الكريم، وصنعت له الموت والفقر والجوع والظلم والجهل فقط من أجل تحقيق أجندات سياسية مشبوهة ومكاسب اقتصادية ذاتية وانتصارات عسكرية زائفة تخدم مصالح دول اقليمية خارجية تعبث بالسيادة اليمنية وبالمصالح العليا للشعب اليمني.

نحن كشعب يمني أصبحنا مخيرين بين أمرين أحلاهما مر وعلقم، فإما أن نكون قطيعا مغيب العقل والحواس يسير أعمى الخطى وبلا هدى وراء كيانات مذهبية وطائفية ومناطقية تمت صناعة عقيدتها ومشاريعها وأجنداتها على أيدي الخارج من أجل تقسيم هذا الوطن إلى طوائف وجماعات ومناطق متناحرة، وتفتيت النسيج الاجتماعي لهذا الشعب، وطمس هويته، وسلب ثقافته، ومصادرة حقوقه، وصبغه بلون واحد لا يقبل التعايش مع المختلف معه، ويرفض التنوع الفكري والثقافي، ويعمل على صناعة الفقر والجهل والمرض والموت لهذا الشعب وتجويعه حتى يسهل تسخيره وتجنيده لصالح هذه الكيانات المستحدثة من خلال نهب ثرواته وايراداته وتسخيرها لصالح تدعيم قيام هذه الكيانات فوق تراب هذا الوطن الغالي والانفاق على أتباعها دون بقية مواطني اليمن، وعندها يمكننا العيش كقطعان بشرية منقادة ومسيرة بلا حقوق بلا ارادة بلا حريات بلا أصوات تقتات على فتات ما يرمونه لها من صدقات واكراميات وتقدم لهم جزيل الحمد والشكر وعظيم الثناء على ذلك، وتعيش الذل والهوان والغربة داخل أرضها، وإما أن نرفض هذه الكيانات العميلة ذات الولاءات العابرة لحدود هذا الوطن العزيز وعندها سيكون مصيرنا أن نقتل أو نعيش غرباء وملاحقين داخل حدود هذا الوطن وأن نصنف بأقذع الصفات ونتهم زورا وبهتانا بالعمالة والارتزاق والخيانة ولتكون خاتمتنا الموت جوعا ومرضا وكمدا وقهرا على وطن سرق منا من قبل عصابات وجماعات عميلة لبست أثواب الوطنية ومارست العهر الديني والسياسي بمنتهى الجرأة والوقاحة، ولكن هيهات منا الذلة وهيهات أن نقبل بهذين الخيارين القبيحين، فهذا عند شعبنا العزيز غير وارد.

مهما حصل لي فسأظل على عهدي صابرا وصادقا ومؤمنا ومدافعا عما تربيت وحييت لأجله من قيم وطنية نقية ومباديء انسانية أصيلة، متسلحا بقيم التسامح والتعايش والمحبة مع كل أخواني اليمنيين لأن أمنا واحدة وهي اليمن، وسأظل أقول بكل ثقة وايمان بأن جميع أطراف الصراع في اليمن هم مجرد عملاء للخارج وهم أحذية في أقدام أسيادهم، أما الفرق الوحيد بينهم أن ايران تحسن تلميع أحذيتها فيما تسيء السعودية والإمارات وغيرها إلى أحذيتها كثيرا، وفي الأخير يبقى الحذاء حذاء سواء كان ملمعا أو مغبرا، فهم جميعا مجرد أحذية في أقدام أسيادهم يذهبون معهم حيثما شاؤا بلا ارادة ولا كرامة، ويتصالحون متى ما تصالح أسيادهم، ولا خير فيهم جميعا، والجميع بدورهم هم أيضا مجرد أحذية في أقدام أسيادهم الكبار في هذا العالم كل بحسب مقاس وحجم أقدام سيده.

وكما قلت مرارا وتكرارا في منشوراتي السابقة بأننا كشعب يمني لن نقبل بأن يحكمنا السيء وينهب ايراداتنا وثرواتنا وحقوقنا ويصادر حرياتنا في محافظات الشمال لأن هناك من هو أسوء منه يحكم ويسرق ثروات محافظات الجنوب، لأن هذا هو تماما ما يريده المخطط الخارجي ويسعى إلى تحقيقه منذ البداية على أيدي هذه الكيانات المرتهنة للخارج لذلك سنقول لهم جميعا: سترحلوا عنا طال الزمان أو قصر.

يا أطراف الصراع المرتهنون لوصاية الخارج  أنتم جميعا دخان عابر وغبار عافر وتاريخ أسود يلطخ جبين اليمن الطاهر، ووالله لو امتلكتم صواريخ وأسلحة العالم أجمع فلن ترهبونا فأنتم أوهن وأوضع ولأسيادكم الخارجيين أخضع وأخنع، وما كل هذه العروض العسكرية إلا معارض عسكرية افتتحها لكم أسيادكم فوق أرضنا بأموالنا ودمائنا لحماية كياناتكم الواهنة ولخدمة مصالحهم القذرة فقط وليس لحماية أرضنا الغالية ومصالح شعبنا الكريم، إنها حشودكم الطائفية المقدسة للفرد ذات الولاءات الشخصية الضيقة والإنتماء الطائفي والمناطقي المريض والعقيدة المذهبية المتعصبة الكاذبة على الله وليست جيش اليمن الوطني الذي يحمي الشعب ويدافع عن مصالح الوطن، إنها الدولة العميقة الخادمة للخارج والتي تبنونها كطفيلي يقتات ويعتاش على ثروات الدولة اليمنية وحقوق الشعب ويمتص دماء الشعب بكل قبح ووقاحة، فالأمن لكم لحماية كراسيكم وتوطيد سلطتكم وارهاب معارضيكم والخوف والجوع والفقر والظلم والموت للشعب اليمني ولكل من يفضح أجنداتكم ويرفض ظلمكم وفسادكم وطغيانكم ومشاريعكم الطائفية والمذهبية والمناطقية المريضة.

المجد والعزة والفخر والسؤدد لكل يمني أصيل شريف يعيش صابرا ومكافحا فوق هذه الأرض الطاهرة ويرفض أن يبيع نفسه لهذه العصابات والجماعات المتناحرة فيما بينها خدمة لأسيادها في الخارج، ويعتز بيمنيته وحضارته وأعرافه وثقافته الأصيلة وسيادة وطنه العظيم، وليكن شعارنا جميعا (اليمن أولا)، وعلينا كشعب يمني أصيل أن نرفض حكم سلطات الأمر الواقع وأن نرفض أحكامها الجائرة وكل محاولاتها البائسة لطمس هوية الشعب اليمني وثقافته وتجريف الدولة اليمنية ودستورها وقوانينها، علينا أن نعلن بكل فخر وشجاعة عصياننا المدني ورفضنا لأجندات ومشاريع وقوانين كل أطراف الصراع التي تحكمنا قهرا وغصبا وعدوانا هذا إن كنا عازمين وصادقين بالفعل على استرداد وطننا من هذه الكيانات الهجينة ذات الولاءات العابرة للحدود.

سأظل أكرر بأن الحل الوحيد لخروج اليمن من هذا النفق المظلم هو من خلال التحرك الجاد والصادق والعاجل لكل شرفاء هذا الوطن وما أكثرهم من أجل انقاذ السفينة اليمنية من الغرق في أوحال ومستنقعات المذهبية والطائفية والمناطقية والكهنوتية ومشاريع العبودية والطبقية والتخلف والعمالة المغلفة بشعارات وطنية أو دينية خادعة، وهذه دعوة صادقة مني لكم جميعا يا شرفاء وأحرار اليمن من أجل الجلوس والتشاور والتحاور داخل حدود هذا الوطن وابداء الرأي علانية أمام الشعب اليمني لبحث امكانية تأسيس كيان سياسي وطني جامع لكافة الشرفاء الوطنيين من أبناء هذا الوطن الكبير الرافضين لعبث أطراف الصراع وعمالتهم وتبعيتهم للخارج وتسخيرهم لليمن من أجل تحقيق مصالح دول اقليمية وعالمية، هذا الكيان لابد له من أن يتشكل داخل رحم الأرض اليمنية وأن يتغذى من ثقافتها ويتشرب من تراثها الحضاري ليقدم مشروعا وطنيا يمنيا جامعا وقادرا على تقديم حلول واقعية لانقاذ الوطن وليضع حدا لمعاناة الانسان اليمني الأصيل ويكون قادرا على أن يوصل كلمة ورغبة الأكثرية من أبناء هذا الشعب لهذا العالم ويؤسس لقيام الدولة اليمنية المدنية الحديثة بعيدا عن المتاجرين بالدين وبالشعارات المزيفة والكاذبة والتي دمرت هذا الوطن وستظل تجلب له الدمار طالما بقيت تتاجر بسيادة هذا الوطن وتتنافس فيما بينها لفرض وصايات دول خارجية على هذا الشعب، لابد لهذا الكيان الوطني الجامع أن يؤكد للداخل قبل الخارج بأن أطراف الصراع لا تمثل هذا الشعب اليمني العظيم وبأن اليمن بلد يلتزم بسياسة النأي بالنفس و بالحياد التام عن كافة الصراعات الاقليمية والدولية وبأن معركته الأساسية والمصيرية والوحيدة هي معركة بناء الانسان اليمني وتوفير المعيشة الطيبة والمحترمة لكافة أبناء هذا الشعب الكريم ومحاربة كافة أشكال الظلم والفساد وتحقيق العدالة الإجتماعية للجميع ومنح الحريات الدينية والفكرية والسياسية وتحرير السيادة اليمنية من كافة أشكال التبعية للخارج وتقديم مصالح الوطن اليمني فوق أي مصالح أخرى تحت شعار اليمن أولا.

والمعذرة منكم جميعا على الاطالة والله ثم الوطن والشعب من وراء القصد.

الدكتور إبراهيم الكبسي