حروب أميركا الخاسرة تُطيح بموظّفي شبكة «الحرّة»!

 منذ انطلاقتها في عام 2004، لم تعرف شبكة «الحرة» الأميركية الناطقة باللغة العربية، الاستقرار، بل كانت تشهد باستمرار تقلّبات وتغييرات، أدت تباعاً إلى عمليات صرف كبيرة لموظفيها.

 حتى إن «الحرّة» التي تعدّ الذراع الإعلامية للسياسة الأميركية في المنطقة، باتت تُعرف بأنها الشبكة الأكثر تقلّباً في الشرق الأوسط. 

ورغم ارتفاع ميزانيتها التي تموَّل مباشرة من الكونغرس الأميركي، إلا أنّ الشبكة فشلت في مخاطبة المشاهد العربي، مقتصرةً على دورها بصفتها أداةً إعلاميةً تروّج للسياسات الأميركية في الشرق الأوسط. 

أول من أمس الإثنين، أفاق موظفو «الحرّة» على خبر إعلان إدارة القناة عن صرف أكثر من 160 موظفاً عاملاً فيها دفعةً واحدة، أيّ ما يُعادل عشرين في المئة من مجمل عدد موظفيها. 

وكشفت الشبكة عن إغلاق قناة «الحرّة عراق» وصرف جميع العاملين فيها، بعدما انطلقت في بغداد قبل نحو عشرين عاماً. 

في بداية عملها، طرحت «الحرة عراق» نفسها قناة «مستقلّة»، تزامناً مع الغزو الأميركي للعراق عام 2003. 

حاولت منافسة قناتي «الجزيرة» القطرية و«العربية» السعودية، ولكنها فشلت في جذب الجمهور ومخاطبته، ثم خرجت سياسة «الحرّة» عن السيطرة، ساعية إلى تلميع صورة الأميركي المحتلّ، والمساهمة في بثّ الفتن المذهبية والطائفية.
 
في هذا السياق، قال جيفري غيدمن الرئيس التنفيذي بالوكالة لـ «شبكة الشرق الأوسط للإرسال» (MBN) التي تنضوي تحتها «الحرّة»، في بيان وزِّع قبل يومين على العاملين: «اليوم هو يوم حزين. 

ودّعنا اليوم 160 من زملائنا. لقد قلّصنا قوة العمل لدينا بـ 21%. إن التغييرات التي نقوم بها فرضتها علينا الظروف. 

استدعت تخفيضات الميزانية التي أقرها مجلس الشيوخ تقليص مصاريف الشركة بنحو 20 مليون دولار أميركي. تشكّل رواتب ومزايا الموظفين أكثر من 70 في المئة من مصاريف المؤسسة».

وأعلن غيدمن دمج عن قناة «الحرة-عراق» في محطة «الحرة» لتصبح شاشة واحدة بحلّة جديدة، مع «التركيز على بناء علاقة حيوية مع جمهور الشباب في المنطقة» على حد تعبير غيدمن. 

وأضاف: «إن «مهمة «شبكة الشرق الأوسط للإرسال» الإعلامية لم تتغير، وتتلخص في تقديم محتوى يروي قصة التجربة الأميركية، 

بالإضافة إلى قضايا حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومواجهة حملات التضليل الإعلامي التي تمارسها إيران، وروسيا، والصين في المنطقة». 

وختم غيدمن بالقول إنّ «الشبكة ستزيد تغطيتها الميدانية المعمّقة للأحداث، مع تركيز أكبر على الصحافة الاستقصائية والصحافة التوضيحية وصحافة الحلول».

على الضفة نفسها، تشير المعلومات إلى أنّ قرار صرف الموظفين جاء بعد خفض الكونغرس الأميركي ميزانية «الحرّة» إلى الثلث تقريباً (يُحكى أنها تصل تقريباً إلى 60 مليون دولار أميركي سنوياً)، بعد الكلفة المالية التي تكبّدتها الولايات المتحدة الأميركية في دعمها لأوكرانيا ونفقات الحرب ضد روسيا. 

وتشير المعلومات إلى أنّ عمل شبكة «الحرة» سيستمرّ بفريقها المتبقّي، مع التركيز على صفحات السوشال ميديا والناشطين المؤثرين في ذلك العالم. 

وتلفت المصادر إلى أنّ قرار «الحرة» الأخير لم يكن جديداً على العاملين فيها، بل كانت كل التغييرات تشير إلى أن الشبكة تتّجه نحو تقليص موظفيها بشكل كبير. 

فمنذ عام 2018، بدأت الشبكة قرار خفض ميزانيتها وعدد الصحافيين فيها، تطبيقاً للقرارات التي اتخذها الأردني نارت بوران الذي انضمّ إلى القناة في موقع نائب المدير العام ومدير المحتوى، قبل أن يستقيل بوران لاحقاً من منصبه قبل أربعة أعوام تقريباً.
 
يومها، راحت الشبكة تركّز على مكتبها في دبي، ليكون المركز الأساسي لها بعد الاستغناء عن موظفيها في بيروت والدول العربية الأخرى. وفي تلك المرحلة، كانت الشبكة تتحجّج بإعادة الهيكلة، لتطلّ في حلّة جديدة على موظفيها.

 لكن خلال هذه الدوّامة، كانت تتمّ تصفية عدد كبير من الموظفين تباعاً.

في السياق نفسه، لا يبدو أن مكتب «الحرة» الذي يتخذ من «استديو فيزيون» التابع لقناة mtv في النقاش (شمال بيروت) مقراً له، سيكون بعيداً عن العواصف المالية التي ضربت أرجاء الشبكة في جميع العواصف العربية. 

لكن حتى اليوم، لم يكشف بعد عن طبيعة التغييرات التي ستطال المكتب. على مدار سنوات عدة، شهد مكتب «الحرة» في لبنان قرارات متقلّبة، عرّت شعارات الحرية الزائفة التي ترفعها الشبكة. 

ففي عام 2022، صرفت القناة المقدمة اللبنانية ليال الاختيار مقدمة برنامج «المشهد اللبناني» آنذاك من عملها، على إثر تصريحاتها التي قالت فيها إنها تتمنى إجراء مقابلة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لتعلن الاختيار لاحقاً انضمامها إلى شبكة «العربية - الحدث» السعودية. 

ومنذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في تشرين الأول (أكتوبر) 2023، عملت شبكة «الحرة» على شيطنة المقاومة الفلسطينية واللبنانية وتبنّي السردية الصهيونية، ما أدّى إلى تغييبها عن الصورة الإعلامية بشكل نهائي، وفقدان ثقة المشاهدين بها على إثر دفاعها عن العدو وجرائمه التي يرتكبها بحق أهل غزة.

زكية الديراني