مهرجان أغنية الشعبي الجزائري يعود بعد غياب سبع سنوات

بعد غياب دام سبع سنوات، يعود المهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي إلى المشهد الموسيقي الجزائري في طبعته الحادية عشرة التي تنعقد بين 10 و15 أغسطس.

وقال عبدالقادر بن دعماش مدير الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي إن “الطبعة الحادية عشرة للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي مخصصة بالكامل لذكرى الفنان القدير وكاتب الكلمات الراحل محبوب سفر باتي”.

وأسهم محبوب باتي (1919-2000) في تحديث الأغنية الشعبية، وهو الذي جمع بين الغناء والتلحين وكتابة الكلمات، ولحّن قرابة مئة أغنية؛ من بينها: “البارح” للهاشمي قروابي، و”راح الغالي” لبوجمعة العنقيس، و”مالي حاجة” لعمّار الزاهي و”نستهل الكيّة” لعمّار العشّاب، و”جاه ربّي يا جيراني” لعبدالقادر شاعو.

وعرف الفنان العصامي بإتقانه العزف على آلة الموندول والطبل والكمان والبانجو والقيثارة والناي، والتحق في أربعينات القرن الماضي بالأوركسترا الحديثة لمحطة الجزائر العاصمة كعازف كلارينيت حيث ضاعف اللقاءات والاحتفالات والحفلات حتى سنوات السبعينات من القرن الماضي. وواجه باتي طوال مسيرته انتقاد المحافظين على الأغنية الشعبية، ممثلين آنذاك بالحاج محمد العنقه الذي استقبل أغانيه الجديدة بشكل سيء وعاتبه على أن كتاباته ستستبدل “النصوص الشعرية للملحون وتحل مكانها”.

وفي دورته العاشرة، عادت الجائزة الأولى في المهرجان إلى هادي عبدالسلام، بينما حصل مزيان هشام على الجائزة الثانية.

ويشارك في الدورة الحالية نحو ثلاثين مطربا من بين كبار الأساتذة والنجوم الشباب حسب ما أعلنه منظمو المهرجان لتنشيط ست سهرات بقاعة ابن زيدون بديوان رياض الفتح.

ويتمثل هؤلاء في كل من عبدالرحمن القبي وعبدالقادر شرشم وعبدالقادر شاعو وآخرون قدموا من مختلف مدن البلاد مثل كمال عزيز وكريم بوراس وعيسى بابا عمي وياسين زواوي ورشيد قطاف ومحمد رضا يحي واحسن فضلي وإبراهيم حجاج.

ويتضمن برنامج هذه التظاهرة مساحة مخصصة للشعر الملحون وللتعريف بأشعار عدد من أهم شعراء الجزائر في هذا المجال، ومن بينهم خالد شهلال وبشير تهامي ووحيدة الطيب بمهل وكريمة مختاري والشاعر المعروف ياسين أوعابد.

كما تتضمن هذه الطبعة الحادية عشر يوما دراسيا حول “أغنية الشعبي، تعبير عن شعر الملحون” وسيشهد اليوم الدراسي تقديم أربع محاضرات، إذ يبرز الباحث في التراث الشعري الملحون خالد شهلال ياسين “جزائرية الشعر الملحون بالدليل التاريخي والنصي والأدبي”، فيما يتناول الباحث في التراث الموسيقي محمد بلعربي موضوع “الشعر الملحون بين التراث والهوية الوطنية”، أما المؤرّخ عمار بلخوجة فيستعرض “مساهمة الشعر الملحون في كتابة التاريخ” على أن يتحدّث الكاتب والباحث في التراث الثقافي الجزائري عبدالقادر بن دعماش عن “الشعر الملحون والثورة التحريرية”.

يذكر أن المهرجان الثقافي لأغنية الشعبي تأسس سنة 2006 بهدف “الحفاظ على تراث موسيقى الشعبي، من خلال التركيز على تكوين المواهب الشابّة، ودأب منظّموه على إقامته خلال شهر رمضان من كل عام حتى توقفه في العام 2016 لأسباب غير معلنة.

والشعر الملحون هو نوع من الشعر الشعبي المغاربي الذي يقوم على اللهجة العامية أو الدارجة، ونظيره في العالم العربي الشعر النبطي في العراق والبدوي في الشام أو الشعر الصعيدي في مصر.

ويعد هذا النمط الشعري مدرسة فنية كبيرة لها أعلامها ومشاهيرها وجمهورها، وهو شعر شفوي متجذر في مسار تطور الشعوب وثقافتهم ونتاج تلاقح الثقافات وانصهارها.

ويأخذ الشعر الملحون في الجزائر أهمية مضاعفة، حيث ارتبط بكثرة بفترة المقاومة ضد المستعمر الفرنسي، فشكّل الشعر الملحون الثوري أهم الصور الفنية التي استوعبت النضال التحريري والكفاح المسلح، من خلال توظيف الشاعر الشعبي والراوي هذا النمط الثقافي لحفظ وأرشفة الأحداث والبطولات في شكل وثائق تاريخية، وكان بذلك الشعر الملحون خزينة شفهية حية للذاكرة الجماعية.