دبلوماسية الفنون.. قوة ناعمة تعزز علاقات الخليج الدولية

 خلال العقد الأخير، أصبحت دول الخليج العربي نموذجاً بارزاً لدبلوماسية الفنون، حيث تستخدم الفعاليات الثقافية والفنية لتعزيز حضورها على الساحة الدولية، وتحسين صورتها بصفتها وجهة عالمية للابتكار الثقافي والانفتاح.

من خلال تنظيم معارض الفن، والمهرجانات الثقافية، والجوائز الأدبية المرموقة، والمبادرات الفنية الطموحة، تسعى دول الخليج إلى ترسيخ مكانتها بصفتها قوة ناعمة مؤثرة عالمياً.

على الرغم من أن جميع دول الخليج تتبنى مناسبات ثقافية وفنية مهمة، فإن التفوق الكبير في هذا المجال حازته السعودية والإمارات وقطر، إذ أصبحت هذه البلدان الثلاثة في طليعة دول المنطقة التي تستثمر في الثقافة والفنون، واعتمادها ضمن استراتيجياتها لتعزيز الدبلوماسية الدولية.
 
معارض فنية عالمية

لعل معارض الكتاب الدولية التي تنظمها الدول الخليجية الست، من بين أبرز هذه الفعاليات، فضلاً عن مناسبات وفعاليات ثقافية وفنية مهمة على المستوى الدولي.

- تبرز في السعودية مناسبات مثل:

معرض "صنع في السعودية - الفنون والحرف اليدوية" و"الرياض آرت"، و"ملتقى سوق عكاظ"، و"ديزرت إكس العلا"، و"بينالي الفنون الإسلامية في جدة"، و"معرض الفن السعودي المعاصر"، و"مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي"، ومعرض "فن جدة 21,39"، و"بينالي الدرعية للفن المعاصر".

- من بين أبرز الفعاليات التي تنظمها الإمارات:

"آرت دبي" و"بينالي الشارقة"، و"مهرجان طيران الإمارات للآداب"، و"مهرجان ميتا السينمائي الدولي"، و"معرض فن أبوظبي"، و"جائزة آرت دبي" و"أسبوع دبي للتصميم"، و"مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما"، و"مهرجان دبي السينمائي".

- تقدم قطر مجموعة مهمة من المناسبات الثقافية والفنية، من أبرزها:

"مهرجان الدوحة الثقافي"، و"بينالي الدوحة للفنون"، و"مهرجان كتارا للموسيقى"، و"مهرجان قطر الدولي للأفلام القصيرة"، و"مهرجان أجيال السينمائي"، و"مهرجان قطر الدولي للفنون".

- الكويت تستضيف العديد من المعارض والمهرجانات الدولية التي تسلط الضوء على الفنون المعاصرة والثقافة العالمية، من أبرزها:

"بينالي الكويت الدولي"، ومهرجان الكويت السينمائي الدولي"، و"مهرجان الكويت الدولي للموسيقى"، و"مهرجان الكويت للمسرح الثنائي".

- في سلطنة عُمان توجد العديد من المهرجانات التي تعدّ لقاءً فنياً وثقافياً دولياً، أبرزها:

"مهرجان مسقط الدولي للفنون"، و"معرض فن مسقط"، و"مهرجان الفنون الإسلامية"، و"معرض ظفار الدولي للفن المعاصر".

- البحرين تعد أيضاً من الوجهات الثقافية والفنية المتميزة في منطقة الخليج، وأبرز ما تتبناه من فعاليات في هذا الشأن هي:

"مهرجان البحرين الدولي للموسيقى"، و"مهرجان البحرين السينمائي الدولي"، و"مهرجان ربيع الثقافة".
 
الانفتاح الثقافي والفني

من خلال استضافة الفعاليات دولية تُبرز الفنون المعاصرة والتراث الثقافي، لا سيما أن أبرز الجوائز العربية في مجال الأدب تنطلق من دول الخليج.  

والحديث هنا ينحصر بجائزة "بوكر" الإماراتية وجائزة "كتارا" القطرية، وأحدثها جائزة "القلم الذهبي" للرواية، التي أطلقتها السعودية.

ومن بين أبرز الفعاليات الثقافية على سبيل المثال، استضافت الإمارات متحف اللوفر أبوظبي، الذي يُمثل تحالفاً ثقافياً فريداً مع فرنسا، مما يعكس انفتاحها على الثقافات العالمية.

والسعودية شهدت مناسبات مثل "موسم الرياض" و"مهرجانات العلا"، قدمت خلالها عروضاً فنية عالمية ومشاركات من نجوم عالميين، مما يعكس التزام المملكة بتعزيز التبادل الثقافي.

تسعى دول الخليج من خلال هذه المبادرات إلى تحسين صورتها الدولية، وإبراز جانبها الإبداعي والحضاري بعيداً عن الصورة النمطية المرتبطة بالاقتصادات النفطية.

وتُظهر هذه الفعاليات اهتمام دول الخليج بدعم الفنون والإبداع كمحرك للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن أنها تُبرز الهوية الثقافية الخليجية من خلال تسليط الضوء على التراث العربي والإسلامي بأساليب مبتكرة.
 
السياحة الثقافية عنصر جذب عالمي

المبادرات الثقافية والفنية أصبحت أداة رئيسة لدعم قطاع السياحة في الخليج؛ فالسعودية عملت على تحويل مناطق مثل العلا إلى وجهة سياحية ثقافية عبر فعاليات مثل "شتاء طنطورة".

وقطر عززت مكانتها عبر متاحف مثل "متحف الفن الإسلامي" و"متحف قطر الوطني"، اللذين يجذبان الزوار من مختلف أنحاء العالم.

ودبي وأبوظبي عززتا مكانتيهما عبر استضافة فعاليات مثل "إكسبو 2020" و"مهرجان طيران الإمارات للآداب".

هذه الفعاليات الثقافية تُسهم في بناء جسور تواصل بين دول الخليج وبقية العالم.

وأثبتت دول الخليج نجاحاً كبيراً في تحويل الفنون والثقافة إلى أدوات دبلوماسية فعالة، مما جعلها محط أنظار العالم.

وبفضل المبادرات الطموحة والانفتاح الثقافي، أصبحت هذه الدول مراكز جذب سياحي وثقافي ومؤثرة على المستوى الدولي، ما يُعزز مكانتها العالمية ويؤسس لنهج جديد في دبلوماسية القوة الناعمة.

الأديب والصحفي عبد الأمير المجر، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أكد وجود دور كبير للفن والثقافة في تعزيز الحضور الدولي للدول بمجالات أخرى، منها السياسية والاقتصادية، موضحاً:

الفن مثل الاقتصاد، يمثل اليوم القوة الناعمة التي تشتغل عليها الدول وتتنافس في ما بينها من خلالها.

دول الخليج تمتلك القدرة على إنشاء بنية تحتية لهذه الفعاليات وممارستها.

في العقود الأخيرة اشتغلت دول الخليج بقوة على إنشاء بنى تحتية ثقافية وفنية.

سوقت دول الخليج نفسها من خلال المهرجانات الفنية والفعاليات الرياضية، لإلى جانب نشاطها الاستثماري في مجالات مختلفة.

المهرجانات الكبيرة تعني أنك تستدعي النخب إلى بلدك ومن خلالهم تسوق صورة البلد الى العالم.

الجوائز الفنية والثقافية بقدر ما يكرم فيها الفائزون ويتابعها المتنافسون والمهتمون، فإنها تعني أن البلد الذي يقيمها يكرم نفسه من خلالها ويقدم نفسه بشكل حضاري.

لعبت الجوائز والمهرجانات الدائمة دوراً مهماً في التعريف ببلدان ربما لم تكن معروفة بالصورة التي قدمتها فيها تلك المهرجانات.

أجد أن دول الخليج باستثمارها قدرتها الاقتصادية على إقامة هذه الفعاليات، إنما تفعل ما هو صحيح وضروري ومطلوب أيضاً.