Logo

معهد الموسيقى العربية بالقاهرة ينجو من حريق السنترال... فما تاريخه؟

 على حدود القاهرة الخديوية، يلوح مبنى ذو طابع تراثي يحمل ملامح العمارة الإسلامية من الخارج، بينما يحتوي في داخله على تحف فنية لا تقدر بثمن، سواء في المتحفين اللذين يضمهما، أو صالة المسرح العريقة المزينة بالرسوم الزخرفية والخطوط العربية المذهبة؛ لتجعل من يدخل هذا المكان، ينفصل تماماً عن الزحام الموجود بالخارج، ويستعيد تاريخاً كاملاً من الموسيقى والغناء.

يزيد عمر مبنى «معهد الموسيقى العربية» الموجود بشارع رمسيس (وسط القاهرة) على مائة عام، فقد بني في عشرينات القرن الماضي، وبدأ نشاطه فعلياً في عهد الملك فؤاد الأول (1868 – 1936)، وشهد العديد من الأنشطة والحفلات والفصول الدراسية المتخصصة التي تحافظ على التراث الموسيقي.
 
ومع نشوب الحريق الهائل، الاثنين، في مبنى سنترال رمسيس المجاور لمعهد الموسيقى العربية، توجه وزير الثقافة المصري، الدكتور أحمد فؤاد هَنو، ورئيس دار الأوبرا، الدكتور علاء عبد السلام، إلى مبنى المعهد للاطمئنان على سلامته وسلامة العاملين به، وأكد وزير الثقافة أن المعهد آمن تماماً ولم يتعرض لأي أضرار، وفق بيان للوزارة، الاثنين.

ونشب حريق بالدور السابع في مبنى سنترال رمسيس المكون من عشرة أدوار، وعلى إثر بلاغ بالحريق انتقلت قوات الحماية المدنية ومسؤولو الحي وشركات المرافق إلى موقع الحادث، وتم فصل الغاز والكهرباء عن مبنى السنترال بوصفه إجراء احترازياً، لمنع امتداده إلى أي منشآت مجاورة.

وجاء الحادث ليعيد إلى الواجهة هذه التحفة المعمارية التي جاورت موقع الحريق ونجت منه، فمعهد الموسيقى العربية من المعالم المعمارية والتاريخية البارزة في قلب القاهرة، ويتبع المركز الثقافي القومي (دار الأوبرا المصرية). ويضم مسرحاً، ومتحف موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، ومتحف الآلات الموسيقية، والمكتبة الموسيقية. حسب بيان الوزارة.

وتعود فكرة معهد الموسيقى العربية إلى عام 1914؛ في محاولة لحفظ تراث الموسيقى العربية على يد مصطفى بك رضا، وخصصت الحكومة المصرية مكاناً للمعهد في شارع رمسيس، وتم افتتاحه على يد الملك فؤاد الأول عام 1922، 

وتم تسجيل المبنى باعتبارها أثراً تاريخياً عام 2001 بقرار من وزير الثقافة وقتها، وتم ترميم المبنى لمدة عام ونصف العام، ليستعيد رونقه التاريخي، بحسب دار الأوبر المصرية، التي زودته بتقنيات تكنولوجية حديثة في نظام الصوت والإضاءة والتجهيزات الفنية.

ويؤكد أستاذ الموسيقى بأكاديمية الفنون المصرية، الدكتور محمد شبانة، على أهمية هذا المبنى وما يمثله من قيمة تاريخية، موضحاً أن «معهد الموسيقى العربية، أو (معهد فؤاد للموسيقى الشرقية) شهد انعقاد أول وأهم مؤتمر للموسيقى العربية 1932».
 
وأضاف : «هذا المعهد كان ملتقى الكبار، حيث كانت تعقد بروفات أغاني أم كلثوم وعبد الوهاب وغيرهما، وكان المكان المفضل للمطربين والملحنين العازفين، وبعد صيانته وتجديده أصبح أحد مسارح دار الأوبرا ذات التاريخ العريق والعمارة والزخارف والخط العربي الذي يزين جدرانه ويوثق لنشأته ليصبح مصدر فخر لكل محبي التراث المصري».

ويضم المعهد متحفين هما متحف محمد عبد الوهاب الذي افتتح عام 2002، وبه العديد من مقتنياته الشخصية التي أهدتها أرملته نهلة القدسي لوزارة الثقافة،

 ويضم أيضاً متحف الآلات الموسيقية، ويضم مجموعة من الآلات القديمة، التي تم العثور عليها أثناء ترميم المبنى وتم تجديدها بعناية وعرضها، وتتنوع بين الوتريات وآلات النفخ والإيقاع وغيرها، ومنها آلات نادرة مثل بيانو الثلاثة أرباع تون والمخصص للمعزوفات الشرقية، وآلة الكوتو اليابانية وآلة السينتار الهندية وآلة السانتور وآلة المندولين المعدنية التي عزف عليها محمد عبد الوهاب في أغنية عاشق الروح بفيلم «غزل البنات»، وفق منشور لدار الأوبرا المصرية.

ويلفت شبانة إلى أن المعهد «يضم الآن متحف الموسيقار محمد عبد الوهاب ومقتنياته التي لا تعوض ولا تقدر بثمن، من بينها عوده ووثائق أخرى نادرة»، مؤكداً أن «هذه المباني النادرة تحمل عبق التاريخ ومسيرة الرواد الكبار، ويجب أن تكون مصدر فخر للمصريين».

وأكدت وزارة الثقافة أنها ستتخذ كل ما يلزم للحفاظ على هذا الصرح الثقافي العريق، بما يضمن سلامته وسلامة العاملين به، وصون التراث المصري.