الهلال في مونديال الأندية.. من الإحباط المحلي إلى التأهل الأسطوري
حين تنظر إلى خريطة كرة القدم العالمية اليوم، يصعب تجاهل اسم الهلال السعودي الذي تحول من بطل محلي وإقليمي إلى قوة كروية تطرق أبواب العالمية بثقة.
خاض "الزعيم" موسماً استثنائياً، فرغم خروجه خاوي الوفاض محلياً وقارياً واكتفائه بلقب كأس السوبر السعودي، فإنه تجاوز حدود القارة ليصبح أول نادٍ عربي وآسيوي يهزم بطل أوروبا في كأس العالم للأندية.
نجاح الهلال السعودي في تحقيق هذه النتيجة التاريخية لم يكن وليد صدفة، بل جاء نتيجة منظومة متكاملة من العمل الفني، والإداري، والاستثماري خلال السنوات القليلة الماضية.
حضور قوي
منذ بداية مشاركته في النسخة الموسعة من مونديال الأندية، بدا أن الهلال جاء هذه المرة ليصنع التاريخ، ففي أولى مبارياته أمام ريال مدريد، وقف نداً لند، وخرج بتعادل مستحق بهدف لمثله، وسط ذهول المتابعين من قدرة الفريق السعودي على مجاراة أحد أكبر أندية العالم.
تلك النتيجة لم تكن وليدة صدفة، بل كانت نتيجة عمل طويل بدأ مع تعاقدات ضخمة مثل روبن نيفيس، ومالكوم، وكاليدو كوليبالي، تحت قيادة المدرب الإيطالي سيموني إنزاغي.
الهلال تابع مشواره بثبات، وواجه نادي سالزبورغ النمساوي بتكتيك منظم ودفاع صلب مكنه من انتزاع نقطة ثانية. أما باتشوكا المكسيكي، فكان الضحية الأولى للهلال، حيث فاز عليه 2-0، متأهلاً إلى دور الـ16 بسبع نقاط دون أي خسارة.
لكن لحظة التحول الحقيقي جاءت في 1 يوليو، حين وقف الهلال في مواجهة مانشستر سيتي بطل أوروبا، في مباراة وصفتها الصحافة العالمية بـ"الأعجوبة".
الهلال لم يكتفِ بمجاراة السيتي، بل تفوق عليه في شوطين إضافيين بعد مباراة مثيرة انتهت 4 - 3، في حين وقف حارس "الزعيم" المغربي ياسين بونو سداً منيعاً أمام محاولات السيتي قلب النتيجة.
وفي تصريح للصحافة عقب المباراة، قال المدرب سيموني إنزاغي: "الهلال يملك اليوم ما يؤهله لمنافسة الكبار، لقد لعبنا بشخصية نادٍ عالمي، وهذا الفوز على السيتي ليس نهاية المطاف بل بداية جديدة".
وأبدى المدرب الإيطالي رضاه عما قدمه لاعبوه طوال المباراة المرهقة قائلاً: "نحن نعمل منذ أسابيع، وهم ملتزمون وأنا بصفتي مدرباً راضٍ عن أدائهم".
أما رئيس النادي فهد بن نافل فأكد أن "هذا الإنجاز هو ثمرة لرؤية القيادة السعودية ودعمها المتواصل، ونحن نمضي نحو مزيد من المجد".
وانتشر مقطع مصور لفهد بن نافل وهو يبكي عقب إطلاق الحكم جيسوس فالينزولا الفنزويلي لصافرة نهاية الوقت الإضافي الثاني معلناً تأهل "الزعيم" إلى ربع النهائي.
وجاءت فرحة بن نافل العارمة بسبب النقد الحاد الذي وجه إليه أولاً بعد الموسم المخيب لـ"الزعيم" محلياً وقارياً في 2024-2025، ثم عدم إبرام صفقات قوية قبل المونديال.
تفاعل عالمي
الإعلام العالمي لم يتأخر في الإشادة، فوصفت صحيفة "ماركا" الإسبانية الهلال بأنه "فريق منظم يضاهي كبار أوروبا"، فيما قالت "ليكيب" الفرنسية: إن "الهلال أحرج السيتي وجعل (مدربه بيب) غوارديولا يعيد التفكير في خططه".
وعنونت صحيفة "الغارديان" البريطانية قائلة: "يا لها من مباراة في دور 16، يا له من انتصار للهلال، يا لها من خيبة أمل ساحقة لمانشستر سيتي".
الانتصار التاريخي كان له أصداء واسعة أبرزها من وزير الرياضة الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، الذي غرد قائلاً: "أبارك لممثل الوطن الهلال تأهله إلى ربع نهائي كأس العالم للأندية.. أداء متميز وانتصار يعكس قوة الكرة السعودية بفضل دعم قيادة وطننا الغالي -حفظها الله-.. كل التوفيق بمواصلة التألق في الأدوار القادمة".
وكتب الأمير الوليد بن طلال أحد داعمي "الهلال" قائلاً: "هذا الفوز إهداء لأخي ولي العهد.. الهلال البطل العظيم.. شرفت الوطن الغالي العظيم".
ومن الناحية الاقتصادية تجاوزت عوائد الهلال من البطولة حاجز 34 مليون دولار، مع إمكانية وصولها إلى 55 مليون في حال تخطي ربع النهائي.
إذ حصل الهلال على مبلغ 9 ملايين دولار مكافأة مشاركة أساسية في البطولة، إلى جانب مليوني دولار نتيجة تحقيقه التعادل مرتين في دور المجموعات، إضافة إلى مليوني دولار مكافأة عن فوزه في إحدى مبارياته.
كما حصل على 7.5 مليون دولار بعد عبوره دور المجموعات بعد التغلب على باتشوكا المكسيكي، لكن القفزة الكبرى في العوائد المالية بعد تأهل الهلال إلى ربع النهائي، حيث أضاف النادي 13 مليون دولار مكافأة للتأهّل.
وهذا الإنجاز التاريخي يجعله أول نادٍ سعودي وآسيوي وعربي يصل إلى هذه المرحلة المتقدمة من مونديال الأندية بصيغته الجديدة، فيما تعكس هذا الأرقام حجم الطفرة التي تشهدها الكرة السعودية، والتي جعلت من الهلال نموذجاً قابلاً للتكرار محلياً بقوة.
نحو النهائي
وبينما يترقب عشاق الكرة العربية مواجهة الهلال المقبلة أمام فلومينينسي البرازيلي، يوم الجمعة 4 يوليو، تتعالى الآمال بأن يصبح الهلال أول نادٍ آسيوي يرفع الكأس العالمية.
فهذه مباراة ستكون بمنزلة اختبار نهائي للعقلية التي اكتسبها الفريق، والتكتيك الذي زرعه إنزاغي، والروح القتالية التي أبداها اللاعبون خلال مشوارهم في البطولة.
لكن في حاول تجاوز "الزعيم" لفلومينينسي البرازيلي، تبقى عقبة تشيلسي الإنجليزي، في نصف نهائي مرتقب، حال نجاح الأخير بالطبع في تجاوز بالميراس البرازيلي.
كما يأمل الهلال وصيف نسخة 2022 أن يعود لنهائي كأس العالم للأندية والذي قد يكون من جديد ضد ريال مدريد الفريق الذي هزمه في 2023 بخماسية مقابل 3 أهداف حينها.
وسبق وأن تقابل الهلال في مرتين أمام الأندية البرازيلية خلال تاريخ مشاركاته في كأس العالم للأندية، الأولى أمام فريق فلامنجو، وفاز الفريق البرازيلي في الأولى بنتيجة 3-1 في نصف نهائي نسخة 2019.
وفي الثانية تفوق الهلال بنتيجة 3-2 في نصف نهائي نسخة 2022 وتأهل إلى المباراة النهائية لمواجهة ريال مدريد الاسباني.
سلطان السعود قائد فريق الهلال السعودي السابق، أبدى في تصريحات صحفية لموقع "365Scores" الرياضي ثقته في حصد "الزعيم" للقب العالمي مبيناً:
- الجميع كان يرغب في أن يقدم الهلال مستوى رائعاً في بطولة كأس العالم للأندية، لكنه أبهر الجميع بداية من مباراة ريال مدريد، ثم التأهل من المجموعة والتغلب على مانشستر سيتي.
- الهلال مر بظروف صعبة هذا الموسم وأيضاً في بطولة كأس العالم للأندية من إصابات تحديداً، وأبرزها سالم الدوسري وتمبكتي، إضافة إلى ألكسندر ميتروفيتش، لكنه قاوم ونجح في كتابة التاريخ.
- الهلال واجه أصعب الأندية في بطولة كأس العالم للأندية، ومن وجهة نظري ستكون مواجهة فلومينينسي صعبة للغاية ولن تقل صعوبة عن مواجهة السيتي ولكن الهلال قادر على الفوز والتأهل إلى نصف النهائي.
- الظروف الصعبة هي التي صنعت أداء الفريق التاريخي في بطولة كأس العالم للأندية، الهلال أصبح الآن من ضمن المرشحين لحصد اللقب.