اللغة المهرية حضارة الماضي وحداثة المستقبل

اللغة المهرية هي لسان قبائل المهرة أينما وجدوا، ولهم فيها أشعار ضمت ألوانا من القصائد الشعرية المختلفة ، وتعيش قبائل المهرة في منطقة جغرافية ممتدة من موطنها الاصلي في محافظة المهرة شرق اليمن وامتدت اللغة المهرية الى اغلب المناطق والدول المجاورة. 

لقد نشأ وتربى قبائل المهرة على لغتهم وحافظوا عليها بإنعزالهم وانغلاقهم استطاعوا ان يجعلوا للغة المهرية مكانة قوية يبحث ويغوص في تفاصيلها الكثير من المهتمين والمستشرقين من مختلف اصقاع العالم 

وهي ليست بلهجة كما يتراود الى اذهان البعض ولكنها لغة مهرية سامية ليست وليدة اليوم بل هي أصالة ثقافية وحضارية منفردة وتاريخ عريق يمتد من الآف السنيين. 

تمتلك المهرة ثروة تاريخية كبيرة تتمثل في موروثها الحضاري والثقافي العريق الأمر الذي جعلها تزخر بالكثير من العادات والتقاليد، ولاتزال محافظة المهرة حاضرة بثقافتها وتاريخها العريق من خلال محفظتها على لغتها المهرية الأصيلة التي حافظ عليها أبناؤها جيلًا بعد جيل محافظين بذلك على هويتها وأصالتها التاريخية العريقة وهذا ماجعلها باقية الى يومنا هذا. 

وبدون اي منهج دراسي خاص بها هي لغة تم الحفاظ عليها من قديم الزمان بين الرجال والنساء وحتى الاطفال وتداولوها جيلا بعد جيل بطريقة ارتجالية فيما بينهم، وما زالت نقوش الماضي موجودة في جبال وكهوف المهرة حيث تعد خير شاهد ودليل على العمق اللغوي الذي تتمتع به اللغة المهرية والقصائد الأدبية منذ قديم الزمان ويتم تناقلها جيل بعد جيل والكثير من الاشياء التي تحتوي هذه اللغة يجعلها جبلا شامخا في وجه كل من حاول أن يطمس الهوية المهرية او ينفي وجودها

وهناك علاقة قوية بين اللغة المهرية واللغة الحميرية لغة مملكة حمير القديمة في اليمن تجمعهما علاقة متينة وهذا ما تم اكتشافه من خلال إجراء عدة بحوث ورصد النقوش الحميرية في المناطق التي تتحدث المهرية .

وتنتشر اللغة المهرية بشكل كبير في شبة الجزيرة العربية والدول المجاورة مثل منطقة ظفار في سلطنة عمان وكذلك الكويت والامارات وتمتلك اللغة المهرية حضورا بارزا في المملكة العربية السعودية فهنالك نحو 20 ألفًا من أبناء السعودية يتحدثون اللغة المهرية ينحدر أغلبهم من قبيلة المهرة اليمنية المنتشرة في المملكة لاسيما في الجزء الجنوبي من صحراء الربع الخالي حيث يسكن أغلبهم في عدة مناطق مختلفة من السعودية 

ولمكانة اللغة المهرية وعراقتها بذلت جهود جبارة من قبل مركز اللغة المهرية لدراسات والبحوث والذي عقد بدوره العديد من الندوات وورش العمل التي بموجبها تم بلورة فكرة إنشاء هذا المركز البحثي حيث سمي بمركز اللغة المهرية للدراسات والبحوث وتم تأسيس المركز في عام 2017 

وحينها أصبح مركز اللغة المهرية لدراسات والبحوث صرحا فريدا في منطقة جنوب شبه الجزيرة العربية حيث أرسى المركز منذ تأسيسه معايير جديدة للتميز والكفاءة في الدراسات البحثية في المجالات اللغوية والثقافية والفكرية.

وحرصا من مركز اللغة المهرية لدراسات والبحوث تم اقرار نظام كتابي للغة المهرية ولأول مرة يتم إطلاق الكيبورد المهري في منصات نظام تشغيل الأندرويد كخطوة هامة للحفاظ على اللغة المهرية من الاندثار وفعليا اعتماد الكيبورد بالأحرف المهرية من قبل مركز اللغة المهرية للدراسات والبحوث بناء علی الورشة العلمية ولجنة تحديد النظام الكتابي 

وقد حظيت اللغة المهرية بإهتمام عالمي كبير حيث أرسل لها الباحثون من عدة دول أوروبية لمعرفة سر اللغة المهرية ففي عام 1983 أوفدت جامعة السوربون الفرنسية الباحث أنطوان لونيه والباحثة ماري جان سيمون لفك رموز هذه اللغة وإعداد قاموس كامل لها

إلا أن الباحثين اكتشفوا أن الحروف والصوتيات الموجودة فيها غريبة ومختلفة عن الحروف العربية وهي نادرة في لغات شعوب العالم.

 قراءة : سحر درعان