Logo

قلق في الأسواق اليمنية من تقلبات سعر الصرف

 تسود حالة فوضى بسوق صرف العملة المحلية في عدن، ومناطق إدارة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وسط تحذيرات من مخاطر الاضطراب الحاصل وتقلبات سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية بين انهيار وتحسن قياسي غير طبيعي. 

ويشهد سوق الصرف توسعاً مقلقاً للفجوة بين سعري الشراء والبيع، فقد وصل هذا الفارق في بعض التحديثات لأسعار الصرف المتداولة إلى نحو 300 ريال. وبلغ سعر الدولار في عدن، أمس، نحو 1632 ريالاً للبيع و1617 للشراء.

يأتي ذلك في الوقت الذي تتوالى فيه تعميمات البنك المركزي اليمني في عدن بالتنسيق مع جمعية الصرافين والمتعلقة بقيود وضوابط لبيع العملة الأجنبية، إذ حدد تعميم، صادر يوم 30 يوليو/تموز الماضي، التقيد بالحد الأعلى في عمليات البيع والشراء لعملة الريال السعودي.

تبع ذلك تعميم موجه إلى جميع شركات ومنشآت الصرافة يدعوها إلى الامتناع بالكامل عن بيع أي مبالغ من العملات الأجنبية أو إجراء عمليات تحويلات خارجية لتجار المشتقات النفطية، إذ ستقوم البنوك المحددة من البنك المركزي بتوفير العملة الأجنبية وإجراء التحويلات الخاصة بمستوردي المشتقات النفطية.
 
في السياق، يؤكد أستاذ العلوم المالية والمصرفية بجامعة حضرموت، وليد العطاس، أن ما يشهده سوق سعر الصرف من انخفاض مستمر ومتسارع غير مبرر، فلا توجد أي بوادر أو مؤشرات لهذا الانخفاض المفاجئ. 

ويشير العطاس إلى أن هذا التحسن لن يؤثر على أسعار السلع والخدمات في السوق، كون التجار في حالة ترقب وخوف وحذر من ارتفاع ارتداداي مفاجئ، ولهذا فإنه من الطبيعي تسعير بضائعهم بسعر صرف مرتفع.

 وأهابت جمعية الصرافين بكافة شركات ومنشآت الصرافة الالتزام والتقيد الصارم بما سبق لما فيه المصلحة العامة، 

مؤكدةً أن البنك المركزي سيقوم بتطبيق العقوبات القانونية الصارمة بحق المخالفين، بما في ذلك سحب وإلغاء الترخيص.

ويرى الباحث الاقتصادي هشام الصرمي، أن الأمر كان يخضع لقوى المضاربة الذين يستفيدون من انخفاض القوة الشرائية للريال اليمني بين الانخفاض والعودة بنسب بسيطة مقارنة بحجم المبالغ الكبيرة التي تتم المضاربة عليها، والتي تحقق عوائد لا يمكن أن يحصل عليها المضاربون. 

ويشير الصرمي إلى أن الهوامش والفوارق كبيرة ويدل على ذلك الانخفاض الواسع الذي حصل، والذي يصل إلى نحو 30% بين الارتفاع والهبوط.

لكن بالمقابل، يرى خبراء اقتصاد ومصرفيون أن ما يحدث في الأسواق المصرفية أشبه بفقاعة اقتصادية يقف خلفها المضاربون الذين يقفون وراء الارتفاع في أسعار الصرف فيكسبون عند البيع، 

ويقفون عند الانخفاض ليحصدوا مدخرات الناس من العملات الأجنبية من خلال شرائها بأقل الأسعار لفترة محددة، ومن ثم يعاودون البيع بالأسعار السابقة. 

الباحث الاقتصادي والمالي وحيد الفودعي، يؤكد أن الهبوط في سعر صرف الريال لم يصل إلى ما دون السعر العادل، لافتاً إلى ضرورة أن يقوم البنك المركزي بدوره في هذا الصدد.
 
وحذر اقتصاديون ومصرفيون، منهم رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، المواطنين من عدم الانجرار وراء المضاربة أو الفخاخ التي ينصبها المتلاعبون بالعملة، لأن ضياع الأموال مسألة وقت في ظل غياب الرقابة الصارمة، وذلك بالنظر إلى أن الأسباب الجذرية للتدهور لا تزال قائمة، 

وأبرزها شح الموارد من النقد الأجنبي نتيجة توقف تصدير النفط وأخطاء في السياسات المالية والنقدية، إذ يقتضي ذلك معالجة هذا الملف أو الحد منه من جانب السلطة الشرعية أمر مهم لضمان الاستقرار،

 إضافة إلى أن التقلبات الحادة في سعر الصرف لم تكن طبيعية، سواء في الانهيار السريع أو في التحسن المفاجئ، ما يعكس هشاشة السوق النقدية وغياب الاستقرار.

بينما يوضح الصرمي أن ما يحصل حالياً في سوق الصرف جاء بعد الإصلاحات التي بدأتها الحكومة والبنك المركزي في عدن بالتوازي، وفي مقدمة ذلك لجنة الاستيراد التي تم تشكيلها الأسبوع الماضي.

 وكانت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في اجتماعها الدوري الأسبوع المنعقد الأربعاء 30 يوليو الماضي، قد استعرضت تقرير محافظ البنك المركزي حول الأداء النقدي وإنجاز نقل المنظومة المصرفية إلى عدن، وضبط سوق الصرف. 

‏وأكدت ضرورة استثمار تحسن سعر صرف العملة الوطنية في تخفيف أعباء المواطنين، من خلال تشديد الرقابة على الأسواق وضبط المتلاعبين بأسعار السلع الأساسية، وتوجيه الوزارات المعنية باتخاذ إجراءات سريعة ومباشرة لذلك.

محمد راجح