ثورة في ريال مدريد.. خطة ذكية لحماية اللاعبين من الإصابات
يسعى نادي ريال مدريد الإسباني إلى البقاء في صدارة جميع الجوانب: الرياضية، الاقتصادية، المؤسسية، وحتى على صعيد المنشآت، والمجال الطبي ليس استثناءً.
فبعد رحيل نيكو ميهيتش (66 عاماً) عن منصبه مديراً للخدمات الطبية بالنادي، في نهاية الموسم الماضي، أراد المسؤولون الجدد إحداث ثورة في منهجيتهم الطبية بهدف واضح وهو تقليل عدد الإصابات،
خصوصاً العضلية منها، والتي أثقلت كاهل الفريق كثيراً في المواسم الأخيرة، إذ بلغت قرابة 40 إصابة في موسم 2024-2025 وحده.
وبحسب تقرير صحيفة ماركا الإسبانية، فإن تزايد ضغط المباريات وارتفاع وتيرة كرة القدم الحديثة، يجعلان من المستحيل القضاء تماماً على الإصابات، لكن الهدف هو تقليصها إلى أدنى مستوى ممكن، بل والكشف عن المشكلات المحتملة قبل أن تحدث.
ولتحقيق ذلك، يعتمد الطاقم الطبي المجدد لريال مدريد على "سلاح" الذكاء الاصطناعي، الذي بات حضوره متزايداً في مختلف مجالات الحياة، والطب الرياضي ليس استثناءً، على الأقل في حالة ريال مدريد، الذي يثبت مرة أخرى ريادته في عالم الرياضة.
وحتى الآن، كانت الأدوات التي تستخدمها الأندية لمتابعة الحالة البدنية للاعبين تقتصر على أجهزة "جي بي أس"، وأجهزة قياس ضربات القلب، أو الاستبيانات المخصصة للاعبين.
لكن منذ انطلاق هذا الموسم – رغم أن المشروع سيستغرق من شهرين إلى ثلاثة ليُطبق بشكل كامل – أضافت الخدمات الطبية في مدريد، الذكاء الاصطناعي مصدراً للبيانات، بهدف التنبيه إلى احتمالية تعرض اللاعبين للإصابة.
ويجمع الذكاء الاصطناعي جميع البيانات الطبية لكل لاعب بشكل شخصي، ليطلق إنذاراً عند وجود خطر.
ويُفعل هذا الإنذار بناءً على انخفاض بعض القيم مثل "بي أج أي"، أو ارتفاع بعض المستقلبات (ميتابولتيس) في البول، أو زيادة الحمل الناتج عن الجري السريع المتكرر (سبرنت)، لدى لاعب محدد.
الـ"بيا" القطاعية
الأداة الأولى التي أضيفت هي الـ"بيا" القطاعية، التي تسمح بتحليل جوانب مثل المقاومة، والتفاعل (سرعة الاستجابة)، و"بي أج أي".
وتساعد هذه التقنية في الكشف عن التعب العضلي الخفي، أو الالتهابات، أو الإصابات الدقيقة، التي قد تمر دون أن يلاحظها اللاعبون أنفسهم.
وتتيح بيانات الـ"بي أج أي"– التي تُشبه نوعاً ما دور "العراف أو المنجم" – التعرف على تفاصيل، مثل درجة الحرارة اليومية لخلايا اللاعبين.
ومن خلال تراكم هذه البيانات، يمكن اكتشاف حتى أدق التغيرات في العضلات المبعدة، أو المقربة، وهي عادةً أكثر العضلات تعرضاً للإصابات خلال الموسم.
وعندها، يُطلق الذكاء الاصطناعي إنذاراً يحدد اللحظة المناسبة لتقليل الحمل التدريبي، أو إيقاف اللاعب، لتجنب حدوث الإصابة.
علم المستقلبات
الأداة الثانية هي علم المستقلبات، وهي تقنية تحلل المستقلبات الموجودة في البول والدم، وتمنح "البصمة الكيميائية للمجهود"،
أي ما يحدث داخل جسم اللاعب بعد كل مباراة أو تدريب. وبطريقة مبسطة، يشبه الأمر الانتقال من صورة بالأبيض والأسود إلى صورة ملونة.
اليوم، أصبح كل من الـ"بيا" القطاعية وعلم المستقلبات ضمن منظومة عمل الذكاء الاصطناعي، الذي يطلق إنذاراً في حال خروج أي من قيم لاعب ما عن المعدلات الطبيعية.
في تلك اللحظة، تُتخذ إجراءات مثل منح اللاعب راحة، أو تحديد وقت لعبه (45 دقيقة، 60 دقيقة...) لتفادي ظهور الإصابة.
ثورة على المستوى الشامل في ريال مدريد
يحمل المشروع الجديد القائم على الذكاء الاصطناعي داخل الخدمات الطبية لريال مدريد، طابعاً شاملاً، إذ سيُطبق على جميع مستويات النادي بهدف تقليل أثر الإصابات العضلية على الرياضيين التابعين له.
حجم هذا العمل هائل، لأنه يشمل جمع البيانات من جميع اللاعبين ومعالجتها عبر الذكاء الاصطناعي، للكشف عن تلك الإصابات "الخفيّة" التي قد تظهر في أي وقت.
بهذه الثورة الجديدة، يؤكد ريال مدريد مرة أخرى ريادته، واضعاً نصب عينيه الهدف الدائم للنادي: توفير أفضل الوسائل للاعبيه من أجل الفوز بالألقاب.