الإستمطار الصناعي ….ريادة اماراتية في المنطقة

ولاء خليل - تقارير 

يبدو أن الامارات قد بدأت منذ زمن التخلي عن العادات والتقاليد القديمة المرتبطة بالموروث الديني والعقائدي و التي لا فائدة منها وواجهت علوم الفقة والدين والشرع ،واتجهت نحو العلوم والفضاء لضمان المنافسة بين الأمم والشعوب المتقدمة حيث تقوم بتلقيح السحب باستخدام درونات ترسل شحنات كهربائية إلى السحب، فالجفاف وشح المياه من أبرز المشاكل التي تعاني منها دول الخليج ما استدعى الاعتماد على خطط علمية متطورة عبر "الاستمطار الصناعي" للقضاء على هذه المشكلة  وتطبق حوالى 40 دولة عملية الاستمطار من أجل تعديل الطقس و تحسين مواردها المائية وتتصدر ثلاث دول خليجية هي السعودية والإمارات وسلطنة عمان هذه التقنية في المنطقة، حيث تعد الامارات أولى الدول في منطقة الخليج العربي التي تستخدم تقنية تلقيح السحب منذ  2010 ، وتضم دولة الإمارات العربية المتحدة 6 طائرات متخصصة لتنفيذ عمليات الاستمطار في الامارات، وتحتضن الإمارات أكثر من 60 محطة مترابطة للرصد الجوي، وبلغ عدد البحوث الأولية التي تلقاها برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار 370 بحثاً شارك في إعدادها 1480 باحثاً، ومع ذلك لم تتجاوز نسبة هطول الأمطار السنوية في الدولة 100 ملم خلال الأعوام الثلاثة السابقة، وعلى الرغم من فوائد هذه العملية في التخفيف من حدة الجفاف إلا أنها تتضمن بعض المخاطر وفقاً للتقارير العلمية.

ماهو الاستمطار؟

يُعرف الاستمطار بكونه محاولة إسقاط الأمطار من السحب الموجودة في السماء بشكلٍ صناعي، أي بمعنى أنها تتحكم بكمية أو نوع هطول الأمطار من السحب، بحيث يتم تشتيت بعض المواد في الهواء التي تعمل بدورها كمكثفة للسحب (تشكيل السحب صناعياً)، وبالتالي تُحدث تغييرات معينة في العمليات الميكروفيزيائية لكل سحابة. يهدف الاستمطار إلى تسريع عملية هطول الأمطار من سحب معينة فوق بعض المناطق التي تحتاج إليها، فضلاً عن زيادة منسوب إدرار السحب عن الكمية الطبيعية.

أهداف الاستمطار:

دعم الوضع المائي

تحقيق الاستدامة المائية

تعزيز المخزون الجوفي

زيادة كميّات ومعدلات الجريان السطحي للأودية.

تتم عملية الاستمطار الصناعي عن طريق ثلاث خطوات تتلخص بما يلي :

* التحريض : تتضمن المرحلة الأولى استخدام المواد الكيميائية لتحفيز الكتلة الهوائية عكس اتجاه الريح للمنطقة المستهدفة على الارتفاع وتشكيل السحب، حيث يتم امتصاص هذه المواد الكيميائية بخار الماء وتساعد في عملية التكثيف، ومن ضمن المواد الكيميائية التي يمكن أن تستخدم أكسيد الكالسيوم أو مجمع اليوريا ونترات الأمونيوم أو كلوريد الكالسيوم كربونات .

*   مرحلة البناء : في المرحلة الثانية يحدث تراكم لكتلة السحابة بواسطة اليوريا والثلج الجاف والملح المستخدم لزيادة كثافة السحب.

  قصف المواد الكيميائية: في المرحلة الأخيرة من استمرار المطر الاصطناعي، يتم قصف المواد الكيميائية فائقة البرودة مثل الثلج الجاف أو اليوديد بعلبة مسبقة التحمل على قاعدة السحب لبناء حبات الماء وجعلها تسقط كمطر.

ويمكن فهم ذلك بشكل أعمق من خلال طرح مثال مبسط، مثلاً عندما يكون هناك خزان مياه به العديد من الشوائب وجزيئات الغبار التي تطفو فوقه  عندما نضيف بعض المواد المنظفة مثل الشب إلى خزان المياه تستقر الشوائب، ثم يحدث بعد ذلك تصادم الجزيئات مع بعضها البعض بعد إضافة الشب كمحفز، وتصبح ثقيلة وتستقر، وهكذا ترتفع إلي الاعلي، ويتم تعليق الجسيمات المشحونة وهي صغيرة جدًا بحيث تسقط على شكل مطر، لهذا السبب يتم رش عامل يساعدهم في الاصطدام وبالتالي تصبح السحب ثقيلة وتسقط الأمطار.

سلبيات الاستمطار الصناعييوجد العديد من السلبيات الناتجة عن عملية الاستمطار الصناعي، وهذه السلبيات قد يكون لها تأثيرات سيئة على المدى القريب والبعيد، عدا عن أنّها عملية لا يمكن التحكّم بها بشكل دقيق جدًا وذات طبيعة معقدة إلى حدٍ ما، إلّا أنّ هنالك العديد من البدائل لتحقيق المنفعة المرجوة بطرق أكثر دقةً وأكثر كفاءة...ومن أبرز هذه السلبيات ما يأتي:

* الضرر البيئيأي استخدام المواد الكيميائية في عملية الاستمطار الصناعي من شأنه أنّ يتسبب في العديد من الأضرار لمختلف عناصر البيئة من نباتات وحيوانات وتربة وغيرها منها المعروف ومنها غير المعروف إلى يومنا هذا.

* الاعتمادية على الطقسعادةً ما يتمّ توجيه التقنية على السُحب التي تكون من المتوقع أنّها حاملة للأمطار لذلك ليس من المؤكد أنّ الاستمطار الصناعي بالفعل يسبب حدوث المطر

* التأثير على النمط المناخيإن استخدام تقنية الاستمطار الصناعي قد تؤدي إلى تغيير النمط المناخي بشكل سلبي، كونها تؤدي إلى تعديل الطقس باستخدام نشاط بشري غير طبيعي في أوقات ليست مطرية بالدرجة الأولى

* التكلفة الباهظةحيث تتجاوز تكلفة الاستمطار الصناعي  ملايين الدولارات مقابل كمية ضئيلة من الأمطار.

* نسبة نجاح منخفضة :قد يكون من الصعب أن تنجح هذه العملية في السماء الصافية فمن أجل نجاح العملية لا بد من وجود القليل من السُحب على الأقل لتكثيف هذه السُحب وحث الأمطار من خلالها.

* قلّة الإيجابيات المُقاسة:

لا يوجد هناك فوائد حقيقية مقاسة من هذه العملية وفي المقابل من الممكن أن يكون هناك سلبيات لم يتمّ رصدها بعد وقد تظهر على المدى البعيد، لذلك تُعدّ هذه التقنية تقنية ضعيفة القياس وغير محققة لثمار ذات أهمية ملموسة.

طرق استمطار السحب في الامارات:

يعتمد استمطار الامارات على تلقيح السحب عبر طائرات خاصة مجهزة بأحدث التقنيات والأجهزة المستخدمة في عملية استمطار السحب في دولة الإمارات العربية المتحدة وأبحاث الغلاف الجوي، ناهيك عن قدرتها الخارقة على تحمل الظروف الجوية السيئة، بحيث تُقلع هذه الطائرات لتصل سحباً معينة، وتقوم بحقن السحب بالشعلات ونشر الرذاذ المكوّن من مواد كيماوية فوق أو أسفل السحب، ومن ثم تتكاثف هي بدورها على شكل قطرات ماء تكبر أكثر وأكثر، وبالتالي لا تقدر السحابة على حملها فتهطل الأمطار على أرض الدولة. يجب التنويه إلى أنه يتم رصد السحب عن طريق الأقمار الصناعية بإشراف خبراء المركز الوطني الذين يوجهون الطائرات إلى السحب المناسبة لتلقيحها ومتابعتها، كما ويجدر بالذكر أن الاستمطار الصناعي في الامارات لا يعتمد على استخدام أية مواد كيماوية ضارة، إذ يتم اللجوء إلى استخدام الأملاح الطبيعية المختلفة، مثل كلوريد البوتاسيوم وكلوريد الصوديوم.

-تشمل طرق استمطار السحب في الامارات أيضاً المولدات الأرضية الموضوعة في أماكن مرتفعة، والتي بدأ استخدامها في عام 2019، بحيث تساهم في عمليات تلقيح السحب عبر مواد وتقنيات صديقة للبيئة، بحيث يتم تجهيز مولدات تحتوي على 48 شعلة تتضمن مجموعة من الأملاح الطبيعية، ويتم التحكم بها عن بعد عبر غرفة العمليات في المركز الوطني للأرصاد.

-من الجدير بالذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي من أوائل الدول في منطقة الخليج العربي التي لجأت إلى استخدام تقنية تلقيح السحب، وهو إنجاز كبير سطّر نجاحاً عظيماً، ولا زالت الدولة حتى هذه اللحظة تحقق تقدماً واضحاً في مجال الاستمطار الصناعي في الامارات من خلال دعم البحوث العلمية وجميع القائمين والخبراء العاملين في هذا المجال، حتى أنها أصحبت الآن وجهة معتمدة ومركزاً عالمياً لكافة بحوث الاستمطار في الإمارات وتعديل الطقس، وهذا ما تثبته بحوث الاستمطار الصناعي في الامارات 2021 حالياً.