مفارقة تختصر مأساة الحكم في العالم العربي
الفرق بين برلين وصنعاء وعدن ليس في عدد السكان ولا في الموارد الطبيعية فحسب، بل في فلسفة الإدارة.
فسكان ولاية صغيرة هنا ودون موارد غير الانسان تُدعى ساكسونيا أنهالت، والتي هي أصغر من محافظة أبين، ويبلغ عددهم حوالي مليوني نسمة،
أي أقل من سكان صنعاء أو عدن أو تعز وبفضل عقولهم وتخطيطهم، يساهمون بـ 84 مليار يورو في الناتج القومي الألماني.
هنا نجد ألمانيا اختصرت القيادة في ستة عقول تخطّط وتُنفّذ، بينما اليمن وزّعت نفسها على مئات العناوين التي لا تجد ما تُديره وحتى كل محافظ لديه جيش من المستشارين.
والأدهى أن البعض ما زال يفاخر بلقب “مستشار” وكأنّه إنجاز بحد ذاته، بينما البلاد لم تعد قادرة حتى على دفع رواتب موظفيها الأساسيين.
إنها مفارقة تختصر مأساة الحكم في العالم العربي بشكل عام واليمن بشكل خاص: نُكثر من المقامات ونُهمل العمل، نراكم الألقاب ونفتقد الفعل.
ألمانيا تُدار بالعقل، واليمن تُغرق نفسها في التشريفات.
وبين الستة هناك دولة مترابطة، وبين المئات هناك وطن يتعب من فرط الكلام وكل يوم تقربنا الى الانهيار الشامل لليمن.