"أمسية ذهبية" لكورال "المشرق العربي" في أوبرا دمشق

 أحيا كورال "المشرق العربي" القادم من بيروت أمسيته الذهبية، في القاعة الكبيرة في أوبرا دمشق، مقدِّماً بأصوات 38 منشداً ومنشدة، بقيادة المايسترو إبراهيم البمباشي، مجموعة من الأناشيد الدينية والموشحات والأغاني التراثية، وذلك وفق تقنية الـ"minus one" (ناقص واحد)، والتي تكون فيها الموسيقى والإيقاعات مُسجَّلة، بينما الغناء بالأصوات الحية على المسرح.

البداية كانت من آخر ما قدَّمه المطرب الحلبي عمر البطش، بعدما أصاب الضرر عينيه، فكتب شعراً رقة في المناجاة ولحَّنه على مقام "النهاوند"، ومن كلماته: "قلت لمّا غاب عني نور مرآك المصون/ شفّني والله سقم فيه قد ذقت المنون/ وعيوني من نحيبي جاريات كالعيون/ وجفوني ما كفاها ما جرى حتى جفون/ هام قلبي زاد وجدي فمتى وصلك يكون/ غاب عن عيني ضياها يا قمر داري العيون".

واستطاع الكورال عبر هذه الأنشودة التعبير عن الحنان والرقة والشاعرية التي يتمتع بها مقام "النهاوند"، لاسيما مع انسجام الأصوات النسائية مع الذكورية، وتأكيدها على إيصال الحالة الوجدانية للكلام وما تحويه من آلام، لينتقل بعدها المنشدون إلى موشح "يارسولاً جاء"، الذي كتبه الشاعر والمغني المصري فؤاد عبد المجيد المستكاوي، ليعيدوا إحياءه كونه لم يحظ بشهرة غيرِه مما ألّفه المستكاوي، مثل "آه لقلبي والقمر"، "أشرق يا طلعة البدر"، "لوجهك السامي"، وغيرها. 

وبالانتقال إلى مقام "الحجاز كار"، قدّم الكورال من ألحان السيد درويش موشح "زارني المحبوب يا عيني في رياض الآس"، والذي غناه أيضاً صباح فخري، وبرزت فيه مقدرات صوتية إفرادية لبعض المنشدين، لا سيّما في الآهات على إيقاع السماعي الثقيل، ليقدّموا بعدها نشيداً خاصاً بالكورال بعنوان "لا زالت الأنوار"، وهو من ألحان إحسان المنذر، الذي لحَّن قبل رحيله العديد من الأناشيد، بعدما آمن بفرادة هذا الكورال وجمالية رسالته، كما أوضح المايسترو البمباشي.

تابع المنشدون القادمون من بيروت أداء الموشحات والأنشودات الدينية، بما فيها من خيارات مميزة في الكلمات، فمن ألحان اللبناني محمد جبر قدَّموا "إذا وَصَفْتَ أحمدا"، يمتدحون فيه خصال النبي الكريم، وأيضاً غنوا موشحاً في مديح النبي عيسى عليه السلام والسيدة مريم المُكرَّمة، إلى جانب إنشاد "طلع البدر علينا" المُلحَّن على مقام "السيجا"، و"منيتي عزّ اصطباري" من مقام "النهاوند" وإيقاع المحجّر، و"يا محلا الفسحة" من ألحان السيد درويش على مقام "النوا أثر".

ونظراً إلى عدم إمكانية اصطحاب فرقة موسيقية، والاعتماد على تقنية "ماينس وان"، قام الكورال بتقديم مجموعة من الفقرات الغنائية من دون موسيقى مسجلة، معتمدين على الصوت البشري فقط، للتأكيد على أن تلك التقنية لا تُغطي على روح الكورال، بقدر ما تساعده في إبراز جماليات أصوات منشديه.

كما اختار المايسترو البمباشي صوتين لشابتين لم تُكملا الـ18 من عمرهما، في تأكيد على الاستقطاب المتجدد للمواهب الغنائية، إذ أدّت لين سراج بجماليات عديدة جزءاً من نشيد "سيدنا محمد غالي أبداً في جماله ما رأيت"، الذي غنّته أسمهان في مدح الرسول، بينما قدّمت فاطمة مسالخي مقطعاً من نشيد "يا قلب غني المصطفى غني الجمال الأريف".

وتضمّنت الأمسية الذهبية العديد من الفقرات الغنائية الخاصة بالشام، والتي عبَّر من خلالها كورال "المشرق العربي" عن سعادته بالغناء على أهم مسارح دمشق، من مثل أغنية شارة مسلسل "الشام العدية": "بدنا نعشق بدنا نحب.. بدنا نمشي كل الدرب.. بدنا نتعلم الرجولة ونحب الشام من القلب"، ومن العمل الدرامي "أهل الراية" أغنية التتر "لكن لا.. لا للظلم.. يخيم بعد النور العتم.. كذبة صغيرة يضيع الحلم.. وتضيع الراية"، بالإضافة إلى "موعدنا أرضك يا بلدنا" التي غناها الراحل ملحم بركات.

وبين أعمال التراث الشامي والفلسطيني واللبناني، ختم الكورال بتوليفة فولكلورية قدّموا فيها أغنيات "بالفرح بالعز"، و"زينوا الساحة والساحة لنا"، و"لولو لو لالي الله محيي شوارعنا".

بديع صنيج - صحافي من سوريا