عقيدة الحشاشين والرومي.. استثناء سينمائي يتحدى صورة المسلمين بالغرب
القاهرة – الأناضول
في تحدٍ للصورة النمطية التي يحاول ساسة غربيون وبعض الشرقيين إلصاقها بالمسلمين باعتبارهم مصدرًا للإرهاب وشعوبًا بلا حضارة حقيقية، ينطلق اليوم الأربعاء، العرض الأول لفيلم “عقيدة الحشاشين”، بينما يبدأ تصوير فيلم “الرومي” في 2017.
وجاءت تصريحات كاتب السيناريو لفيلم “الرومي”عن شخصية “مولانا” كشاعر وفيلسوف إيجابية، فيما يطرح “عقيدة الحشاشين” جماعة الحشاشين ذوي الأصول المسلمة باعتبارهم “الأخيار” في الفيلم مقابل “فرسان الهيكل” ذوي الأصول المسيحية باعتبارهم الأشرار.
وينطلق العرض الأول لـ”عقيدة الحشاشين”، اليوم، في كل من الولايات المتحدة ودبي.
وكلمة “الحشاشين” لا يقصد بها متعاطوا الحشيش والمخدرات كما يبدو للوهلة الأولى، بل هي كلمة مشتقة عن الفرنسية “Assassins”، والتي تعني “القتلة”، والتي ألصقها الغرب بفرقة إسماعيلية انشقت عن الفاطميين، وكانت تدرب رجالها على الاغتيالات.
ويعتبر “عقيدة الحشاشين” أو “Assassin’s Creed”، من الأفلام القليلة المأخوذة عن ألعاب الفيديو، حيث تمزج لعبة الحشاشين بين الحركة والمسايفة، بالإضافة إلى الهروب والاختباء في حالة ما إذا حوصرت بقوات كثيرة.
وتقام اللعبة على أرض مفتوحة مزدحمة بالناس والأسواق والشوارع الضيقة القديمة والمعالم التاريخية المشهورة، وتحوي في طياتها قصة تجمع بين الخيال العلمي وعصور قديمة، يتنقل من خلالها بطل اللعبة إلى الماضي عبر آلة الزمن التي تسمى “أنميس″.
ويحكي Assassin’s Creed (إنتاج فرنسي أمريكي) قصة كلوم لينش أو(مايكل فايسبندر) الذي كان ينتظر حكما بالإعدام، ويفاجأ بعد يوم من إعدامه بظهور سيدة تحمل اسم صوفيا راكين (ماريون كوتيارد) وتبين لاحقاً أنها تعمل لحساب منظمة مشبوهة.
ويكتشف لينش، باستخدام تقنية فائقة التطور، أنه ينحدر من سلالة “الحشاشين” السرية، وهي فرقة اغتيال نشأت ما بين القرنين الـ 11 والـ 12 الميلادي، ينتمي أتباعها إلى الطائفة الإسماعيلية ممن انفصلوا عن الفاطميين، وكونوا مجموعات ترتكب أعمال القتل لتحقيق أهدافها.
ويعود لينش، بالزمن ليعيش مغامرات جده “اغويلار” في القرن الـ 15 الميلادي في إسبانيا، ويستطيع الحصول على المعرفة والمهارات القتالية الفائقة ويعود إلى الزمن الحالي ليقضي على الطاغية قائد جماعة “فرسان الهيكل” الذي كان ينوي القضاء على “الحشاشين”.
ويدورالصراع حول محاولة “فرسان الهيكل” الحصول على قطعة أثرية مهمة تحمل اسماً عربياً “Pieces of Eden” (قطع من عدن) تخص أجداد لينش.
وفرسان الهيكل؛ جماعة مسيحية متطرفة وتعد من أقوى التنظيمات العسكرية السرية التي ظهرت مواكبة للحرب الصليبية.
غير أن هناك رؤية مخالفة لتصور الفيلم الذي يتحدث عن صراع بين الحشاشين وفرسان الهيكل، حيث يرى الكاتب في موقع بوابة “نون” غزلان الدحماني، أن طائفة الحشاشين تواطأت مع الحملات الصليبية.
ويقول الدحماني، في هذا الصدد: “مما يؤكد تعاون الحشاشين مع الصليبيين، هو عدم وقوع صليبي واحد من الغزاة أسيرا في أيديهم أو مقتولا بسلاح أحدهم. كما أن حاكم الموصل السلجوقي الذي حضر إلى دمشق قاتلهم لمساعدة إخوانه المسلمين في رد هجمات الصليبيين”.
وأضاف أن الحشاشين قاموا “بتسليم قلعة بانياس، ولجوء قائدها إسماعيل، إلى الصليبيين حيث مات عندهم، ناهيك عن اشتراك كتيبة من الإسماعيليين مع الصليبيين في أنطاكية بعد أن احتل نور الدين (زنكي) مدينة حلب”.
فيلم “مولانا”.. يتحدى الصورة السلبية عن المسلمين في الغرب.
وعلى غرار “عقيدة الحشاشين”، يحاول الفيلم الأمريكي “مولانا” تحدي الصورة النمطية السلبية التي تقدمها السنيما الغربية عن المسلمين، وتقديم صورة إيجابية عن أحد شيوخ الصوفية البارزين؛ مُمَثلا في الشيخ “جلال الدين الرومي”.
حيث جاءت تصريحات كاتب السيناريو لفيلم “الرومي”، عن شخصية “مولانا”، كشاعر وفيلسوف إيجابية.
وأكد السيناريست الحاصل على أوسكار ديفيد فراونزوني، ترشيح النجم الهوليوودي ليوناردو دي كابريو، لتجسيد دور “مولانا”.
إلا أن حملة من آلاف المغردين طالبت باستبعاد دي كابريو، واختيار ممثل شرقي لأداء الدور، ما أدى إلى تراجع دي كابريو، وفريق الإنتاج والسيناريست أيضا، وإن لم يتراجع الأخير عن كتابة السيناريو.
وقالت صحيفة “الغارديان” البريطانية في يونيو/حزيران الماضي، إن فرانزوني الذى كتب سيناريو فيلم “غلاديتور (المصارع)” عام 2000، وحقق نجاحا واسعا، والمنتج ستيفين جويل براون، قالا إنهما يريدان تحدى الصورة النمطية عن الشخصيات المسلمة فى السينما الغربية، وذلك من خلال تسليط الضوء على حياة الباحث الصوفى العظيمة.
ويقول فرانزوني، للصحيفة نفسها: “(الرومى) مثل شكسبير، فهو شخصية لديها موهبة ضخمة وقيمة كبيرة لدى مجتمعه وشعبه، ومن الواضح أنه لا يزال يتمتع بصدى واسع حتى اليوم، وهؤلاء هم دائما من يستحقون الاكتشاف”.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن رغبة المنتجين فى أن يبدأ تصوير الفيلم في 2017، لذا زار كل من فرانزوني وبراون، إسطنبول لمقابلة الخبراء فى هذا الشأن، كما زارا ضريح الصوفية فى مدينة قونية وسط تركيا.
ونقلت عن فرانزوني قوله: “المشروع شيق للغاية، ولكنه تحدٍ، وهناك العديد من الأسباب للقيام بمنتج مثل هذا الآن، وأعتقد أن هذا عالم ينبغى أن نتحدث له؛ والرومي شهير للغاية فى الولايات المتحدة، وأعتقد أن هذا سيمنحه وجه وقصة”.
وترك الرومي، تراثا غنيا فى التصوف وفى الشعر الصوفي، وترجمت أجزاء كتابه “مثنوي” إلى معظم اللغات العالمية.
ويشير فرانزوني إلى أن ما دفعه إلى مشروع تناول حياته فى فيلم سينمائي “هو تأملاته التى ظلت صالحة فى التعامل مع هموم الإنسان المعاصر”.
ومولانا جلال الدين الرومي، من أهم المتصوفين في التاريخ الإسلامي، حيث أنشأ طريقة صوفية عرفت بـ”المولوية”، وكتب كثيرًا من الأشعار، وأسس للمذهب “المثنوي” في الشعر، وكتب مئات الآلاف من أبيات الشعر عن العشق والفلسفة.
وولد الرومي، في مدينة بلخ بخراسان (شمال شرق إيران حاليا)، في 30 أيلول/سبتمبر 1207، ولقب بسلطان العارفين لما له من سعة في المعرفة والعلم، استقر في قونية، حتى وفاته في 17 كانون الأول/ديسمبر 1273، بعد أن تنقل طالبا العلم في عدد من المدن أهمها دمشق.