"إصطياد الأشباح".. أسرى حقيقيون يجسّدون عذاباتهم في سجون الإحتلال

 "اصطياد الأشباح" واحدة من التجارب الخاصة التي خاضها المخرج الفلسطيني رائد أنضوني في هذا الشريط المؤثر ، عبر استعانته بأسرى حقيقيين محررين، وهو (المخرج) واحد منهم، لتجسيد وقائع التعذيب والإذلال التي يمارسها الإحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى في السجون.

الفكرة الجديدة للفيلم أثارت إعجاب كل من تابع مشاهده لذا تدفقت الجوائز على: "إصطياد الأشباح – ghost hunting" -، من منابر عربية وعالمية خصوصاً من مهرجان برلين السينمائي الدولي، فقد عمد المخرج رائد أنضوني، إلى إستعادة وقائع الأسر بكل تفاصيلها بدءاً من تجربته مع الإعتقال إلى كل من إستطاع جمعهم من الأسرى المحررين. 

وتمت ترجمة الأفكار والوقائع التي يعرفها الجميع عن ظهر قلب، مشهدياً في ديكورات المشاهد التي عرضها الشريط، وتفاصيل الأكسسوارات، وكل ممارسات التعذيب بحق كل منهم من إساءات وترهيب.

أبطال الشريط جميعهم كاوا يستذكرون أدق التفاصيل أمام الكاميرا بمجرد تواجدهم في ديكورات تحاكي سجون الإحتلال، لتتدفق قرائحهم سريعاً بما إختزنت من مشهدية مؤلمة تجعل المشاهد عند أقرب مسافة من المعاناة التي عايشونها في غياهب الزنزانات غير الإنسانية، حيث يروي كل منهم تباعاً حيثيات من التعابير والممارسات الإسرائيلية الوحشية التي تنم عن حقد وهمجية.

نجح الفيلم في توجيه رسائل عديدة إلى عموم المشاهدين. فالرواة ليسوا ممثلين بل هم أصحاب القضية نفسهم، وهم المظلومون والمعذبون والمهانون والضحايا، لذا فهم الصدق نفسه، والقضية التي وصلت من خلال هذا الأسلوب إلى الجميع، فكان التفاعل نموذجياً ومتفرداً للتعبير عن الغضب لما يعانيه الأسير الفلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

المخرج أنضوني جسّد في الفيلم واقعه ويومياته، فهو من مواليد بيت ساحور القريبة من بيت لحم، وقد تأذّت وخسرت عائلته الكثير بفعل الممارسات الإسرائيلية الوحشية، سواء ضد أفراد العائلة أو ممتلكاتها، لذا فالوجع واحد، لذلك كان للفيلم تأثير عالٍ جداً وجاء ترجمةً للوقائع الحقيقية بكل ما للكلمة من معنى، فالفيلم يعيد بناء السجون، ويأتي بأسرى محررين يروون معاناتهم في السجون من صلف الإحتلال وهمجية جنوده.

كثيرة هي التفاصيل التي ترد على لسان الأسرى – أبطال الفيلم – وكلها من مخزون الذاكرة الحيّة التي أفردت مساحة رحبة لكل المشاهد والصوتيات المؤثرة، طمعاً في وثائق عديدة تحتشد في شريط واحد تجمع فيه كل شواهد الإدانة، ودائماً من أفواه الضحايا الحقيقيين.

ومن دون أن يوجههم أنضوني، في إشارة إلى (أبطال الفيلم) -، فقد فاضت ذاكرة كل منهم بالكثير الكثير مما حصل، وقالوا ما قالوه بصدق وفطرة وتأثر كبير، لأنه لم يكن سهلاً إستعادة الجرائم التي ارتكبت بحقهم من دون غصات عديدة وآلام في القلب، وكل هذه الأمور ظهرت كما هي في تفاصيل الشريط.

رائد أنضوني، رمزي مقدسي، محمد خطاب، وفا ماري، عاطف الأخرس، بشار حسونة، وديع حناني، عدنان الخطاب، عبد الله مبارك، عنبر غنان، رائد خطاب، محمد نمر، محمود أبو سرور، منذر جوابرة، فراس نصر الله، كل هؤالاء عبروا حقيقةً عن الممارسات الهمجية والوحشية لقوات الاحتلال بحقهم في زنازينه.

* محمد حجازي