"معاوية".. مسلسل يتجاوز الشاشات ليثير الجدل في الشارع العربي
منذ أن أطلقت شبكة "MBC" السعودية، يوم الثلاثاء (25 فبراير الماضي)، الإعلان الترويجي للمسلسل التاريخي "معاوية"، لعرضه خلال شهر رمضان الحالي، أخذ المسلسل جزءاً واسعاً من النقاشات على مواقع التواصل؛ لحساسية الفترة التي حكم فيها معاوية بن أبي سفيان.
وعلى الرغم من كونه عملاً درامياً تاريخياً، يُتوقع للمسلسل أن يكون واحداً من أبرز الأعمال الرمضانية خلال العام الجاري، ومن بين أبرز ما تمت صناعته من هذا النوع من الأعمال في مسيرة الدراما التاريخية العربية.
جاء قرار بث المسلسل بعد عامين من الجدل الذي أُثير حوله؛ بسبب حساسية الحقبة التي يتناولها من التاريخ الإسلامي، وهو ما تسبب بوقف بثه حينها.
بطل المسلسل الذي يجسد شخصية الصحابي معاوية بن أبي سفيان، هو الممثل السوري لجين إسماعيل، في حين يلعب الممثل الأردني إياد نصار دور الإمام علي بن أبي طالب.
تدور أحداث المسلسل حول شخصية الخليفة الأموي الأول، ويتطرق العمل إلى أحداث ما يسمى بـ"الفتنة الكبرى"، التي تعد واحدة من أبرز محطات التاريخ الإسلامي.
يتناول المسلسل الانقسامات والصراعات حول تولّي الخلافة وما تبع ذلك من حروب دامية ونزاعات وانقسامات في الصف الإسلامي.
بحسب ما كشف الإعلان الترويجي، يستعرض المسلسل "عهداً اختلف حوله المؤرخون، وامبراطورية امتدت من الشرق إلى الغرب، وحكماً جمع بين الدهاء والقوة، وملحمة سياسية كتبت تاريخاً لا ينسى".
المشروع مرَّ بصعوبات منها اعتذار المخرج المصري طارق العريان عن عدم استكمال تصويره، وإسناد مهمة إخراجه لأحمد مدحت لاحقاً، وإجراء تعديلات على السيناريو.
وكان زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، دعا في عام 2023 إلى عدم بث المسلسل بالتزامن مع انتشار أخبار عن بثه في موسم دراما رمضان حينها، ورفض ما وصفها بـ"المساواة" بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان.
المسلسل من تأليف خالد صلاح، ويضم في قائمة أبطاله نخبة من نجوم الدراما التلفزيونية في العالم العربي، ومنهم الممثلان السوريان أيمن زيدان وسامر المصري، والممثلة الأردنية صبا مبارك، والممثل المصري أحمد بدير.
تم تصوير العمل في تونس، بتكلفة إنتاجية غير مسبوقة في المؤسسات الإنتاجية العربية؛ إذ فاقت 100 مليون دولار، وفق تقارير إعلامية سابقة.
شخصية أثارت جدلاً كبيراً
يسلط العمل الضوء على فترة الخلافة الأموية والأحداث المهمة التي شهدتها تلك الحقبة، مثل معركة صفين وفتنة الخوارج، إذ يمثل هذا العمل محاولة درامية للتعامل مع واحدة من الشخصيات الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الأمة الإسلامية.
النقد الأساسي الذي أثارته مواقع التواصل الاجتماعي يرتكز على كيفية تصوير شخصية معاوية بن أبي سفيان.
لذلك كانت هناك تساؤلات حول ما إذا كان المسلسل سيُظهره بشكل إيجابي أو سلبي، وما إذا كان سيُحرف الحقائق أو يبالغ في تقديمه.
الاعتراضات كانت بالأساس من بعض علماء الدين والمهتمين بالتاريخ، حيث اعتبروا أن تصوير شخصيات تاريخية بهذا الوزن قد يؤدي إلى التلاعب بالذاكرة الجماعية وتوجيه الرأي العام نحو تأويلات غير دقيقة.
بدا واضحاً من خلال المنشورات ارتفاع حدة التعليقات الطائفية، التي بدلاً من أن تتناول الموضوع بحيادية أخذت تناصر أو تعادي العمل التلفزيوني بناءً على ميولها وخلفيتها العقائدية.
العديد من النشطاء عبّروا عن قلقهم من أن يعيد المسلسل إحياء الانقسامات الطائفية بين السنّة والشيعة، خاصةً أن معاوية بن أبي سفيان يمثل أحد الرموز الرئيسية التي ما تزال تثير الخلاف بين الفريقين.
في المقابل، ظهرت أيضاً دعوات إلى تجنب التعامل مع المسلسل بنظرة سطحية أو أحادية، والعمل على فهم سياقه التاريخي بشكل أكثر عمقاً.
إضافة إلى الجدل حول محتوى المسلسل نفسه، هناك أيضاً تحفّظات على جودة الإنتاج وأداء الممثلين.
بعض المنتقدين أعربوا عن قلقهم من أن تصوير أحداث تاريخية معقدة مثل هذه قد يصطدم بالصعوبة في توازن الدقة التاريخية مع متطلبات العمل الدرامي.
هناك توقعات بأن يواجه المسلسل تحديات في تقديم التفاصيل الدقيقة بشكل يعكس حجم الفترات التاريخية الضخمة التي يتناولها.
من جانب آخر تطلع آخرون ينظرون لمثل هذه الأعمال من ناحية القيمة الفنية، إلى أن يروا عملاً درامياً تاريخياً يضاهي الأعمال التاريخية التي تنتجها دول غير عربية.
على الرغم من الجدل، من المتوقع أن يكون مسلسل "معاوية" واحداً من أكثر الأعمال مشاهدة في رمضان 2025.
ومع تزايد الاهتمام بالتاريخ الإسلامي في العالم العربي، قد يشجع مسلسل "معاوية" الجمهور على إعادة التفكير في التاريخ وتفسيراته.
وليس مستبعداً أن يؤدي هذا المسلسل بعد عرضه إلى حوارات جديدة حول كيفية التعامل مع التاريخ العربي والإسلامي، إضافة إلى تشجيع شركات الإنتاج على التركيز أكثر على تناول الأعمال التاريخية وتجسيد الشخصيات الإسلامية في أعمال درامية تنتج بشكل احترافي.