نعم للدولة لا لمن يحمل السلاح

الساعة الثانية وست دقائق حالياً في دمشق وأنا أتامل دمشق من نافذة غرفتي المتواضعة في السكن الجامعي ، وهدوء الليل الجميل الملئ بطمأنينة الشهر الكريم وبعض الصائمون قد بدأوا جَلَبتهم وعَلَت بعض الأصوات وهم يبدأون طبخ سحورهم وترتيب موائدهم ، الكهرباء لم تنقطع دقيقة منذُ أشهر والمياه متوفّرة والأمان قد حلّ على هذه العاصمة الجميلة .

إنها الدّولة يا سادة ومسؤليتها ، بعد أن عانينا كثيرا ونحن نُقلّب أوراقنا في زوايانا من كآفة الخدمات ، ياله من منظر بديع والمنازل كآفة مُضاءة بالكهرباء بعد أوقات عصيبة أصابتها لعنة الحرب بظلام النفوس وظلام الأرض .
كانت آخر فاجعة في دمشق هي العدوان الإسرائيلي السافل الذي لا يجب أن نأمن منه دامت هذه الشوكة مغروسة في قلب وطننا العربي.
إنها الدّولة ياسادة حينما تحضر ، تجلب معها الحياة والأمان والإستقرار لمواطنيها .
بعد أن اشتاق كثيرٌ من اليمنيين إلى لمسات الدولة حتى وان كانت مُهترئة رخوة ، تراهم اليوم ينبرون لتبرير عدوان إسرائيلياً سافراً على أرض عربية عزيزة كريمة ، تحتضن كآفة أبناء العروبة دون تمييز أو أذيّة.
إنها الدولة ياسادة وقوانينها حينما تحضر تأمن الأنفس وتسكن الأرواح فمتى يتعلم الكثير.
على مدى 7 سنوات من الحرب في سورية لم تتخلى الدّولة السورية يوما عن التزاماتها ، تدفع رواتب موظفيها حتى وان كانوا خارج نطاق سيطرتها ويحملون سلاحاً بعكسنا في اليمن.
شهادة أقولها من واقع عشته وحضرته قد يختلف معي الكثير لتعصّبات فرضتها الحرب ونتائجها المؤسفة ، إنما أنا أتحدث هنا عن الدولة وحضورها ، فمتى يتعلّم الكثير من شعبنا معنى الدّولة العميق بعد الألآم والأوجاع التي أنهكتهم .
الدولة بمعناها العميق هي ملاذنا ومأوانا لا العشوائية والتعصّبات التي أنهكتنا .
ينبغي أن نتعلّم من مآسينا لا أن نستمر بالخطأ.
الدّولة هي الحياة غي واقع صبّ مآسيه على الفقراء وذوي الدخل المحدود أو بالأصح المعدوم في ظل وحوشا لا يلتفتون إلى معاناة غيرهم .
نعم للدولة لا لمن يحمل السلاح دونها أيّاً كان .