سحر كأس العالم يطغى على آلام الحرب المريرة في اليمن

 تراجع تأثير الحرب أمام سحر كأس العالم لكرة القدم وارتفعت مؤشرات البهجة في اليمن، لتصنع الرياضة حالة نادرة من السعادة التي طغت على آلام الصراع المرير.

ووضعت مدن يمنية، بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة، شاشات عملاقة في الساحات والشوارع الرئيسية لمشاهدة مباريات النهائيات المقامة في قطر، مما ساهم في أن ينسى اليمنيون، ولو مؤقتاً، آثار ومآسي الحرب في بلدهم الذي مزقه الحرب منذ ثماني سنوات.

حوّل اليمنيون ساحاتهم وحاراتهم ومنازلهم إلى أندية مصغرة لأشهر بطولة في العالم، إضافة إلى المبادرات الرسمية والشعبية في العاصمة صنعاء وباقي المحافظات اليمنية.

على الرغم من غياب المنتخب اليمني عن البطولة، إلا أن مونديال كأس العالم استحوذ على عقول وقلوب ملايين اليمنيين الذي ينتظرونه بشغف كل موسم، لكن هذا الموسم ازداد نتيجة فوز منتخب ناشئي اليمن العام الماضي.

ويحتل اليمن المركز 155 في تصنيف الاتحاد الدولي (الفيفا) بين 211 دولة، ولم يسبق له التأهل إلى نهائيات كأس العالم.

تجاوز المعاناة

في الوقت الذي يبحث فيه اليمني عن تذاكر السفر للعلاج خارج بلاده بسبب الحصار المطبق الذي يفرضه التحالف عليه منذ سنوات، وفي ظل العزلة الظالمة، تصدّر مشهد مونديال العالم لهذا العام المقام في قطر، وجلب المونديال إلى أرضه وكأن الدوحة صنعاء.

وكيل قطاع الشباب في وزارة الشباب والرياضة، عبد الله الرازحي يقول : "في وقت مبكر استعد الجانب الرسمي للحدث العالمي الرياضي، فقد بادرت الوزارة إلى تجهيز 50 موقع عرض، ووضعت الشاشات العملاقة في 15 محافظة لمشاهدة البث المجاني المباشر لكل مباريات البطولة".

ويضيف الرازحي: "حرصنا في وزارة الشباب على تيسير حصول الشباب والرياضيين والمتابعين للرياضة من كل أفراد المجتمع على فرص مشاهدة منافسات كأس العالم في قطر 2022، فمن حق المواطن اليمني أن يتابع كل الناشطات الرياضية، وفي مقدّمها منافسات كأس العالم، وتجاوز المعاناة التي سببنها الحرب والحصار المفروض عليه منذ ثماني سنوات من قبل التحالف، الذي استهدف كل مقدرات اليمن، ودمّر المنشآت الرياضية والشبابية، وسعى إلى تعطيل الحياة العامة".

ويؤكد نائب مدير مكتب الشباب والرياضة في أمانة العاصمة صنعاء والمسؤول عن توزيع الشاشات الكابتن، محمد أبو عسكر، أن "الوزارة وزّعت الشاشات العملاقة في كل من صالة نادي أهلي صنعاء، ونادي 22 مايو، ونادي العروبة، ونادي شعب صنعاء، ونادي وحدة صنعاء، وملعب الظرافي، وفي مسرح الهواء الطلق في سائلة صنعاء القديمة، وأمام قسم شرطة الوحدة في مديرية شعوب وساحة شميلة في مديرية السبعين".

ويشارك الجانب الخاص تجهيزات الجانب الرسمي لمونديال كأس العالم، إذ قام ملاك المتاجر الإلكترونية والمقاهي ومتاجر المواد الغذائية والمولات والفنادق والمسارح بتجهيز محالّهم وأدواتهم لبث المباريات مجاناً أو في مقابل رسوم رمزية.

يقول أبو عسكر : "إن عدد الاستراحات الخاصة المدفوعة برسوم رمزية التي تشرف عليها وزارة الشباب والرياضة تقارب 80 استراحة، وقدمت شركة هائل سعيد أنعم ثلاث شاشات عملاقة، وشركة توقيذر للتسويق والأعلان شاشتين عملاقتين".

نجوم يمنية

تصدّر اليمني عبد الرقيب حلبوب اليافعي في أول أيام كأس العالم في قطر مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم الكمبيوتر الرياضي، وأطلق عليه الموسوعة الرياضية التاريخية و"غوغل" المونديال، وأصبح ترنداً عربياً، لكونه يحفظ معلومات رياضية خاصة بكأس العالم منذ تأسيسها، وعن لاعبيها وحكامها وأماكن إقامتها.

وبرز كذلك عدد من النماذج والنجوم الكبيرة، أمثال العازف الإيقاعي، ملاطف الحميدي، الذي استضافته قطر ليكون سفير اليمن إلى قائمة الثقافة العربية وضمن نخبة من مشاهير العالم، وخصوصاً في الوطن العربي، وهو استغل وجوده في قطر للتعريف بالفن اليمني وبالتراث والعادات والتقاليد اليمنية. واللافت ارتداؤه المتواصل الزي اليمني.

وفي الجانب الفني، برزت أغنية "قناديل السماء" (Light The Sky) إحدى أغاني المونديال المعتمدة التي شاركت فيها الفنانة اليمنية، بلقيس أحمد فتحي، وهي تحتفي بالحكام السيدات اللواتي سيشاركن في إدارة مباريات المونديال.

الشقيقان الكابتن عمار وعمرو العنسي، انطلقت رحلتهما في الـ 10 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، واستغرقت أكثر من شهر، بعدما قطعا مسافات شاسعة بالدراجة الهوائية للوصول إلى العاصمة القطرية الدوحة والمشاركة في لغة الشعوب وتوحيدها،كما يقول الكابتن عمار العنسي، حيث العرس الكروي الكبير المتمثل في المونديال.

للنحات اليمني الرسام، يعقوب هبشان، طريقة فريدة في مشاطرة العالم فرحته بالمونديال، إذ نحت ورسم نسخة مطابقة لكأس العالم من خشب عود شجر الآثل الصلب.

ويقول هبشان إن الفكرة ليست وليدة اليوم، "فقد نحت كأس الخليج وكأس العرب وكؤوساً أخرى، وتزامناً مع مونديال كأس العالم في قطر، قدمت هذه الفكرة التي استمرت أربعة أشهر بأدوات تقليدية وإمكانيات يسيرة".

هاشم طه - الميادين نت