Logo

المشهد الغنائي هذا الصيف: عودة الألبومات تعيد التوازن لصناعة الموسيقى العربية

 بعد سنوات من هيمنة الأغاني المنفردة «السنغل» على سوق الموسيقى، يشهد صيف 2025 تحولاً ملحوظًا يعيد للأذهان «زمن الألبوم» الذي كان صدوره يمثل حدثًا موسيقيًا منتظرًا. 

هذه العودة لا تعكس فقط تغيّرًا في مزاج الجمهور، بل تكشف عن وعي متزايد لدى الفنانين وشركات الإنتاج بأن العمل المتكامل هو الأقدر على بناء هوية فنية راسخة وإطالة عمر النجاح.

فمنذ منتصف العقد الماضي، دفعت طبيعة المنصات الرقمية الفنانين إلى الاعتماد على إصدار أغنية أو اثنتين كل فترة قصيرة، لملاءمة إيقاع الاستهلاك السريع للموسيقى. لكن هذه الاستراتيجية، رغم فعاليتها التسويقية، أضعفت من قيمة «العمل الفني الكامل».

 اليوم، يبدو أن ميزان القوى بدأ يتغير: الجمهور لم يعد يكتفي بجرعات سريعة، بل يبحث عن تجارب موسيقية أعمق وأطول.

نانسي عجرم: 11

في السابع عشر من الشهر الماضي، أطلقت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم ألبومها الحادي عشر ، مقدمة 11 أغنية تتنوع بين الرومانسي والإيقاعي والدرامي. 

الألبوم جاء كتعبير عن نضج فني وشخصي، واستطاع أن يحقق انتشارًا واسعًا، حيث دخل قائمة العشرة الأوائل في عدد من الدول العربية، مثل لبنان واليمن والجزائر والسعودية وقطر، 

إضافة إلى حضوره اللافت في أسواق دولية غير متوقعة مثل فنلندا وتركمانستان. نجاح الألبوم أكد استمرار شعبية المغنية على المستويين العربي والعالمي، وقدرتها على تقديم أعمال متجددة رغم مرور أكثر من عقدين على انطلاقتها.

عمرو دياب: «ابتدينا»

عمرو دياب واصل تألقه العالمي مع ألبومه الجديد «ابتدينا»، الذي تضمن مزيجًا موسيقيًا متنوعًا يجمع بين الإيقاعات الشرقية والموسيقى العالمية مثل اللاتين والهاوس. 

الألبوم لم يحقق فقط نجاحًا عربيًا، بل سجل إنجازًا عالميًا بدخوله قائمة أفضل 10 ألبومات على مستوى العالم عبر منصة سبوتيفاي، محتلاً المرتبة السابعة، كما تصدّر قوائم الاستماع في عشر دول عربية، منها مصر والسعودية والإمارات ولبنان والمغرب.

تعاون دياب في هذا العمل مع نخبة من الشعراء والملحنين والموزعين، في مشروع يؤكد أن تجربته لا تزال في حالة تطور مستمر.

أصالة نصري.. «ضريبة البعد»

اختارت أصالة نصري أن يكون تواصلها مع الجمهور مختلفًا هذه المرة، حيث سمحت لمحبيها بالمشاركة في اختيار اسم ألبومها الجديد «ضريبة البعد»، الذي يضم 15 أغنية باللهجة المصرية.

 العمل جاء ثمرة تعاون مع أسماء بارزة في الكتابة والتلحين مثل منة القيعي وتامر عاشور، ليشكل لوحة موسيقية تتناول موضوعات الحب والفقد والحنين بأسلوب يجمع بين الأصالة والمعاصرة. 

ألبوم أصالة يعكس رغبتها في تقديم مشروع فني متكامل يعبّر عن تجربتها الحياتية والشخصية.

آمال ماهر: «حاجة غير»

بعد غياب طويل منذ ألبومها الأخير في 2019، تعود آمال ماهر بألبوم «حاجة غير»، الذي يضم نحو 10 أو 11 أغنية. 

تتعاون في هذا العمل مع عدد من كبار صناع الأغنية العربية، مثل نادر عبد الله وأيمن بهجت قمر وأحمد المالكي، إضافة إلى الموزع أحمد إبراهيم. الألبوم يحمل مزيجًا من البالاد الرومانسي والأغنيات الإيقاعية، في عودة طال انتظارها من جمهورها.

رامي جمال: «محسبتهاش»

اختار رامي جمال أن يخوض مغامرة موسيقية منفتحة في ألبومه الجديد «محسبتهاش»، حيث قدّم دويتوات مع فنانين من خلفيات موسيقية مختلفة، من بينهم حمزة نمرة والفنان التونسي نوردو. 

هذا التنوع يعكس سعي جمال لتقديم ألوان موسيقية جديدة وتوسيع قاعدة جمهوره، في ألبوم يحمل مزيجًا من العاطفة والتجريب.

تامر حسني: «لينا معاد»

أما تامر حسني فقد جمع بين السينما والموسيقى في مشروعه الصيفي «لينا معاد»، الذي يتضمن 10 أغنيات. 

أصدر منه عدة أغانٍ منفردة قبل طرح الألبوم، منها «المقص» مع رضا البحراوي، و»ملكة جمال الكون» مع المطرب الشامي، و»حبيبي تقلان» مع علي فتح الله، و»حلال فيك».

إلى جانب الأعمال المطروحة، هناك حالة ترقب لعدة ألبومات يجري التحضير لهالعدد من المطربين، يث يؤكد المشهد الغنائي في صيف 2025 أن الألبوم ليس صيغة قديمة بل قالب متجدد يتكيّف مع أدوات العصر. 

عمرو دياب جسّد العودة الكلاسيكية للألبوم، بينما حمزة نمرة قدّم صيغة هجينة تواكب سلوك المستمع الرقمي. 

وإذا سارت المشاريع المرتقبة كما هو مخطط لها، فقد نشهد في السنوات القادمة توازنًا جديدًا بين الأغنية المنفردة والمشروع الغنائي المتكامل، بما يعيد للصناعة بريقها ويمنح الجمهور ما يفتقده منذ سنوات.

فايزة هنداوي