مسلسلات رمضان السورية: التوجه لن يكون شامياً
على مدار سنوات الحرب في سورية، توجه المنتجون إلى صناعة الأعمال الشامية بكثرة، وأحياناً كانت تُنتَج في الموسم الواحد خمسة مسلسلات شامية دفعة واحدة،
وذلك يعود إلى عدة أسباب؛ أولها محاولة الهروب من فخ الرقابة الجائر أيام النظام السابق، وثانيها هو طلب القنوات العربية هذه الأعمال، والابتعاد عن الدراما السورية المعاصرة بغية عدم الدخول في أتون الحرب في سورية.
اليوم، وبعد سقوط النظام، يبدو أن التوجه الإنتاجي العام لن تكون للدراما الشامية فيه حصة الأسد، فهناك نوع من التوازن والتنوع، بل حتى إن الأعمال السورية المعاصرة التي تتحدث عن فترة سقوط النظام باتت مطلوبة عربياً ويجرى العمل عليها.
في الموسم المقبل، سيطالع المشاهدون لغاية الآن ثلاثة أعمال شامية، وهذا العدد يثبت أن التوجه لن يكون شامياً كما كان يحصل في السنوات السابقة.
العمل الأول هو مسلسل "النويلاتي" الذي لا يمكن اعتباره مسلسل بيئة شامية بحتاً، بل يمكن اعتباره فانتازيا مستقاة من تفاصيل البيئة الشامية من ناحية المناخ العام والديكور وبعض القصص، لتكون الحكاية شبيهة بما قُدِّم في "العربجي" و"السبع".
العمل كتبه عثمان جحا مؤلف مسلسل "العربجي" الذي حقق مشاهدات كثيرة، ويخرجه يزن شربتجي بإشراف فني لشقيقته المخرجة رشا شربتجي، من إنتاج شركة غولدن لاين.
يتناول "النويلاتي" حكايات عدة تدور حول صناعة الغزل والنسيج في دمشق وتربية دود القز والصراع على الاحتكار في هذه السوق، مع التعريج على طوشة الشام الطائفية التي حدثت عام 1860.
العمل الجاري تصويره في دمشق يتصدر بطولته سامر المصري الذي يلعب دور فيصل الغواص، وتقف بمواجهته الممثلة ديمة قندلفت التي تعود إلى هذا النوع من الأعمال بعد مسلسل "العربجي".
العمل الثاني تنتجه شركة قبنض ميديا، لصاحبها أيهم قبنض، بعنوان "اليتيم"، عن نص للكاتب قاسم الويس وإخراج تامر إسحاق. يتناول العمل قصة عرسان اليتيم الذي يؤدي دوره الممثل سامر إسماعيل،
إذ يتعرض إلى مواقف لا تخلو من المؤامرة عليه ما يجعله مظلوماً في حارته، وتتخلل كل هذه الصراعات قصة حب يعيشها البطل مع عشيقته التي تؤدي دورها رهام قصار.
يضم المسلسل عدداً من أبرز أسماء الدراما السورية، على رأسهم أيمن رضا وشكران مرتجى وفادي صبيح وجيني إسبر ولينا دياب.
ورغم أنه من المتوقع أن يحضر العمل بقوة في موسم رمضان القادم، لكن يُخشى من أسلوب الطرح والنص على اعتبار أن كاتبه الويس قدّمَ سابقاً مسلسلاً شامياً بعنوان "الوشم" مع المخرج عمار تميم، ولم يحظَ بانتشار واسع نتيجة ضعف القصة وتكرارها والإخراج أيضاً.
لا تتردد شركة شاميانا للإنتاج الفني كل عام في تقديم عمل جديد مع المخرج عمار تميم الذي تعمل معه في كل موسم. وبينما قدمت العام الماضي مسلسل "بنات الباشا"، تعود "شاميانا" وتميم هذا العام لتقديم مسلسل شامي جديد بعنوان "شمس الأصيل" عن نص لقاسم الويس أيضاً.
ورغم سعي الشركة في كل سنة إلى تقديم حكاية جديدة، إلا أن تواضع القصص والإخراج يجعل من المسلسلات التي تنتجها مكررة وبدائية، ولا يمكن التعويل عليها كثيراً، لا سيما بعد تقديم مسلسل شامي ضعيف من كل النواحي في رمضان الماضي بعنوان "بنات الباشا".
يتناول شمس الأصيل قصة صراع عائلي وبحث عن استلام زمام السيطرة والنفوذ، وستلعب بطولته عبير شمس الدين ووائل زيدان ولينا حورانة وسوزان سكاف.
بحسب كل هذه المعطيات، يتبين أن الدراما الشامية بدأت نوعاً ما بالتراجع، ومن الواضح أن هناك خفوتاً في الطلب عليها وذلك بسبب تكرار القصص أولاً، وملل الناس منها ثانياً،
إضافة لاتجاه رحب أكبر يتناول قصصاً معاصرة كان لا يمكن طرحها بقوة في عهد نظام بشار الأسد، ما قد يجعل الصورة الدرامية في الفترة القادمة أكثر واقعية من خلال طرح أعمال اجتماعية معاصرة تلامس الإنسان وهمومه، بعيداً عن قصة الحارة والعقيد والزعيم.