ريال مدريد زعيماً في الملعب وثريّاً في السوق

 أُقفل سوق الانتقالات الصيفية قبل أسابيع على صفقات مثيرة ومهمة، وباتت الجردة لما دفعته الأندية مسألةً متاحة إذ أصبحت الأرقام واضحة.
 
صيفٌ تميّز بانتقال النجم الفرنسي كيليان مبابي إلى ريال مدريد الإسباني، وانتهى بجعل جاره أتلتيكو ​​مدريد للمهاجم الأرجنتيني خوليان ألفاريز أغلى صفقة في عام 2024. 

عبر مزيج من التعاقدات الإستراتيجية والانتقالات المجانية والمناورات السوقية الذكية، أعادت الأندية في جميع أنحاء القارة تشكيل فرقها، وبالتالي قيمتها السوقية.

ريال مدريد الأكثر قيمة

رغم عدم دفعه رسوم انتقال مبابي الذي وصل حرّاً بعد انتهاء عقده مع فريقه، كان انضمام هداف باريس سان جيرمان الفرنسي السابق الأكثر تأثيراً على القيمة السوقية العامة للنادي الملكي الذي ضمّ أيضاً الموهبة البرازيلية إندريك، فتجاوز بالتالي مانشستر سيتي الإنكليزي ليصبح النادي صاحب التشكيلة الأعلى قيمةً في كرة القدم العالمية.

وتبلغ قيمة فريق ريال مدريد حالياً 1.34 مليار يورو، متجاوزةً قيمة فريق مانشستر سيتي بـ 80 مليون يورو.

وفي عمليةٍ حسابية عبر المواقع المتخصّصة بتحديد أسعار اللاعبين في السوق، نجد أن الأندية المنتمية إلى البطولات الوطنية الخمس الكبرى في أوروبا تحتل المراكز العشرين الأولى وأن نصف الفرق على لائحة التشكيلات الأكثر قيمة تأتي من الدوري الإنكليزي الممتاز.

هذه المسألة تؤكّد المؤكّد وهو أن فرق البطولات الخمس الكبرى هي صاحبة القوة المالية الأكبر التي تجعلها تتفوّق على بقية عالم كرة القدم، وذلك ناتج من إيرادات البثّ العالية والانغماس العالمي للمشجعين في الدورة الاقتصادية للأندية الكبرى أو المنتمية إلى هذه البطولات.

3 فرق بمليار يورو

بالأرقام، جمعت ثلاثة أندية فقط وهي ريال مدريد، مانشستر سيتي ومواطنه أرسنال، فرقاً تقدّر قيمتها بأكثر من مليار يورو. ويمثّل هذا الثلاثي قمة الاستثمار المالي في كرة القدم إذ يمزج بين الموارد الكبيرة واكتساب المواهب الإستراتيجية.

وتعزّز حضور ريال مدريد بين الفرق الأغلى عبر مجموعة نجومه، إذ يُعدّ مبابي إلى جانب زميليه الإنكليزي جود بيلينغهام والبرازيلي فينيسيوس جونيور من بين لاعبي كرة القدم الأعلى قيمةً على مستوى العالم، إذ تبلغ القيمة السوقية لكلٍّ منهم 180 مليون يورو. كما يضمّ ريال مدريد أربعة لاعبين آخرين بقيمة 100 مليون يورو أو أكثر، هم الأوروغوياني فيديريكو فالفيردي، البرازيلي الآخر رودريغو، والفرنسيان إدواردو كامافينغا وأوريليان تشواميني.

بدوره، أجرى مانشستر سيتي تعديلات أيضاً بعد بيع ألفاريز إلى أتلتيكو ​​مدريد، وهي الخطوة التي أثّرت قليلاً على القيمة الإجمالية لفريقه، إذ باستثناء الهداف النروجي إيرلينغ هالاند، الذي يتقاسم أعلى قيمة سوقية في العالم مع ثلاثي ريال مدريد، لا يزال مانشستر سيتي يملك لاعبين آخرين ذوي قيمة عالية مثل فيل فودن والإسباني رودري اللذين يسهم كلٌّ منهما بشكلٍ كبير في القيمة السوقية الإجمالية للفريق.
 
كما يشير دخول أرسنال إلى هذه المجموعة النخبوية إلى نهضته وخططه الطموحة تحت قيادة الإسباني ميكيل أرتيتا، إذ شهد النادي اللندني تعزيز مكانته كثالث أغلى الفرق عبر إضافة لاعبين كبار.

لدى «الغانرز» عدد من النجوم الذين تزيد قيمتهم عن 100 مليون يورو، أمثال ديكلان رايس، بوكايو ساكا والقائد النروجي مارتن أوديغارد، وقد عزّز المكانة المالية والتنافسية لأرسنال بعض القادمين الجدد على غرار الإسباني ميكيل ميرينو، الإيطالي ريكاردو كالافيوري، ورحيم سترلينغ.

سيطرة إنكليزية كالعادة

ويُظهر الحضور القوي للدوري الإنكليزي الممتاز مع ستة فرق ضمن المراكز العشرة الأولى، وعشرة ضمن المراكز العشرين الأولى، الهيمنة المالية للأندية الإنكليزية.

كل هذا بفضل عائدات صفقات حقوق البث التلفزيوني الكبيرة، عقود الرعاية، والقاعدة الجماهيرية الدولية الضخمة، التي تمكّن حتى الأندية المتوسطة من الاستثمار بكثافة في فرقها، فأصبح في الإمكان إدراج فرق مثل نيوكاسل يونايتد وبرايتون إلى جانب «الستة الكبار» التقليديين، ما يوضح عمق القوة المالية في «البريميير ليغ».

أما اللافت، فهو أن خمسة أندية من بين الـ 20 الأعلى قيمةً سوقية لن تشارك في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، والمفارقة أن كلّها إنكليزية!

ويشمل هذا الإحصاء تشلسي، توتنهام هوتسبر، برايتون، وست هام يونايتد ونيوكاسل، والتي رغم قيمة فرقها العالية، لم تتأهل إلى المسابقة الأوروبية الأم، ما يعكس حدّة المنافسة في إنكلترا، وعدم القدرة على ترجمة الاستثمارات المالية دائماً إلى نجاح فوري على أرض الملعب.

ومع ذلك، فإن إمكانية تحقيق اختراقات مستقبلية متاحة انطلاقاً من استمرار هذه الأندية في عملية البناء لبلوغ مستوى تنافسي عالٍ.

كذلك هناك مؤشر لافت يبرّر سبب تراجع الاهتمام الجماهيري بالدوري الإيطالي، وهو غياب فرقه عن المراكز العشرة الأولى بفعل التحديات الاقتصادية التي تواجه بطولتها، فيبدو إنتر ميلانو بطل الموسم الماضي الأكثر تقدّماً على اللائحة، ولكنه يقف خارج دائرة المراكز العشرة الأولى، وتحديداً في المركز الـ 11، الأمر الذي يظهر بوضوح الفجوة في التفاوت المالي بين الـ «سيري أ» وغيره من البطولات الأوروبية الكبرى الأخرى.

شربل كريّم