مهرجان «البندقية» يطلق دورته الـ 81: حروب الماضي... والمستقبل!

 في أواخر آب (أغسطس) من كل عام، تستقبل جزيرة الليدو (البندقية – إيطاليا) العالم والفن والسينما. انطلقت النسخة الأولى من «مهرجان البندقية السينمائي الدولي» في فندق «إكسلزيور» في ليدو دي فينيسيا عام 1932، 

واليوم ما زال المهرجان يحوّل البندقية إلى قبلة للسينما الدولية بسحرها وعروضها الأولى ونجوم السينما والصحافة والباباراتزي. منذ انطلاقه على يد رجل الأعمال والسياسي الإيطالي جوسبي فولبي؛

 تربّع المهرجان على قائمة أهم المهرجانات العالمية وأقدمها (مع «كان» و«برلين»). يتميّز «مهرجان البندقية» الذي تنطلق دورته الحادية والثمانون اليوم (حتى 7 أيلول/ سبتمبر)، بكونه يوازن بين الأفلام التجارية وتلك التي ستفرض وجودها الكبير في موسم الجوائز (الأوسكار والغولدن غلوب والبافتا)، بالإضافة إلى أفلام أولى لصنّاعها، وطبعاً تلك التي لا تلقى رواجاً على شباك التذاكر، لكنّ وقعها يكون كبيراً في المهرجانات. 

كما أنّها قبلة الاستديوهات الكبيرة ومنصّات التدفق الرقمي، ومنصة إطلاق رئيسية لبناء حملات الأوسكار.
 
ليدي غاغا، واكين فينيكس، جوليان مور، تيلدا سوينتون، أنجلينا جولي، دانيال كريغ، أدريان برودي، كيت بلانشيت، جورج كلوني، براد بيت، مونيكا بيلّوتشي، مايكل كيتن، وغيرهم سوف يتواجدون على السجادة الحمراء لتقديم أفلامهم. هذا العام، الحضور المادي للممثلين وصناع الأفلام محسوس بالكامل، بعد انتهاء إضرابات هوليوود. 

كما ستضم لجنة التحكيم عدداً كبيراً من صناع الأفلام والممثلين برئاسة الممثلة إيزابيل أوبير، وأفلاماً لمخرجين مخضرمين خارج المسابقة الرسمية أمثال تيم بورتن، لاف دياز، كلود لولوش، آصف كاباديا، إيرول موريس وغيرهم.

يفتتح المهرجان بفيلم «بيتلجوس بيتلجوس»(Beetlejuice Beetlejuice)، للمخرج الأميركي تيم بورتن الذي يعدّ الجزء الثاني من الفيلم الكوميدي الشهير «بيتلجوس» (1988). بعد مأساة عائلية غير متوقعة، تعود ثلاثة أجيال من عائلة ديتز إلى وينتر ريفر. لا تزال حياة ليديا مسكونة ببيتلجوس، وسرعان ما تنقلب رأساً على عقب عندما تكتشف ابنتها المراهقة المتمردة أستريد النموذج الغامض للمدينة في العلية وتُفتح بوابة الحياة الآخرة عن طريق الخطأ. 

مع تفاقم المشكلات في كلا العالمين، سرعان ما ينطق شخص ما باسم بيتلجوس ثلاث مرات ويعود الشيطان المشاغب لإطلاق العنان لنوعه الخاص من الفوضى.

المسابقة الرسمية

21 فيلماً ستتنافس على «جائزة الأسد الذهبي» لأفضل فيلم وتحمل توقيع مخرجين كبار، وأخرى تعدّ أولى لصنّاعها من بينها فيلم الإسباني بيدرو ألمودوفار الأول باللغة الإنكليزية بعنوان «الغرفة المجاورة». 

يحكي العمل قصة إنغريد ومارثا اللتين كانتا صديقتين مقربتين في شبابهما. أصبحت إنغريد لاحقاً روائية بينما مارثا مراسلة حربية. في النهاية، أبعدتهما ظروف الحياة. 

وبعد مرور سنوات، ستلتقيان مرة أخرى في موقف غريب ولكنْ لطيف. من جهته، يقدّم المخرج الإيطالي جياني أميليو عملاً بعنوان «ساحة المعركة» 

تدور أحداثه في أواخر الحرب العالمية الأولى، حيث يصوّر طبيبين يعملان في المستشفى العسكري الذي يأتي إليه الجرحى كل يوم من الجبهة. 

مع ذلك، فإن عدداً منهم لديهم جروح ذاتية، يفعلون أي شيء لعدم العودة إلى ساحة المعركة. في هذه الأثناء، يحدث أمر غريب للمرضى: تسوء حالة كثيرين منهم بشكل غامض. ربما يكون هناك من يتسبّب عمداً في مضاعفة جراحهم، حتى يتم تسريحهم من الجيش.

الأميركي برادي كوربت يقدم فيلم «الوحشي»، الذي يروي رحلة المهندس المعماري اليهودي المجري المولد، لازلو توث، الذي هاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية في عام 1947. في البداية، أُجبر على العمل والعيش في فقر مدقع، 

ولكنه سرعان ما فاز بعقد من شأنه أن يغيّر مسار الثلاثين عاماً التالية من حياته. الشقيقتان الفرنسيتان دلفين وموريال كولين تقدّمان فيلمهما «اللعب بالنار»، الذي يحكي قصة بيار، الذي يربي ولديه الاثنين، لويس الأصغر، الذي يستعدّ لمغادرة المنزل للالتحاق بالجامعة في باريس، فيما فوس أصبح كتوماً، مفتوناً بالعنف، وناشطاً في الجماعات اليمينية المتطرّفة، على عكس قيم والده تماماً. وبينهما، هناك حب وكراهية، حتى تقع المأساة.

«فيرميغليو» للإيطالية مورا ديلبيرو يضيء على العام الأخير من الحرب العالمية الثانية، حيث عائلة كبيرة تفقد راحة بالها مع وصول جندي لاجئ. 

مواطناها المخرجان فابيو غراسادونيا وأنتونيو بيازا يقدمان «رسائل صقلية»، الذي تدور أحداثه في صقلية، أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. بعد سنوات قضاها في السجن بتهمة الانتماء إلى المافيا، خسر كاتيلو، وهو سياسي محترف، كل شيء. 

وعندما تطلب منه أجهزة الاستخبارات الإيطالية المساعدة في القبض على ماتيو، عرّابه وآخر زعيم مافيا هارب، ينتهز كاتيلو الفرصة للعودة إلى اللعبة. بصفته رجلاً ماكراً له مئة وجه، وساحراً لا يعرف الكلل، فإنّه يحوّل الحقيقة إلى أكاذيب والأكاذيب إلى حقائق. 

لكن المقامرة مع أحد أكثر المجرمين المطلوبين في العالم تنطوي على مخاطرة معينة. فيلم آخر من توقيع إيطالي لكن باللغة الإنكليزية يشارك في المسابقة: 

يقدّم «كوير» للوغا غوادغنينو، قصة ويليام لي في عام 1950، وهو مهاجر أميركي في مدينة مكسيكو في أوائل الخمسينيات من عمره، يقضي أيامه وحيداً تقريباً، باستثناء بعض الاتصالات مع أفراد آخرين من الجالية الأميركية الصغيرة.

 لكنّ لقاءه بيوجين أليرتون، وهو طالب شاب جديد في المدينة، سيجعله يشعر أنّه للمرة الأولى، قد يكون ممكناً إقامة علاقة حميمة مع شخص ما.
 
الأسترالي جاستن كورزيل، يعود إلى البندقية بفيلم «الأمر» الذي تدور أحداثه في عام 1983، حيث تسبّبت سلسلة من عمليات السطو على البنوك وعمليات التزوير وسرقة السيارات المدرعة في إثارة الرعب في جميع أنحاء شمال غرب المحيط الهادئ. 

وبينما كان وكلاء إنفاذ القانون في حيرة من أمرهم، توصّل وكيل مكتب التحقيقات الفيدرالي الوحيد، المتمركز في بلدة كور دالين الهادئة الخلابة في ولاية أيداهو، إلى أنّ الجرائم ليست صنيعة المجرمين التقليديين ذوي الدوافع المالية، بل هي عمل مجموعة من الإرهابيين المحليين الخطيرين، الذين يخططون لحرب مدمرة ضد الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة. 

التشيلي بابلو لارين، يعود إلى المهرجان للسنة الثانية على التوالي بفيلم «ماريا»، الذي يحكي القصة الصاخبة والجميلة والمأساوية لحياة أعظم مغنية أوبرا في العالم، ماريا كالاس، إذ أعاد إحياءها وتخيّلها خلال أيامها الأخيرة في باريس في السبعينيات.

وبعدما حاز «جائزة الأسد الذهبي» عن فيلمه «جوكر» في عام 2019، يعود المخرج الأميركي تود فيليبس إلى البندقية بالجزء الثاني. 

«جوكر: جنون شخصين»، يعيد واكين فينيكس بدور الجوكر، وهذه المرة تنضم إليه ليدي غاغا. في الفيلم، يجد آرثر فليك نفسه محبوساً في مستشفى في أركام، في انتظار محاكمته على جرائمه بصفته الجوكر. 

وبينما يحاول التعامل مع هويته المزدوجة، لا يعثر آرثر على الحب الحقيقي فحسب، بل يكتشف أيضاً الموسيقى التي كانت موجودة بداخله دائماً.


 
فلسطين حاضرة... ولكن
 
«إسرائيل وفلسطين على التلفزيون السويدي 1958 – 1989» هو عنوان وثائقي يبلغ طوله ثلاث ساعات ونصف ساعة للمخرج السويدي غوران أولسون. 

يتألف الفيلم من مشاهد من أرشيف التلفزيون السويدي الأكثر شمولاً في العالم الذي صوّر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. يغيّر الفيلم الأعراف المتبعة في كيفية كتابة التاريخ، 

ويوضح كيف نظرت وسائل الإعلام في دولة واحدة إلى القضية الفلسطينية. إلا أنّ البيان يعرّف عن العمل بأنّه «ينقل وجهتي النظر في الصراع»، بما يعني أنّه يضع الجلاد والضحية على قدم المساواة. في كل الأحوال، الحكم التقييمي للعمل، يأتي بعد مشاهدة الشريط في المهرجان.

المشاركات العربية: مارون بغدادي... والمجتمع الذكوري

خمسة أفلام عربية تشارك هذه السنة في «مهرجان البندقية»، في مسابقات مختلفة. في فيلمها «مارون يعود إلى بيروت»، تكرّم المخرجة اللبنانية فيروز سرحال المخرج اللبناني مارون بغدادي (1950 – 1993)، ويستكشف الوثائقي رحلة المخرج الراحل إلى مسقط رأسه بيروت، ويتعمق في تعقيدات علاقاته الشخصية والعائلية على خلفية المشهد المتغير للمدينة.

المخرج المصري خالد منصور يشارك في مسابقة «آفاق أكسترا» بفيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، حيث يشرع حسن في رحلة لإنقاذ كلبه وصديقه الوحيد رامبو من تهديد غير واضح. 

وخلال رحلته، يواجه موقفاً خطيراً، وتتحول المهمة فجأة إلى أكثر من مجرد إنقاذ كلبه، إذ ينقلب جاره والمجتمع ضده. إلا أن أكبر عقبة تواجهه تتمثل في مواجهة مخاوفه الشخصية وتحولاته الداخلية.
 
المخرجة الأردنية رند بيروتي تشارك في مسابقة «آفاق» بفيلمها التحريكي القصير «ظلال»، الذي يحكي قصة أحلام الأم التي تبلغ 40 عاماً ومغادرتها للمرة الأولى بغداد، المكان الوحيد الذي عرفته على الإطلاق. 

نكون مع أحلام في مطار مزدحم حيث مشاعر الحزن وخيالات الماضي التي تمنعها من عيش التجربة بحماستها.

المخرج الفلسطيني اسكندر قبطي يشارك أيضاً في مسابقة «آفاق» بفيلم طويل بعنوان «ينعاد عليكو... عيد ميلاد سعيد فلسطين» يضيء على المجتمع البطريركي عبر حادث بسيط يقع في القدس المحتلة. 

وفي «آفاق» أيضاً، يشارك المخرج التونسي مهدي بصراوي بفيلمه الجديد «عائشة». في الفيلم تشعر آية، وهي في أواخر العشرين، بأنها محاصرة في حياتها مع والديها في جنوب تونس، ولا ترى أي أفق للتغيير. 

ذات يوم، تتحطم الحافلة الصغيرة التي تستقلها يومياً بين مدينتها والفندق الذي تعمل فيه، فتصبح الناجية الوحيدة. 

وعندما تدرك أن هذه قد تكون فرصتها لبداية جديدة، تهرب إلى العاصمة بهوية جديدة، ولكن كل شيء سرعان ما يتعرض للخطر عندما تصبح الشاهد الرئيسي على خطأ ارتكبته الشرطة.

شفيق طبارة