"أرزة": دراما لبنانية فاعلة تختصر دور المرأة في الأزمات

 فيلم نجده على خط التماس بين قيمته السينمائية وجهوزيته للجذب الجماهيري. وهو يحقق المعادلة السحرية التي لم تعرف الأشرطة العربية عموماً بلوغها، لكن مع: أرزة، نعثر على عين وحس مخرجة تلتقط أدق التفاصيل بعفوية مطلقة، من خلال حميمية في الصياغة والتعبير وصولاً إلى التوصيل، إنها مشروع ناجح لإدارة فريق تمثيلي بفاعلية وحس شخصي وجماعي عند الممثلين مهما تلونت أدوارهم، إنها مع كل منهم على حدة، ومعهم بالمطلق كمجموعة، إننا نعتبرهاً إكتشافاً نراهن عليه بقوة.

للنص الذي صاغه: لؤي خريش، وفيصل سام شعيب – هما منتجا الشريط مع زينة بدران - فضل كبير في هيكلية العمل. المواقف على تنوعها والمشاهد على كثرتها كانت تعالج بأسلوب لكل مقام مقال من دون أي وجود لمنصر الخطابة أو التوجيه المباشر، سواء في العلاقة الرحبة بين أرزة – الرائعة دياموند أبو عبود – ونجلها المتميز كنان – بلال الحموي – والخالة ليلى – بيتي توتل -  التي لم تترك الكاراكتر القلق يفلت منها على مدار الفيلم طوال 90 دقيقة ممتلئة بالأحداث والتغيرات وحتى الشخصيات التي مرّ كثير منها في مشاهد قصيرة لكنها معبرة وفي محلها مع: شادن فقيه، هاغوب ديرغوغاسيان، جنيد زين الدين، فؤاد يمين، فادي أبي سمرا، طارق تميم، إيلي متري.

والكلام عن الممثلين يستدعي الإشادة بإختيار الممثلين المناسبين للأدوارعلى تنوعها وهي مهمة تولتها بجدارة كورين شلفون، 

وواكبت المشاهد والمواقف المختلفة نغمات موسيقية صاغها هاني عادل – زوج دياموند أبو عبود – بينما أجواء الشريط تتركز على 3 شخصيات: الشقيقتان أرزة التي تركها زوجها مع طفل وغادر ولم يعد، وليلى التي فقدت زوجها الذي غادر المنزل وتم إختطافه لكنه لم يعد وعرف لاحقاً أنه مات لكن لم يتم إبلاغها بذلك حفاظاً على معنوياتها، والشاب كنان – بلال الحموي – نجل أرزة الذي همه أن يترك لبنان ويسافر إلى أي بلد طلباً لأوضاع أفضل.

أرزة تعتاش من المعجنات التي تنجزها في المنزل ويتولى كنان توصيلها إلى عناوين الزبائن وغالباً ما يتأخر في التوصيل ويتناول معجنات الطلبيات مع أصحابه، 

وتعبر قصة حب بريئة تربطه بصبية لم تلبث أن خضعت لإرادة ذويها في ترك البلد، وتنشغل أرزة بطريقة ناجعة لزيادة مردود معجناتها عبر شراء دراجة نارية تؤمن توصيل الطلبيات بسرعة ولأنها لا تملك ثمنها تأخذ بعضاً من مصاغ شقيقتها وتبيعها دون معرفتها لتضطر إلى كشف الأمر عندما سرقت الدراجة، وأمضت أرزة كامل الوقت في البحث عنها بين المناطق اللبنانية المختلفة وسط ردة فعل سلبية جداً من ليلى كونها تعتبر المصاغ من صورة وذكرى زوجها.

ويسجل الفيلم علامات من خلال ما يتقاذفه اللبنانيون من مسؤوليه الآخر عن إخنفاء الدراجة وعندما تعثر عليها في أحد معارض القطع المستعملة تسرقها من المكان مع كنان، لتكون فرحتهما كاملة وهما يتجولان بها في عدد من شوارع العاصمة.

الكاتب: محمد حجازي