السعودية تريد أن تكون عاصمة للأفلام.. هل تتمكن من ذلك؟

"ستصبح السعودية مقبولة على نطاق واسع كمصدر للتمويل في هوليوود وستجذب استثمارات رفيعة المستوى".

كتب هذا الكلام أعلاه أحد المديرين التنفيذيين عندما طلب منه لوكاس شاو، من "بلومبرج"، عمل تنبؤات لعام 2023، ومنذ قراءة هذا، بدأ كاتب التقرير يرى ويسمع عن الأموال السعودية كل أسبوع، وهي ليست فقط مجرد أموال المملكة، بل أموال قطرية وإماراتية أيضا.

لذا يشرح التقرير سبب بدء بعض دول الشرق الأوسط بإنفاق الكثير من الأموال على وسائل الإعلام وماذا يعني ذلك؟.

يشير تقرير بلومبرج إلى أن رؤية عشرات المشاهير العالميين في جدة، المدينة التي يزيد عدد سكانها عن 4 ملايين نسمة على الساحل الغربي السعودية، في أوائل ديسمبر/كانون الأول، هو مؤشر على اهتمام المملكة.

وتعتبر جدة بوابة لمدينة مكة المكرمة، فضلاً عن كونها منفذ دخول للمسافرين الأجانب القادمين إلى السعودية. وقد حاولت ثاني أكبر مدينة في المملكة تحويل نفسها إلى مركز ثقافي شبيه بمهرجان "كان" السينمائي من خلال استضافة مهرجان البحر الأحمر الدولي.

وقد ضمت قائمة الحضور في النسخة الثانية من الحدث العديد من أعضاء هوليوود في عام 1995، وشغل أوليفر ستون منصب رئيس لجنة التحكيم، بينما جلس سبايك لي وأنطونيو بانديراس وأندي جارسيا لإجراء محادثات حول السينما.

ويضيف التقرير أن هناك الكثير من النجوم المعاصرين كانوا حاضرين أيضًا، بما في ذلك هنري جولدينج وجويل كينمان وميشيل رودريجيز، وغيرهم.

توسيع النفوذ

ووفقا للتقرير، تحرص السعودية على توسيع نفوذها على المسرح العالمي من خلال الاستثمار في الثقافة الشعبية، وقد أنفقت بالفعل مليارات الدولارات لإنشاء دوري جديد للجولف، وأخرى في ناشري ألعاب الفيديو، وهي تحول اهتمامها الآن إلى هوليوود؛ حيث إن وجود مشاهير على أراضيها في مهرجان سينمائي يضفي مصداقية على تلك الجهود حتى لو لم يحضر كل النجوم الكبار.

من زاوية أخرى، يشير التقرير إلى أن الدولة تقدم أيضًا حوافز سخية لصانعي الأفلام والاستوديوهات إذا قاموا بالتصوير هناك، وقد جذبت هذه الحوافز بالفعل بعض الإنتاج، بما في ذلك فيلم من بطولة أنتوني ماكي.

ويفيد التقرير أنه بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، تراجعت بعض الشركات عن العمل مع المملكة، ولكن بدأت مقاومة الأموال تتلاشى بفضل مزيج من الوقت والضرورة؛ حيث تواجه الشركات التي تحتاج إلى رأس المال صعوبة أكبر في الاستفادة من العديد من مصادرها التقليدية.

وحول مصادر التمويل يشير التقرير إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا أغلق أحد المصادر، فيما حدت الصين من قدرة شركاتها على الاستثمار في الخارج. وأدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة تكلفة جمع الأموال من مصادر التمويل في الولايات المتحدة وأوروبا. وعلى الجانب الآخر استفادت قطر والسعودية والإمارات من ارتفاع أسعار النفط.

قبلت الشركات الإعلامية منذ فترة طويلة التمويل من القطريين والإماراتيين، حيث استثمر صندوق الثروة السيادي القطري في استوديو الأفلام "ميراماكس"، شركة الترفيه التي يملكها بيتر تشيرنين، واستثمرت "مبادلة"، صندوق الاستثمار الإماراتي المملوك للدولة، في كتالوج الموسيقى لمايكل جاكسون، ويتطلع كل من البلدين لشراء فرق بالدوري الأمريكي للمحترفين.

النموذج الصيني

يعقد التقرير مقارنة بين الصين سابقا والشرق الأوسط اليوم، حيث ضخ الصينيون مليارات الدولارات في صناعة السينما، وقاموا ببناء آلاف المسارح، واستثمروا في شركات إعلامية أمريكية، ومولوا العديد من أكبر أفلام هوليوود، وفي غضون سنوات قليلة فقط، أصبحت بكين ثاني أهم سوق للأفلام في العالم بعد الولايات المتحدة، وحلت الأفلام الصينية محل الأمريكية في صدارة شباك التذاكر في البلاد.

ولكن معظم المنتجين متفائلون بأن السعودية لن تفعل ذلك، ويعتقدون أنها وقطر والإمارات حريصون على ممارسة المزيد من النفوذ وتحسين سمعتهم، لكنهم متشككون في أنهم يريدون صناعة أفلام للاستهلاك المحلي فقط.

ويعرض التقرير تجربة فيلم "قندهار" الذي تم تصويره في السعودية، حيث ساعدت وكالة "كرييتف آرتيستس" في هوليوود بربط المنتجين مع "إم بي سي"، ومع ذلك يرى التقرير أن عددا من المنتجين ما زال مترددا في التعامل مع المملكة.

المصدر | لوكاس شاو/ بلومبرج