عمالقة التكنولوجيا يتبعون طرقاً موازية للاستثمار في الذكاء الاصطناعي
كشف تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، اليوم الأربعاء، عن تحويل شركات التكنولوجيا العملاقة أكثر من "120 مليار دولار" من إنفاق مراكز البيانات خارج ميزانياتها العمومية باستخدام شركات قابضة ذات غرض خاص تعرف باسم (SPVs) ممولة من مستثمري وول ستريت، ما زاد المخاوف بشأن المخاطر المالية الناتجة عن رهانها الضخم على الذكاء الاصطناعي.
وقادت "ميتا"، وشركة "xAI" التابعة لإيلون ماسك، و"أوراكل"، ومشغّل مراكز البيانات "كورويف" هذا التوجه، من خلال صفقات تمويل معقدة تهدف إلى حماية شركاتها من الاقتراض الكبير اللازم لبناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.
ووفقاً لتحليل أجرته "فايننشال تايمز"، وفّرت مؤسسات مالية تشمل "بيمكو" و"بلاك روك" و"أبولو" و"بلو أوول كابيتال"،
إضافة إلى بنوك أميركية مثل "جيه بي مورغان"، ما لا يقل عن "120 مليار دولار" من الديون وحقوق الملكية لتمويل البنية التحتية الحاسوبية لهذه الشركات التقنية.
ويتم توجيه هذه الأموال عبر شركات "SPVs" وقد يؤدي تسارع وتيرة هذه التمويلات، التي لا تظهر في الميزانيات العمومية لشركات التكنولوجيا، إلى حجب المخاطر التي تتحملها هذه المجموعات،
ومن سيتحمل المسؤولية إذا خيّب الطلب على الذكاء الاصطناعي الآمال المتزايدة عليه. كما تزيد هياكل "SPV" من خطر أن تنتقل أي ضغوط مالية قد تواجه مشغلي الذكاء الاصطناعي في المستقبل إلى وول ستريت بطرق غير متوقعة.
وقال مسؤول تنفيذي رفيع في إحدى مؤسسات التمويل الكبرى عن تدفق عشرات المليارات من الدولارات إلى شركات "SPV" لتمويل مراكز البيانات: "قبل ثمانية عشر شهراً، كان هذا أمراً لا يمكن تصوره، واليوم أصبح القاعدة السائدة".
وأضاف: "قطاع التكنولوجيا يستطيع الوصول إلى رأس مال يفوق بكثير أي قطاع آخر، بفضل ملفه الائتماني".
تقليدياً، كان عمالقة وادي السيليكون يحققون تدفقات نقدية كبيرة ومستويات منخفضة من الديون، ما منحهم تصنيفات ائتمانية ممتازة وثقة عالية من المستثمرين.
غير أن السباق لتأمين القدرة الحاسوبية اللازمة للذكاء الاصطناعي المتقدم دفع شركات التكنولوجيا إلى الاقتراض بوتيرة غير مسبوقة.
ويتيح اللجوء إلى رأس المال الخاص عبر هياكل خارج الميزانية حماية التصنيفات الائتمانية وتحسين المؤشرات المالية.
في أكتوبر/تشرين الأول الفائت، أتمّت "ميتا" أكبر صفقة ائتمان خاص لمركز بيانات بقيمة "30 مليار دولار" لمنشأة "هايبريون" المقترحة في ولاية لويزيانا،
وأنشأت شركة ذات غرض خاص باسم "Beignet Investor" بالشراكة مع شركة التمويل "بلو أوول كابيتال" الموجودة في نيويورك.
وجمعت الشركة ذات الغرض الخاص "30 مليار دولار"، من بينها نحو "27 مليار دولار" قروضاً من "بيمكو" و"بلاك روك" و"أبولو" وغيرها، إضافة إلى "ثلاثة مليارات دولار" من حقوق الملكية قدمتها "بلو أوول".
وأتاحت هذه الصفقة لميتا عملياً اقتراض "30 مليار دولار" من دون ظهور أي من هذا الدين في ميزانيتها العمومية، ما سهّل عليها جمع "30 مليار دولار" إضافية من سوق السندات بعد أسابيع قليلة.
وقادت "أوراكل" أيضاً هيكلة صفقات ديون ضخمة عبر أطراف ثالثة لتمويل التزاماتها الهائلة باستئجار طاقة مراكز البيانات لصالح "أوبن إيه آي".
وتعاونت المجموعة التي يقودها الملياردير لاري إليسون مع مطورين وممولين مثل "كروسو" و"بلو أوول كابيتال" و"فانتج" و"ريليتد ديجيتال" لبناء العديد من مراكز البيانات التي ستؤول ملكيتها في نهاية المطاف إلى شركات ذات غرض خاص.
وتشمل صفقات التمويل خارج الميزانية لدى "أوراكل" نحو "13 مليار دولار" استثمرتها "بلو أوول" و"جيه بي مورغان"، من بينها "عشرة مليارات دولار" تمثل ديوناً، في شركة ذات غرض خاص تمتلك منشأة "أوبن إيه آي" في ولاية تكساس؛
إضافة إلى حزمة ديون بقيمة "38 مليار دولار" لتمويل مركزين للبيانات في تكساس وويسكونسن؛ وقرض بقيمة "18 مليار دولار" لموقع في نيومكسيكو.
وفي كل حالة، وافقت "أوراكل" على استئجار المنشآت من الشركات ذات الغرض الخاص.
وفي حال التعثر، يكون للدائنين حق الحجز على الأصول، أي مركز البيانات، والأرض المقام عليها، والرقائق التي تشغّله، وليس على الشركات التي تدير المواقع.
وقد ازدادت شعبية جمع الديون خارج الميزانية عبر هياكل "SPV" مع الارتفاع الهائل في رأس المال المطلوب لتمويل بنية الذكاء الاصطناعي التحتية، ما ضغط على الاحتياطيات النقدية لشركات التكنولوجيا.
وقدّرت "مورغان ستانلي" أن تمويل خطط الذكاء الاصطناعي لشركات التكنولوجيا يتطلب "1.5 تريليون دولار" من التمويل الخارجي.
وفي كثير من الحالات، اقتنع المستثمرون في صفقات مراكز البيانات بأن المخاطر المالية النهائية لا تزال تقع على عاتق شركة التكنولوجيا المستأجرة،
إذا ما تراجع الطلب على خدمات الذكاء الاصطناعي، وما يترتب على ذلك من انخفاض قيمة هذه المنشآت الحاسوبية الضخمة.
وفي حالة "Beignet Investor"، تمتلك "ميتا" نسبة "20%" من الشركة ذات الغرض الخاص،
وقدّمت "ضمان القيمة المتبقية" للمستثمرين الآخرين، ما يعني أنها ستكون ملزمة بتعويضهم إذا انخفضت قيمة مركز البيانات عن مستوى معين عند نهاية عقد الإيجار وقررت "ميتا" عدم التجديد.
وتسعى شركة "xAI" التابعة لإيلون ماسك إلى اعتماد هيكل مماثل ضمن عملية جمع تمويل بقيمة "20 مليار دولار"، تشمل ما يصل إلى "12.5 مليار دولار" من الديون.
وستستخدم الشركة ذات الغرض الخاص الأموال لشراء وحدات المعالجة الرسومية من "إنفيديا" وتأجيرها لـ"xAI".
وفي مارس/آذار الفائت، أعلنت "كورويف" أنها أنشأت شركة ذات غرض خاص لتنفيذ عقد بقيمة "11.9 مليار دولار" لتزويد "أوبن إيه آي" بالقدرة الحاسوبية، ما "ستترتب عليه مديونية لتمويل التزاماتها".
وفي يوليو/تموز الفائت، اقترضت الشركة "2.6 مليار دولار" لتمويل عقودها مع "أوبن إيه آي".