Logo

أسبوع أفلام لبنانية: تنويعات سينمائية عن بلدٍ وحكايات وأناس

 في خطوة يُراد لها أن تكون احتفالاً بالفن السابع المحلّي، تنظّم وزارة الثقافة اللبنانية أسبوعاً سينمائياً تُعرض فيه تنويعات بصرية مختارة من مراحل إنتاجية عدّة، لتقديم ملامح بلدٍ وصناعة وأفرادٍ لهم ولهنّ أدوار فاعلة في كتابة فصول من تاريخ لبنان وسينماه. 

وتقيم وزارة الثقافة اللبنانية، بين 21 و26 سبتمبر/ أيلول الحالي، أسبوعاً للسينما اللبنانية، تُعرض فيه أفلام قديمة الإنتاج، باستثناء جديد سليم صعب، الوثائقي "وليد شميط، حياة في قلب السينما" (2025، 52 د.).

ويهتمّ الأسبوع بأرشيف تلك السينما المحلية، رغم أنّ الموقع الإلكتروني للوزارة يخلو من أي تفاصيل معنية بالأسبوع، وما يُعتَبر بمثابة "احتفال سنوي بالسينما اللبنانية، وأرشيفها الرائع، بكلّ البلد"، 

بحسب خبرٍ إعلامي، يذكر أنّ الأفلام الستة المختارة للنسخة الأولى ستُعرض مجّاناً في صالات متفرّقة في بيروت وطرابلس وصيدا وحمانا وأميون والنبطية وبعلبك، 

ما يعني أنّ هناك رغبة في إيصال السينما المحلية إلى ناس البلد، في مدنهم الموزّعة في أكثر من محافظةٍ، منها الجنوب (صيدا والنبطية) والبقاع (بعلبك)، 

رغم أنّ الجيش الإسرائيلي مستمرٌّ في قصف بلدات عدّة فيهما، وهذا ربما منبثقٌ من محاولة إيجاد فسحة تنفّس عبر الشاشة الكبيرة، وسط ظلال الموت التي تلاحق اللبنانيين واللبنانيات منذ اليوم التالي لـ"طوفان الأقصى" (السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2025).

أوّل تلك الأفلام، "إلى أين؟" (1957) لجورج نصر، المعروض في مسابقة الدورة العاشرة (2 ـ 17 مايو/ أيار 1957) لمهرجان كانّ عن حكاية عائلة مُقيمة في بلدتها الريفية، 

تعاني ألم هجرة الزوج/الأب إلى البرازيل، بحثاً عن حياة أفضل، تتمثّل بعمل وسكينة وعيش كريم. التجربة لن تكون مريحة، والعودة تكشف خفايا رحلةٍ واختبارات، ومعنى الهوية والعلاقات العائلية والبشرية، إلى الهجرة ومنافعها ومتطلّباتها (21 و24 سبتمبر).

أما وثائقي صعب، الذي يُكرِّم عبره والده الناقد والناشط السينمائي وليد شميط (1942 ـ 2024)، فيوثّق فصولاً من سيرة رجل وأب، له حضور فاعل في المشهد السينمائي والثقافي اللبناني قبل اندلاع الحرب الأهلية (1975 ـ 1990) وفي أعوامٍ عدّة منها، 

وفي غربته الباريسية الطويلة. والناقد له اشتغال في التلفزيون والإذاعة أيضاً (22 سبتمبر).

هناك أيضاً "همسات" (1980)، أو "حنين إلى أرض الحرب"، لـمارون بغدادي مع الشاعرة ناديا تويني والمُصوّر الصحافي نبيل إسماعيل، يتجوّل بغدادي عبرهما ومعهما في شوارع بيروتية مدمَّرة، في إحدى لحظات الهدوء النسبي زمن الحرب الأهلية نفسها، 

وحوارٌ داخلي (مع الذات) وخارجي (مع الآخر)، يتناول مفهوم الحرب وعلاقتها بالمدينة، وتأثيراتها على الفرد وتفكيره. كما أنّ الـ"همسات" نفسها محاولة سينمائية لمخرجها في بحثه عن ارتباطه بالمدينة، التي يصنع عنها وفيها ومعها بعض أجمل الوثائقيات والأفلام الروائية، قبل مغادرته إياها في النصف الأول من ثمانينيات القرن 20.
 
وإذْ يكتفي إسماعيل بتصوير الخراب والناس والفضاءات المفتوحة على الغامض والمُقلق، كما على بحثٍ عن منفذٍ أو راحة؛ تُشارك تويني في قول شيءٍ من ألمها وحبّها وتمسّكها بالمدينة نفسها، عبر جمل مكثّفة، ومقتطفات من قصائد لها باللغة الفرنسية (23 سبتمبر).

أمّا "ليلى والذئاب" (1984)، لهني سرور، فيروي حكاية ليلى، التلميذة اللبنانية المتمرّدة على مناهج التاريخ المفروضة من المستَعْمِر، فتقرّر القيام برحلة عبر التاريخ، من فلسطين التي يحكمها الانتداب البريطاني، إلى غزو لبنان: "تتفهّم (ليلى) أنّ علينا دوراً في صنع التاريخ". 

مزيجٌ من الدراما والتوثيق، يُساعد ليلى في رحلتها تلك، التي تكشف لها الدور الخفيّ، غير الموثّق غالباً، للنساء، في حركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية، منذ بدايات القرن 20 إلى ثمانينياته (23 و24 و25 سبتمبر).
 
من جهته، يلتقي "كان يا ما كان بيروت" (1994)، لجوسلين صعب، بـ"ليلى والذئاب"، باختيارهما رحلة في التاريخ، لتوثيق واكتشاف وإضاءة، بحثاً عن مخفيّ أو غير معروف: 

إنّها رحلة بحث أيضاً، في ماضي بيروت، عن ذاكرة وحضور جماعيين، ومعنى وجود هذا البلد وناسه، عبر شخصيتين أساسيتين (ميشيل تيان وميرنا معكرون)، ترويان حكاية هذه المدينة بين عشرينيات القرن الماضي وعشية اندلاع الحرب.

 وبقدر براءتهما وعفويتهما وصدقيتهما (لانتمائهما إلى جيل لبناني غير عارف أكثر من صُور الموت والدمار والأحقاد والجنون،

 في بيروت الحروب المتنوّعة) في التعبير عن معنى اكتشافهما هذا الماضي، وإنْ بجانبيه الأسود والسلبي، تعرفان أيضاً كيف تُعبّران عن وجع كثيرين وكثيرات، وتنجحان في التعرّف إلى هذه المدينة.

هذا كلّه من خلال انغماسهما في أرشيف سينمائي ضخم، تنبشان فيه لقطات وأفلاماً تُصوّر بيروت. بذلك، تواجهان فجوة عميقة بين بيروت السينمائية وواقع الحرب وبصماتها وأفعالها (24 و25 سبتمبر).

أخيراً، هناك "سهرية" (1973)، أول مسرحية لزياد الرحباني، تكشف بعض ما يمتلكه ابن فيروز وعاصي من مقوّمات إبداعية، تأليفاً وإخراجاً وموسيقى وأغنيات. قصة بسيطة تدور أحداثها في قهوة نخلة التنين (جوزف صقر)، ملتقى أهل البلدة الريفية وزوّارها، والحيّز الذي يكشف خصوصيات وعلاقات، ويُتيح لأصواتٍ جديدة فرصة الغناء (26 سبتمبر).