Logo

اليمن يستأنف مشاوراته مع صندوق النقد الدولي بعد 11 عاما من الانقطاع

الرأي الثالث 

أعلنت الحكومة اليمنية، الخميس، اختتام مشاورات "بنّاءة" مع صندوق النقد الدولي حول المادة الرابعة، وذلك بعد انقطاع دام أحد عشر عاما.
 
وأكدت الحكومة  أن استئناف هذه المشاورات بعد أكثر من عقد من التوقف يُعد محطة مهمة في مسار استعادة اليمن لدوره وحضوره داخل المؤسسات المالية الدولية، ويعكس مستوى الجدية والالتزام الذي تبديه الحكومة في تطبيق الإصلاحات الهادفة إلى تصحيح الاختلالات، وتحسين كفاءة إدارة الموارد، وتعزيز الشفافية والمساءلة في الإنفاق العام.
 
وفي ختام المشاورات، التي حضرها رئيس الوزراء اليمني سالم بن بريك ومحافظ البنك المركزي اليمني أحمد المعبقي، أعرب بن بريك عن تقديره للجهود التي بذلتها بعثة الصندوق، وفريقي الحكومة والبنك المركزي، خلال الأيام الماضية لإنجاز مشاورات بنّاءة ومثمرة.
 
وأوضح أن النقاشات تركزت حول تقييم الأداءين الاقتصادي والمالي، واستعراض مسار الإصلاحات الجارية، وتحديد الاحتياجات المستقبلية لتعزيز الاستقرار والتعافي.
 
وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة اليمنية، رغم التحديات، ماضية في تنفيذ نهج الإصلاح الاقتصادي وتعزيز الانضباط المالي، مشيرًا إلى أن التوصيات والملاحظات التي خرجت بها المشاورات ستكون بمثابة خارطة طريق لتطوير السياسات المالية والنقدية وتعزيز الشفافية والمساءلة.
 
كما شدد على أن مخرجات المشاورات ستُترجم إلى برنامج عمل تنفيذي يأخذ في الاعتبار الواقع الاقتصادي والإنساني الاستثنائي الذي يعيشه اليمن، وبما يتوافق مع القدرات والإمكانات المتاحة، وفي إطار خطة التعافي الاقتصادي المعتمدة.
 
وأعرب بن بريك عن أمله في أن تمثل هذه المشاورات نقطة انطلاق نحو شراكة أوسع وأعمق مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية، مؤكّدًا تطلع الحكومة إلى دعم يمكنها من تنفيذ أولوياتها في الإصلاح الاقتصادي وتحسين مستوى الخدمات والمعيشة للمواطنين.
 
وأضاف أن استئناف المشاورات لا يُعد مجرد إجراء دوري، بل رسالة ثقة دولية متجددة بالاقتصاد اليمني وبالإرادة الحكومية في استعادة التعافي والاستقرار، مؤكدًا حرص الحكومة على مواصلة التنسيق والعمل المشترك مع الشركاء الدوليين لتحفيز النشاط الاقتصادي وتحسين معيشة المواطنين، والانتقال إلى مرحلة التعافي والنمو المستدام.
 
من جانبها، أشادت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى اليمن إيستر بيريز رويز، بالتقدم الذي أحرزته الحكومة في عدد من مسارات الإصلاح الاقتصادي والإداري، وبمستوى الشفافية والتعاون الذي أبداه الفريق الحكومي خلال المشاورات.
 
وأكدت رويز استعداد الصندوق لمواصلة دعمه الفني والاستشاري لمساعدة اليمن على مواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة وبناء أسس التعافي على المدى المتوسط.
 
كما لفتت إلى أن استئناف مشاورات المادة الرابعة يمثل لحظة تاريخية بالنسبة لليمن، بما يحمله من دلالات لتعزيز العلاقة مع الشركاء الدوليين، والحصول على المزيد من الدعم والتمويل لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
 
وصدر عن بعثة صندوق النقد الدولي بيان ختامي بشأن مشاورات المادة الرابعة لعام 2025، رحب فيه بفرصة استئناف المشاورات مع اليمن بعد توقف دام أحد عشر عامًا، مشيرًا إلى أن ذلك تم بدعم من القدرات المؤسسية المعززة وتوافر بيانات اقتصادية أفضل.
 
وأوضح البيان أن النزاع خلال السنوات الماضية أدى إلى توقف ترتيب التسهيل الائتماني الممدد لثلاث سنوات، وتعليق إعداد المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، وتعطيل مسار السياسات المالية والنقدية.
 
وأعرب البيان عن شكر الصندوق للسلطات اليمنية والأطراف المعنية على التعاون الممتاز والمناقشات الصريحة والبناءة، مستعرضًا الأوضاع الاقتصادية والمالية الراهنة، والتحديات الناتجة عن هجمات الحوثيين على منشآت تصدير النفط في عام 2022.
 
وتوقع الصندوق، استنادًا إلى الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار، أن يشهد الاقتصاد اليمني تعافيًا تدريجيًا على المدى المتوسط، مع ارتفاع النمو من نحو 0.5% في عام 2026 إلى 2.5% بحلول عام 2030، واستمرار تراجع معدلات التضخم.
 
وأشار البيان إلى أهمية الدعم الخارجي الإضافي في تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، مرحّبًا بتركيز خطة التعافي الاقتصادي التي أطلقتها الحكومة مطلع العام الجاري على تعزيز استدامة الموارد العامة، وكبح التضخم، وتقوية الحوكمة والمؤسسات، مؤكدًا أن الالتزام بتنفيذ هذه الركائز سيُسهم في دعم استقرار الاقتصاد الكلي.
 
كما شدد البيان على ضرورة استعادة الاستدامة المالية عبر تعزيز الإيرادات وترشيد الإنفاق وتوسيع قاعدة التمويل والتعاون مع الدائنين، إضافة إلى استمرار البنك المركزي اليمني في التركيز على كبح التضخم، وتطبيق أسعار صرف تحددها قوى السوق، وضمان النزاهة المالية واستقرار النظام المصرفي.
 
وأكد البيان أن اليمن سيحتاج بمرور الوقت إلى إصلاحات هيكلية شاملة لإطلاق إمكاناته الاقتصادية، تشمل تعزيز المؤسسات وتحسين الحوكمة، وتشديد سياسات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب تحسين إدارة المالية العامة عبر ضوابط صارمة على الإنفاق، وتطبيق حساب الخزانة الموحد، وتحسين الشفافية والمساءلة في المجالين الضريبي والجمركي، إضافة إلى إصلاحات واسعة في قطاع الكهرباء.