Logo

كيف هيمنت الكرة السعودية على نخبة أبطال آسيا؟

 شهدت الكرة السعودية في موسم 2024 - 2025 حدثاً استثنائياً تمثل بتأهل ثلاثة أندية سعودية، هي الهلال والأهلي والنصر، إلى نصف نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة.

يعكس هذا الإنجاز تصاعد المستوى الفني للأندية السعودية ونجاح الاستراتيجية التي اتبعتها في تطوير الدوري المحلي، خصوصاً عبر التعاقد مع أبرز نجوم العالم.

وجاءت هذه الاستراتيجية ضمن خطة مدروسة تهدف إلى تحسين المستوى الفني للأندية عبر استقطاب أقوى المواهب العالمية، لزيادة التنافسية القارية، وجعل المملكة وجهة جذابة للاعبين العالميين.

أداء أسطوري

وفي حالة هي الأولى من نوعها منذ انطلاقة دوري أبطال آسيا بكل مسمياته عام 1967، بلغت 3 أندية سعودية دور نصف النهائي ضمن منافسات دوري النخبة الآسيوي؛ لتعزز القوة والحضور القاري والدولي للدوري السعودي للمحترفين لكرة القدم.

تألق نادي الهلال بشكل لافت، حيث نجح في اكتساح نظيره غوانغجو الكوري الجنوبي (25 أبريل) بسباعية نظيفة في ربع النهائي، ليؤكد موقعه كأحد أقوى الأندية الآسيوية.

مدرب "الزعيم" البرتغالي جورجي جيسوس أعرب عن ثقته الكبيرة بفريقه، موضحاً أن النجاح يعتمد على "الانسجام بين اللاعبين المحليين والعناصر الأجنبية ذات الخبرة".

وأضاف في مؤتمر صحفي له (الاثنين 28 أبريل): "وجود ثلاثة فرق سعودية إثبات لقوة الكرة السعودية، وهذا التأهل فرصة لنظهر إمكانات السعوديين والرياضة السعودية، إنه مثال واقعي لقوة المنافسة السعودية والأندية فيها".

ويمتلك الهلال يمتلك أسماء ثقيلة في تشكيلته، أبرزهم البرازيلي نيمار دا سيلفا والبرتغالي روبن نيفيز، إلى جانب المالي كاليدو كوليبالي والصربي سيرغي ميلينكوفيتش-سافيتش، مما جعل "الزعيم" قوة لا يستهان بها محلياً آسيوياً.

أما نادي الأهلي بدوره فكتب قصة نجاحه الخاص بعد الفوز على بوريرام يونايتد التايلاندي بثلاثية نظيفة (26 أبريل).

المدرب الألماني ماتياس يايسله اعتبر أن امتلاك الفريق لـ"12 لاعباً أجنبياً مميزاً" أتاح له تنويع خططه الفنية والاعتماد على أنماط لعب مختلفة، بحسب تصريحه لموقع "الشرق" السعودي.
 
أما نادي النصر فقد واصل رحلته المبهرة في دوري أبطال آسيا للنخبة بفوزه العريض على يوكوهاما مارينوس الياباني بنتيجة 4-1 (26 أبريل).

وكان للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو دور أساسي، حيث سجل وصنع أهدافاً حاسمة، إلى جانب الإيفواري سيكو فوفانا والإسباني أيميريك لابورت.

وسجل رونالدو الهدف الثالث في شباك يوكوهاما في الدقيقة الـ38، ضمن منافسات ربع نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة، ليصل إلى 934 هدفاً في مسيرته المذهلة، ويقترب خطوة من حلم الهدف رقم 1000.
 
رؤية ناجحة

لا يمكن الحديث عن تألق الأندية السعودية دون الإشارة إلى التحول الكبير الذي شهدته الكرة السعودية منذ انطلاق "رؤية 2030" بهدف جعل دوري "روشن" من بين أفضل خمس دوريات في العالم.

وبحسب تقرير موقع "ذا أتلانتيك" الأمريكي، فقد أنفقت الأندية السعودية منذ العام 2023 أكثر من 875 مليون دولار في سوق الانتقالات، خلال العامين الأخيرين، لجذب أفضل المواهب العالمية.

كما سيجري دعم الأندية السعودية بنحو 2.3 مليار ريال (613 مليون دولار)، خلال الموسم 2024 - 2025، من استراتيجية دعم الأندية، وفق ما أعلنت وزارة الرياضة في ديسمبر الماضي.

وأنفقت أندية الدوري السعودي "روشن" قرابة 177 مليون دولار، خلال فترة الانتقالات الشتوية للعام 2025، لتحل في المركز الثالث عالمياً من حيث الإنفاق على صفقات شراء اللاعبين في يناير 2025، بعد الدوريين الإنجليزي والبرازيلي.

وأظهرت بيانات موقع "ترانسفير ماركت"، المتخصص في الأرقام والإحصائيات الرياضية في فبراير الماضي، أن أندية دوري "روشن" أنفقت 166.7 مليون يورو (173 مليون دولار)، استثمارات في لاعبين جُدد خلال فترة انتقالات الشتاء.

كما بلغت عوائد الأندية السعودية من مبيعات اللاعبين قرابة 43.5 مليون دولار، في حين قفز معدل إنفاق الأندية السعودية في يناير 2025 بنحو 515% قياساً بنفس الفترة في 2024، والتي أنفقت فيها أندية "روشن" 28 مليون دولار.

وفي انتقالات الصيف الماضي، أنفقت الأندية السعودية قرابة 482 مليون يورو (500 مليون دولار)، وكان النصيب الأبرز في الإنفاق للأندية المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، الهلال والنصر والأهلي والاتحاد.
 
نهائي سعودي

وسيتواجه نادي الأهلي السعودي مع مواطنه الهلال (الثلاثاء 29 أبريل) على مدينة الملك عبد الله الرياضية في جدة، فيما يلتقي النصر السعودي مع كاوازاكي فرونتال الياباني على نفس الملعب (الأربعاء 30 أبريل).

هذا الواقع يعزز من فرص تتويج نادٍ سعودي بلقب البطولة، ليعكس الطفرة الكبيرة التي يعيشها الدوري السعودي على المستويات الفنية والاستثمارية، خلال السنوات الأخيرة.

وحقق الهلال البطولة خلال أربع مناسبات في نسخ 1991 و2000 و2019 و2021، وجاء في الوصافة خلال خمس نسخ 1986 و1987 و2014 و2017 و2022.

ولم يحصد الأهلي من قبل بطولة دوري أبطال آسيا، فيما حقق النصر الوصافة في نهائي عام 1995.

كما أظهرت النتائج الأخيرة أن الفارق بين الأندية السعودية وأندية شرق آسيا أصبح شاسعاً، سواء من حيث جودة اللاعبين أو المستوى التكتيكي والإعداد البدني؛ ما يؤكد هيمنة الأندية السعودية على المشهد الآسيوي في الفترة الحالية.

الكاتب الرياضي إبراهيم بكري قال حول تألق الأندية السعودية: "وصلت أنديتنا للنهائيات بجدارة فهي الأفضل والأقوى مقارنة بجميع الفرق المشاركة من الشرق والغرب".

وأضاف في مقاله بصحيفة "الرياضية" السعودية: "لا أحد في القارة الآسيوية يملك خبرة الزعيم (الهلال) في المنافسات الآسيوية، يملك الإرث الأكبر في تحقيق بطولتها بالرغم من مرور الهلال بمرحلة صعبة في المنافسات المحلية، لكن الخبرة والإمكانيات الفنية الثقيلة بوجود لاعبين مميزين في تشكيلة الزعيم تجعل بطل القرن الآسيوي قادراً على قهر الظروف وتجاوز العقبات".

أما الراقي الأهلي - يضيف - ففي موعد مع التاريخ بأن يحقق البطولة الأولى له في آسيا، قبل أعوام قليلة وصل إلى النهائي ولم يحققه، لكن أهلي اليوم مختلف، فهو يملك فريقاً قوياً قادراً على أن يسعد جماهيره العاشقة.

كما يشير إلى أنه "لا أحد مثل النصر ينتظر بشغف أن يكتب التاريخ، وأي تاريخ أن تكون بطلاً وأنت مع أسطورة العالم رونالدو، سوف يكون مذاقها مختلفاً، خاصة أن النصر لا يملك في دولاب بطولاته هذه البطولة".

واعتبر أنه ما حدث هو أن الأندية السعودية برهنت على علو كعبها فنياً مقارنة بجميع الفرق المشاركة في البطولة، مضيفاً: "لقد ضمنا أن يكون في النهائي فريق سعودي، المهم أن تظهر المباراة بروح رياضية داخل الملعب والمدرجات لتعكس عشقنا لكرة القدم، وتكمل الفرحة بفوز النصر ليكون النهائي سعودياً من الطرفين، والبطل منا وفينا لا أحد غيرنا".