حيَّ على السلام الذي يعيد "اليمن السعيد"

النزاعات والحروب يصنعها الحمقى وتدفع ثمنها الشعوب ويستثمرها شواذ القوم وتجار الحروب، وترفَعُ الحقراء وتذلُّ كرماء القوم، وتجعل المناصب للجهلاء، وتهين العلماء من حملة الشهادات العليا. 
أما صناعة السلام فهي من أصعب المهام في السياسة ولا يقدم على ذلك إلا القادة الشجعان المتصفون بالحكمة والذين يعرفون كيفية التعامل مع فرص السلام لأنها تحتاج إلى شجاعة أكثر من شجاعة القتال ، والحكمة وتقتضي الإنتقال من المواجهات المسلحة إلى المصافحات وطي صفحات الدم والدمار، كما أنها تستلزم فتح صفحات المحبة والتنمية وحسن النوايا والمصداقية، والمضي إلى الأمام وعدم التراجع للخلف ونبش الجراحات ، وعدم المقامرة والدخول في حسابات من الخاسر ومن المنتصر ومن المهزوم... فلا منتصر في حرب الأخوة، الكل مهزوم، وعندما نمضي بخطوات ثابتة نحو السلام فالكل منتصر والاستمرار في المواجهات الكل فيها مهزوم لأن حجم الكوارث يزداد والضحايا يكثرون كلما طال أمد الحرب . لقد أصبحت أوجاعنا  كثيرة وجراحاتنا عميقة والدمار الذي أصاب اليمن كبير والأكبر من كل هذا هو حالة التشظي والانقسامات والتمزق داخل النسيج الإجتماعي وانهيار التعليم وتفشي الجهل وحالة العزلة العربية والإقليمية والدولية، وكل ذلك له أثر كبير على الإقتصاد والتنمية.
ووضع المواطن الذي أصبح يعاني من الحصار والفقر والجهل والمرض والبؤس واليأس والإحباط وعدم الثقة في كل القائمين على السلطة في صنعاء وعدن ومأرب وحكومة الإغتراب وفي كل الساسة اليمنيين. 
لقد أصبحت فرصة السلام كبيرة جداً، وكما ذكرنا في مقالات سابقة أن الحرب في أوكرانيا دفعت الغرب للاستغناء عن السوق العربية في المرحلة الراهنة، الأمر الذي يوجب علينا الاستفادة من المتغيرات الدولية، وها هي ورقة التوت تسقط على من كان يتغطى بها ليبرر للحرب واستمرارها، فالغرب واقع في معضلة الحرب الأوكرانية الروسية التي استنزفت كل مقدرات التسلح الغربية، وكما أكدت على ذلك دراسة عسكرية  كشفت عن نقص كبير في مخزون السلاح الأميركي بسبب أوكرانيا. 
وذكرت الدراسة التي نشرها موقع “وول ستريت جورنال” حسب ما نشرته رأي اليوم "أن أوكرانيا استهلكت مخزون 7 سنوات من إنتاج أميركا لصواريخ “جافلين”.
وأشارت الدراسة إلى أن مخزون السلاح الأميركي الحالي غير كاف في وقت الحرب.
وبحسب الدراسة، ستعاني الولايات المتحدة من مشكلات في الذخيرة إذا واجهت الصين عسكرياً قريباً، وفق “العربية”.
يأتي هذا في وقت قال فيه رئيس قيادة الأسطول الأميركي داريل كودل إن بلاده تعاني من تأخير في استلام الذخيرة."  وكما تابعنا لقاء مجموعة الإتصال الأوكرانية بقاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا لتنسيق تقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا،والنقاشات الدائرة حول تردد برلين في الموافقة على دعم أوكرانيا بدبابات ليوبارد والذي باء بالفشل. 
لهذا اصبحت فرصة السلام متاحة وبما يتطلب منا الإنتقال إلى مرحلة الوعي لعملية السلام والانتقال من حالة التباعد إلى حالة التقارب ومن حالة التعبئة للعداء إلى حالة التوعية للمحبة والسلام لأن شعبنا يعاني من حالة عدم وعي ويقين، لذلك لا يمكن تغيير الواقع ما لم يتم البدء في حالة التوعية والاستثمار في الإنسان وبناء القدرات والثقافة السوية، فقد حان الوقت للتخلي عن المصفقين والمطبلين والمنافقين لأن المرحلة تتطلب الإعتماد على الشرفاء الصادقين الحريصين على الوطن،
فمبادرة السلام بين صنعاء والسعودية، التي تتضمن وقفاً شاملاً للحرب التي استمرت ثمان سنوات على التوالي خطوة إيجابية ومهمة ولكن الأهم هو الإستناد في الإتفاق على ما يخدم الشعب اليمني ورفع معاناته وجبر الضرر والتأسيس لسلام دائم يحفظ لليمن وحدته وسلامة أراضيه واستقلال قراره السياسي والسيادي وبناء المصالح المشتركة مع الجوار العربي والإقليمي والدولي وفق القانون الدولي وبما يحقق الأمن والسلم الدوليين.

 أ .  نايف القانص - دبلوماسي وسياسي يمني