Logo

تقلبات خليجية في الاستثمارات بالسندات الأميركية

 تشير البيانات الصادرة خلال الأشهر الأولى من عام 2025 من وزارة الخزانة الأميركية إلى تحولات في حجم استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في سندات الخزانة الأميركية، مع بروز اختلاف واضح بين الدول حسب مراكزها الاستثمارية العالمية، خاصة السعودية والإمارات باعتبارهما الأكثر استثمارا في أدوات الدين الأميركية بين دول الخليج الست.

وأظهر تقرير الوزارة بشأن الدول الحائزة للسندات الدولية أن قيمة حيازات السعودية انخفضت إلى حوالي 126.4 مليار دولار في شهر فبراير/شباط الماضي، بانخفاض 481 مليون دولار مقارنة بشهر يناير/كانون الثاني.

وهذا الانخفاض هو الثاني تواليا على أساس شهري منذ بداية العام، بعد أن قلصت المملكة حيازتها في يناير بنحو 10.6 مليارات دولار، ليصل إجمالي الخفض خلال أول شهرين إلى 11.1 مليار دولار.

وعلى أساس سنوي، تقلصت الحيازات السعودية بنسبة 3.6% ما يعادل 4.7 مليارات دولار مقارنة بفبراير/شباط 2024، ما يعزوه مراقبون إلى إعادة توازن المحافظ الاستثمارية في ظل تقلبات الأسواق العالمية ومخاوف الدخول في حالة ركود اقتصادي.

في المقابل، ارتفعت الحيازة الإماراتية بمقدار 27.3 مليار دولار على أساس شهري، وبنسبة تصل إلى 29.5%، وهو أعلى مستوى تاريخي لها، ما يعكس اتجاها جارفا نحو زيادة الاستثمار في أدوات الدين الأميركية.

ومع ذلك حافظت السعودية على موقعها في المرتبة 17 ضمن قائمة أكبر الدول المالكة لأدوات الدين الأميركية، وفقا لتصنيف وزارة الخزانة، وتوزعت حيازاتها بين 104.7 مليارات دولار في أدوات دين طويلة الأجل، تشكل ما نسبته 83% من الإجمالي، و21.7 مليار دولار في أدوات قصيرة الأجل، بنسبة 17%.

اضطرابات الأسواق الأميركية

وجاء ذلك تزامنا مع سياق اضطرابات ملحوظة في الأسواق الأميركية، حيث شهدت السندات طويلة الأجل تراجعًا في قيمتها وارتفاعا في العوائد، مع قفز عائدات سندات العشرين عامًا إلى ما فوق 4.9% في إبريل/ نيسان 2025، 

ما يعكس مخاوف المستثمرين من تأثير السياسات التجارية والمالية الأميركية، لا سيما في ظل تجدد فرض تعريفات جمركية واسعة النطاق من قبل إدارة ترامب، الأمر الذي أثار قلقا من دخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود محتملة، حسب مراقبين.

وفي المقابل، شهدت صناديق السندات الحكومية الأميركية قصيرة الأجل تدفقات نقدية كبيرة، حيث لجأ المستثمرون إلى أدوات أكثر أمانًا وسيولة، مع زيادة في مشتريات هذه الصناديق بنحو 18.1 مليار دولار خلال إبريل فقط، 

ما يشير إلى تحوّل نحو الحذر في ظل حالة عدم اليقين، بحسب التقرير ذاته.
 
وتسلط تحليلات متخصصة الضوء على بدء أغلب دول الخليج في تقليل اعتمادها على السندات الأميركية كأداة استثمارية وحيدة، مع توجه بعض صناديق الثروة السيادية إلى تنويع محافظها بحثًا عن عوائد أفضل ومخاطر أقل،

 رغم أن الولايات المتحدة لا تزال الوجهة الاستثمارية الرئيسية بسبب ندرة البدائل الجاذبة سوى الذهب، وفقا لما أورده تقرير نشره "أرابيان غلف بيزنس إنسايدر".

كما أن المقترحات الأميركية التي تقترح فرض رسوم أو تعديل شروط حيازة السندات على الدول المستفيدة من الحماية الأمنية الأميركية قد تزيد من الضغوط على هذه الاستثمارات، مما قد يدفع دول الخليج إلى إعادة النظر في استراتيجياتها المالية والسياسية تجاه السوق الأميركية، حسب التقرير ذاته.

غير أن وقوف الإمارات في الاتجاه المعاكس يعكس اختلافًا في السياسات المالية والتوجهات الاقتصادية بينها وبين السعودية وباقي دول الخليج، إذ تميل السعودية، في ظل تقلبات الأسواق العالمية، إلى تقليل المخاطر وتنويع الأصول، بينما تستغل الإمارات استقرارها المالي لتعزيز استثماراتها في السوق الأميركية. 

وبينما تركز السعودية على إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، تتموضع الإمارات كمركز مالي إقليمي يسعى لتعظيم العوائد من الاستثمارات الخارجية، بحسب إفادة خبراء اقتصاد.