"هيلين لاكنر" تصدر كتابها الجديد عن النزاع في اليمن

مع الأيام الأولى من العام 2023 صدر كتاب  في لندن  للكاتبة هيلين لاكنر  Helen Lackner. عن دار  روتليدج Routledge .

(اليمن الفقر والنزاع) يعطي وصفًا واضحًا للتاريخ والسياسة والصراعات وطبيعتها مع الكثير من التفاصيل التي لم تنشر من قبل. الكاتبة هيلين لاكنر، فرنسية مقيمة في بريطانيا، تخصصت في الشأن اليمني. عرفت بأرائها السياسية شديدة الحدة.  

الكتاب يبدأ بمقدمة موجزة عن اليمن للقراء الذين ليس لديهم إطلاع كاف عن الديموغرافيا والكتل السياسية التي شاركت في حكم البلاد خلال العقود الستة الماضية.

لكن أولئك الأكثر دراية باليمن سيجدون أن الكتاب يستحق الاحتفاظ به لأغراض مرجعية. هناك فهرس يحوي سبع صفحات من المراجع التاريخية النادرة من عصور ما قبل التاريخ  وحتى الوقت الحاضر .

أربعة فصول رئيسية حملت سرديات الكاتبة عن ستة عقود لها أهميتها الخاصة في تاريخ اليمن.

الفصل الأول، حول تشكيل الدولة، تناول بإقتضاب تاريخ اليمن الضارب في القدم، وصولا الى حكم الأئمة شمالا، والتواجد البريطاني في عدن والمحميات جنوبا. ركز هذا الفصل بشكل أساسي على الفترة التي تلت انسحاب بريطانيا من جنوب اليمن. والصراع بين الشمال والجنوب. الوحدة اليمنية. حرب الإنفصال عام 1994 وما بعدها.  

ينتهي الفصل الأول بالتساؤل عما إذا كانت الدولة اليمنية موجودة بالمعنى الحقيقي للمصطلح كدولة.  

وتجيب الكاتبة هيلين لاكنر  برأي مفاده أن الأنظمة المتعاقبة في اليمن شماله وجنوبه، على الرغم من ميولها الإستبدادية، لم تظهر  أي قدرة على الديمقراطية ولا على الديكتاتورية بمعناهما الأوسع، إنما غلبة المصالح الاجتماعية والاقتصادية لفئة القبائل والمناطق التي حكمت ومن تحالف معها.

بقية فصول الكتاب تناولت فيها هيلين لاكنر  التشرذم السياسي في اليمن. أحزاب اليمن السياسية، وتحدثت عن النزعة الثيوقراطية للحركة الحوثية، كما أشارت وبدرجة أقل الى النزعة الانفصالية جنوب اليمن.  

تكتب هيلين لاكنر " فشل اليمنيون في تطوير نظام سياسي قادر على التعامل السلمي والمفاوضات أو الانتخابات لمعالجة الخلافات السياسية أو تعزيز البرامج السياسية".  

وتضيف السيدة لاكنر " معظم المنظمات السياسية والجماعات العسكرية متحالفة مع كتلة أو أخرى من النخب المتنافسة وتدافع عن مصالحها، أكثر من تقديمها مصلحة البلاد عبر  برامج إقتصادية، إجتماعية، وسياسية تخدم عامة اليمنيين وتعالج قضاياهم الملحة ".  

الكاتبة هيلين لاكنر تحدثت عن أهم التحديات الخطيرة من وجهة نظرها "تواجه اليمن أزمة اقتصادية مروعة.  الموارد الطبيعية المحدودة جنبًا إلى جنب مع النمو السكاني السريع تشكل بذورا  للنزاعات المستقبلية".

لم تغفل الكاتبة تأثير التغير المناخي على اليمن تكتب: "من المرجح أن يحدث تغير المناخ  تفاقم المشاكل في اليمن إن شحة المياه هي المشكلة الرئيسية طويلة الأمد في البلاد"، مشيرةً إلى أن ثلث المياه الموجودة في اليمن تأتي من طبقات المياه الجوفية الأحفورية غير المتجددة.  لا يتم توزيع الموارد المائية بالتساوي ، لذلك "إذا كان معظم البلاد سيبقى صالحًا للسكن، يجب أن تكون هناك سياسات جادة لإدارة أزمة المياه".  

نظرة ليس فيها الكثير من التفاؤل حملتها كلمات هيلين لاكنر في نهاية الكتاب "عندما تنتهي الحرب في نهاية المطاف ، ستحتاج عملية إعادة الإعمار إلى الكثير من الدعم الدولي، لكن إحتمالية الإستفادة من ذلك الدعم مستبعدة". وتختتم  "إن معظم العالم ينظر إلى اليمن بصفته بلدا ذو أهمية محدودة.  وغالبا مايلفت الانتباه اليه أخباره غير السارة ".

د. خالد عبد الكريم