Logo

متحف اللوفر يكشف ملامح "اليمن المنسي" ويعيد إحياء أسطورة العربية السعيدة

 يقدّم متحف اللوفر في باريس، بالتعاون مع متحف "الحياة الخيرية" في مرسيليا، معرضًا جديدًا يسلّط الضوء على تاريخ اليمن القديم وروابطه البحرية مع أوروبا، في وقت يعيش فيه البلد واحدة من أسوأ أزماته الإنسانية والسياسية.
 
ونشرت التايمز تغطية عن هذا المعرض والذي جاء بعنوان «عدن – مرسيليا: من ميناء إلى آخر»، مجموعة من الكنوز الأثرية النادرة التي تعود إلى الحقبة الممتدة من القرن الثامن قبل الميلاد إلى القرن السادس بعد الميلاد 

 حين كانت جنوب الجزيرة العربية تُعرف باسم العربية السعيدة وتشتهر بازدهار الزراعة والتجارة والبخور والمرّ، إضافة إلى الإرث المرتبط بأسطورة ملكة سبأ.
 
القائمون على المعرض يؤكدون أن الرسالة ليست تاريخية فقط، بل سياسية أيضًا. فالمعرض يبرز الروابط القديمة بين ميناء عدن ونظيره في مرسيليا، من خلال حركة البضائع والمهاجرين والتحف التي عبرت بينهما عبر القرون، في محاولة لمواجهة خطاب اليمين المتطرف في فرنسا الذي يعتبر الهجرة الأفريقية تهديدًا للهوية الأوروبية.
 
وقالت آن بلانشيه، أمينة متاحف مرسيليا، إن الهدف هو “إظهار الروابط العميقة بين المدينتين والتي لا تزال حية حتى اليوم”.
 
تعزّزت الحركة الأثرية بين اليمن وأوروبا بعد احتلال بريطانيا لعدن عام 1839، حين بدأت القطع تصل إلى لندن وباريس وروما وبرلين وميونيخ، وتكشف وثائق المعرض عن وصول عشرات القطع إلى مرسيليا أواخر القرن التاسع عشر، بينها نقوش حجرية وشواهد قبور ومذابح بخور، اكتُشفت لاحقًا في أحد المستودعات، بعضها يعود إلى القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد.
 
القطع المعروضة - ومن بينها مصابيح نحاسية، نقوش سبئية، عروش من المرمر، ومباخر من الحجر الجيري - تروي حقبة بلغت فيها ممالك جنوب الجزيرة العربية أوج قوتها، واستطاعت مقاومة النفوذ الروماني، بينما كانت القوافل التجارية تمر عبر أراضيها محملة بالبضائع القادمة من أفريقيا والهند.
 
لكن المعرض يذكّر أيضًا بالتهديدات التي يتعرض لها التراث اليمني اليوم، سواء بسبب نهب الآثار، أو تدمير الجماعات المتطرفة، أو الأضرار الناتجة عن الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد.
 
وبحسب الأمم المتحدة، خلّفت الحرب بين جماعة الحوثي المدعومة من إيران والتحالف الذي تقوده السعودية نحو 400 ألف قتيل، و4.5 مليون نازح، و 18.2 مليون محتاج للمساعدات الإنسانية،

 فضلًا عن انتهاكات واسعة وثّقتها منظمات حقوقية، تشمل القتل والاغتصاب والتعذيب من مختلف الأطراف، إلى جانب الهجمات الحوثية المتكررة على السفن في البحر الأحمر.
 
ويخلص التقرير إلى أن اليمن، الذي كان موطنًا لملكة سبأ واللبان والمرّ، بات اليوم بلدًا منكوبًا، وأن هذا المعرض يقدّم نافذة نادرة على حضارة مهددة بالاندثار، ويذكّر العالم بما كان عليه اليمن قبل أن يغرق في أتون الحرب.