Logo

"القاضي الرحيم" فرانك كابريو يودّع الحياة بعد معركة مع السرطان

 توفي القاضي الأميركي الشهير فرانك كابريو عن عمر ناهز 88 عاماً بعد صراع طويل مع سرطان البنكرياس.

 وأكدت عائلته أن الراحل أثر في حياة الملايين من خلال عمله في قاعة المحكمة وخارجها، "وترك دفئه وروحه المرحة ولطفه أثراً لا يُمحى على كل من عرفه". 

وجاء في الحسابات الرسمية له على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأربعاء أنه "توفي بسلام" بعد "معركة طويلة وشجاعة مع سرطان البنكرياس".

فرانك كابريو... القاضي الرحيم

كان كابريو الشهير بـ"القاضي الرحيم"، يصف قاعة محكمته بأنها مكان "يُقابل فيه الناس والقضايا باللطف والرحمة". وكان معروفاً بإسقاط المخالفات أو إظهار التعاطف حتى عندما كان يصدر الأحكام.
 
قبل رحيله وجّه القاضي فرانك كابريو، رسالة مؤثرة إلى جمهوره في أثناء وجوده على سرير المرض بالمستشفى، يشكر كل من دعا له، وأضاف "كلماتكم وتشجيعكم تعني لي ولعائلتي الكثير، ونحن ممتنون للغاية". 

والأسبوع الماضي، نشر كابريو مقطع فيديو قصير على "فيسبوك" يتحدث فيه عن انتكاسة صحية، وعودته إلى المستشفى، وطلب من الناس أن "يتذكروه في دعواتهم". وشُخِّصَت حالة القاضي كابريو بسرطان البنكرياس في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
 
خلال فترة عمله، صُوِّر برنامجه Caught in Providence في قاعة محكمته، وكان يتميز بروحه المرحة وتعاطفه. 

وقد حصدت مقاطع الفيديو أكثر من مليار مشاهدة على وسائل التواصل الاجتماعي، ورُشِّح لجائزة "داي تايم إيمي" سنة 2021. 

كانت شخصية كابريو تختلف عن كثير من القضاة في البرامج التلفزيونية، أكثر تعاطفاً وأقل تصادماً وإصداراً للأحكام. في مقاطعه القصيرة على يوتيوب، غالبا ما يُرى كابريو متعاطفاً مع من يقفون أمامه في المحكمة. 

وكانت معظم المخالفات التي ينظر فيها بسيطة نسبياً، مثل عدم استخدام إشارة الانعطاف أو مخالفة بسبب إقامة حفلة صاخبة.

"الحرية والعدالة للجميع"

كذلك استخدم كابريو شهرته لمعالجة قضايا مثل عدم المساواة في الوصول إلى النظام القضائي. 

وقال كابريو في أحد الفيديوهات: "إن عبارة "مع الحرية والعدالة للجميع" تُمثل فكرة أن العدالة يجب أن تكون متاحة للجميع، لكنها ليست كذلك. 

حوالى 90% من الأميركيين ذوي الدخل المحدود يُجبرون على خوض معارك في قضايا مدنية مثل الرعاية الصحية، والطرد غير العادل، وحتى مخالفات المرور، بمفردهم".

جلب أسلوب كابريو الإيجابي في عمل القاضي ملايين المشاهدات. ومن أشهر مقاطع الفيديو التي دعا فيها الأطفال إلى منصة القضاء للمساعدة في إصدار الأحكام على آبائهم. 

ويظهر في أحدها وهو يستمع بتعاطف إلى امرأة قُتل ابنها، ثم يسقط عنها مخالفات وغرامات قدرها 400 دولار. 

وفي مقطع آخر، بعد إسقاط مخالفة إشارة حمراء عن نادل كان يتقاضى 3.84 دولارات في الساعة، حث كابريو المشاهدين على عدم التهرب من دفع الفواتير. 

وقال في الفيديو: "إذا كان أحد يشاهدني، فأريده أن يعلم أن من الأفضل ألا تأكل وتهرب، لأنه سيقبض عليك، وسيضطر الفقراء الذين يعملون بجد طوال اليوم مقابل ثلاثة دولارات في الساعة إلى دفع فاتورتك".

رمز التعاطف في ساحة القضاء

وصفته عائلته بأنه "زوج وأب وجَدّ وصديق مُخلص". وأضافت: "كان محبوباً بسبب تعاطفه وتواضعه وإيمانه الراسخ بخير الناس. لقد أثر في حياة الملايين من خلال عمله في قاعة المحكمة وخارجها، وترك دفئه وروحه المرحة ولطفه أثراً لا يُمحى على كل من عرفه".

وقد نعى سياسيون في الولاية وعلى المستوى المحلي وفاته وأشادوا بمسار حياته الحافل بالخير والعطاء والمحبة. 

وقال حاكم ولاية رود آيلاند، دان ماكي، في بيان: "لم يكن القاضي كابريو يخدم الناس فحسب، بل كان يتواصل معهم بطريقة هادفة... لقد كان أكثر من مجرد قاضٍ، كان رمزاً للتعاطف في ساحة القضاء، يُظهر لنا ما يمكن تحقيقه عندما تمتزج العدالة بالإنسانية".
 
بدوره أفاد روبرت ليونارد، الذي كان يشارك كابريو ملكية مطعم، بأنه "سيُفتقد بشدة" ووصفه بأنه "كان رائعاً بكل المقاييس"،  وأضاف: "لم يكن هناك شيء لن يفعله من أجلك إذا كان قادراً على ذلك".

4 عقود من العدالة 

 وُلد كابريو في 24 نوفمبر 1936 بمدينة بروفيدنس في ولاية رود آيلاند في أسرة متواضعة، وكان الثاني بين ثلاثة أولاد نشأوا في حيّ فيدرال هيل، تميّز مساره الشخصي والمهني بالكد والاجتهاد، وآمن بأن العمل لا يتأتى إلا ببذل الجهد. 

تخرج من كلية الحقوق بجامعة سوفولك في بوسطن، شغلَ عدة مناصب، من بينها منصب رئيس مجلس محافظي رود آيلاند للتعليم العالي، ومنذ عام 1985 شغل منصب قاضي بلدية بروفيدنس، حتى تقاعده عام 2023، بعد ما يقرب من أربعة عقود في خدمة العدالة.

قال في عام 2017: "آمل أن يدرك الناس أن مؤسسات الحكومة قادرة على العمل بكفاءة عالية من خلال ممارسة اللطف والإنصاف والرحمة في مداولاتها. نحن نعيش في مجتمع مليء بالصراعات. وآمل أن يرى الناس أننا قادرون على تحقيق العدالة دون قمع".

 أسوشييتد برس