لماذا يفشل بعضنا في مقاومة «الحنين إلى الماضي»؟

 في كثير من الأحيان، يغرق معظمنا في بحر الذكريات وتأخذه موجة من الحنين إلى الماضي لسنوات جميلة مضت؛ الأمر الذي يشعل بداخله أحاسيس جميلة ومؤلمة في وقت واحد.

إنه تجربة عاطفية مختلطة؛ لذلك فإننا حين نشعر بالحنين إلى الماضي، فقد نشعر بالخسارة والشوق، لكننا نختبر أيضاً مشاعر إيجابية مثل السعادة والامتنان.

إلا إن هذا الإحساس قد يستمر مع البعض لوقت طويل بشكل يجعله رافضاً حياته الحالية. وقد أشار الخبراء إلى أن جاذبية الحنين إلى الماضي قوية بما يكفي لتجعل مقاومة هذا الإحساس صعبة إلى حد كبير.

وتحدثت شبكة «سي إن بي سي» الأميركية مع آندرو أبيتا، الأستاذ المساعد في قسم علم النفس بجامعة «روتغرز» الأميركية، عن أسباب فشل البعض في مقاومة هذه المشاعر.

وقد رجح أبيتا أن هذا الأمر يرجع إلى ما يلي:

الحنين يمكن أن يعزز مشاعر الراحة والأمان

قال أبيتا: «قديماً كان يُنظر إلى الحنين على أنه شيء سلبي، مثل المرض العقلي تقريباً؛ الذي يحدث بسبب سفر الشخص أو ابتعاده عن بلاده أو منزله على سبيل المثال».

وأضاف: «ومع ذلك، اكتشف الباحثون بمرور الوقت أن الحنين في حد ذاته لا ينتج مشاعر سلبية، ولكن الناس ينجذبون ويندفعون نحو الحنين بشكل أكبر عند معاناتهم من مشاعر سلبية».

ولفت إلى أن الانخراط في الحنين يكون أعلى عندما يكون الشخص متوتراً أو حزيناً، مشيراً إلى أنه في هذه الحالة يوفر فوائد نفسية إيجابية للشخص ويعطيه إحساساً بالراحة والهدوء والسعادة. وتابع: «على سبيل المثال، التفكير في الذكريات الجيدة، مثل رائحة بسكويت جدتك أو عطر والدتك، يمكن أن يعزز سعادتك ويمنحك شعوراً بالحب والدعم والأمان، خصوصاً إذا كنت تعاني عاطفياً».

الحنين يعزز الشعور بالترابط الاجتماعي

يقول أبيتا: «أحد الأسباب التي تزيد من جاذبية الحنين وتجعل الأشخاص أقل قدرة على مقاومته هو أنه يعزز الشعور بما نسميه (الترابط الاجتماعي)».

وأضاف: «في كثير من الأحيان، حين يشعر الشخص بالوحدة؛ فإنه يحن إلى تلك الأيام التي كان فيها محاطاً بالعائلة والأصدقاء. هذا الأمر يشعره بكثير من الحب والانتماء والترابط الاجتماعي».

ويمكن أن يساعد الحنين إلى الماضي وتذكر الأحداث والذكريات القديمة أيضاً في كسر الجمود إذا التقيت بصديق قديم ولم تكن تعلم كيف تبدأ محادثة معه.

المرور بتجارب سيئة

أحيانا قد يندفع الأشخاص إلى بحر الذكريات والحنين إلى الماضي للشعور ببعض القوة في أثناء المرور بالتجارب السيئة.

وقال أبيتا: «قد يمر شخص ما بعلاقة عاطفية سيئة للغاية. لكن تلك التجربة ساعدته على أن يصبح أقوى وأكثر صبراً. ومن ثم، فإن الحنين إلى هذه الذكريات قد يساعد الشخص على تخطي التجارب الجديدة الصعبة حيث سيشعر بقوته وقدرته على تخطيها بسهولة».