فليرحل دون رجعة بإحداثه و آلامه و احزانه!

تابعت اخبار اليمن على مدار اليوم في عام ٢٠١٦, حزنت تأثرت و فرحت و تفائلت حسب تغير احداث اليمن. رفضت الحرب كهدف او وسيلة نستمر بها, لما ندرك ان كل شهر حرب يقتضي منا بعدها سنة عمل شاق لمعالجة اثارها و مخلفاتها في المجتمع. كنت متفائل في وصول ابناء اليمن الى الكويت و دعم المجتمع الدولي و دولة الكويت لذلك, لكن لم يستمر التفائل اكثر و الكل يعرف الاسباب. في عام ٢٠١٦ التقيت بالكثير من ابناء اليمن اينما سافرت و عرفت جهود رائعة تدور في الخفاء منهم لخدمة اليمن. عرفت شبابنا و التقيت بهم في الجامعات المختلفة في العالم فلم اجدهم الا اكثر حماس وحب و اجتهاد لم اخجل بهم. و جدتهم بعيدين عن الطائفية و المناطقية, التي نعيشها في الفيس بوك. متفائلون و مصممون على النجاح مهما كان الوضع و يفكرون في مرحلة بعد الحرب للمساهمة في معالجة الاثر.

الشعب اليمني تعب و دفع الكثير من اجل القليل و القليل ان تكون معه دولة لا يخجل بها في المطارات او يعاني لحمله اسمها, لذا يجب ان يجعل هذه الحرب هي الحرب الاخيرة بتاريخه الحديث. لا يجب ان يكون هناك جماعة تكتنز السلاح مهما كلف الثمن او جماعات تصادر حقوقه و اختيارته تحت حجج مختلفة او جماعات تفسر له دينه كما تشاء, او تفرض شعارتها و منهجها بقوة السلاح. نحن امام مفترق طريق, اما ان نكون دولة او لادولة, و الثانية سهلة الوصول لها بوجود مليشيات و خطابات دينية و مناطقية حذرنا منها, و لا يجب ان نعيد تجارب المنطقة.

نرجع و نذكر ونقول, نحن في اليمن حدودنا البرية فيها سياج و مقفلة و يمنع القرب منها من عدة كيلومترات و لن يكون معنا الا البحر منفذ الى من هم افقر منا, اذا نفذنا. اسألوا اهاليكم من كان في المنفذ هارب من جحيم الحرب, ماذا يعني الذل و التعب في الحدود وهم لم يعانوا الا اسبوعين الى ان فتحت المملكة لهم الطريق. لذا فكروا كثيرا قبل التمترس وراء استمرار الحرب, و نشوة حمل البندقية و الانتصار هنا او هناك. فالحرب تبدأ في اي مجتمع بخطاب و لا تنتهي إلا بشعب محاصر, و متناحر و مقسم. أبنائه في ريعان شبابهم في المقابر او لاجئين أو هاربين و غارقين من زحمة القوارب. الحرب بين ابناء الوطن الواحد تضيع الكرامة و تجلب الفقر و المهانة.

ارجع و اقول الحرب في اليمن يجب ان توقف دون الحاجة للانتظار فلا حكومة صنعاء تستطيع ان تستمر دون مال و لا اعتراف و لا حكومة الشرعية في عدن تستطيع ان تواصل في تخفيف معاناة اليمن دون صنعاء و الجهاز الاداري. حكومة صنعاء لن تكون لديها ايرادات حتى لهم, اذا دمرت ميناء الحديدة او نقلت او دمرت وزارة الاتصالات تحت ايجاد البدائل و هذا وارد. لا تنتظروا للخارج فالحرب اليمنية منسية و اليمن امام الاعلام الدولى كدولة موجودة و سفارتها في ٥٢ دولة لا يتحدث احد منهم عن الحرب و كأن اليمن صارت النرويج, فلا ادري لمن منتظرين يوقف العبث؟.

ارجع و اقول ايضا و نحن على ابواب توديع ٢٠١٦ الحرب اليمنية يمكن لها ان تستمر, لكن نحسبها بالعقل بعد سنتين كيف سنجد اليمن. و لكي نعرف ذلك انظروا قبل ثلاث وقبل سنتين و قبل سنة كيف تغيرت الموازين في اليمن و الخارج, فمن اين سوف يتغير الحال؟ الخارج لن يكون شريك في فرض حل مهما طرح من مبادرات و انما هو ينتج عوامل مؤثرة لن تغير في تعاطي الداخل كثيراً و انما يؤثرون على مجريات الواقع و سرعة الاحداث فقط. فالخارج ينتصر عندما يحافظ على مصالحه و ذلك قد تم بصريح العبارة.

يعني ان يظل اليمنيون يقتلون بعضهم البعض سنة أو عشر أو عشرين قد لا يكون مهم كثيراً امام الخارج, المهم أن لا تتضرر مصالحهم في المنطقة و هذه حسب الشواهد الان تحت السيطرة. رسالتي للاخوة يكفي فلن تكون هناك دولة و فيها مليشيات مسلحة خارج مؤسسات الدولة, فلماذا اذا نموت؟ لن تكون هناك دولة و فيها جيوش مختلفة او خطابات مناطقية او عنصرية او طائفية, لن تكون هناك دولة و نصف المجتمع مدمر و مريض و معاق من الحرب, لن تكون هناك دولة دون اختفاء السلاح, لن تكون هناك دولة و فيها مليون جندي مقاومة و حرس و مليشيات تتحملهم الدولة, لن تكون هناك دولة و قوائم القتلة كشهداء لا تنتهي و الدولة تتحمل ذلك, لن تكون هناك دولة دون استقرار تام, لن تكون هناك دولة دون علاقات اقتصادية و تنموية متينة و تكامل مع الجوار, لن تكون هناك دولة دون دعم كبير من الخارج, لن تكون هناك دولة اذا لم نكون عرب نحمي وجودنا من الاستهداف لنا كعرب, فاي دولة تورثون او توّرثون وقتها؟

و مختصر الامر الحروب علمت البشر ان كل شهر حرب يحتاج الى سنة لمعالجة مخلفاتها في المجتمع و انتم خذوا تقويم و قلم رصاص و حاولوا تحسبوها صح, فالحرب و شدة المعاناة وصلت الى داخل كل بيت في هذا العام, و نريد ننقذ الباقي و نبني دولة لا نخجل بها بين الامم تحفظ كرامة الجميع.