سلطات أمر واقع تعيث في الأرض فساداً واستبداداً

 المؤلم أكثر أن شعبنا شهد حرباً مروعة جرى فيها استهداف وتدمير مصانعنا ومنتجاتنا، والبنى التحتية بمختلف مسمياتها، ثم جرى وما زال يجري إلى اليوم تحويل شعبنا وبلادنا إلى سوقاً لمنتجاتهم وبضائعهم، بل ووسيط أيضاً لغيرهم، لنتحول نحن ووطنا الممزق إلى سوق استهلاكية دون صناعة أو زراعة أو مستقبل.

ظلت أسواقنا أسواقا لبضائعهم؛ ومتى؟! في زمن الحرب، والأسوأ  أن الحال ما زال على حاله إلى اليوم ، بل بات أكثر إغراقا واتساعا واحتكارا..

كل هذا تم ويتم على حساب ما بقي لدينا من بقية باقية، كتب لها النجاة، ولكن يجري اليوم استكمال تفليسها وتعطيلها وتدميرها بالجبايات الثقيلة، وخلق شروط جديدة وبيئة طاردة للرأسمال الوطني، أو بالأحرى ما بقي منه.. وتركت لنا سلطات الأمر الواقع هنا وهناك تتولى استكمال تلك المهمة البغيضة.

والأشد أيلاماً أن تذهب تلك الدول نحو مستقبلها، وقد خلّفت لنا كل هذا الدمار والخراب، وتركت لنا سلطات أمر واقع بأحقادها وتخلفها وماضيها وكراهيتها، لتعيث في الأرض فساداً واستبداداً وفوضى، وأنشأت لنا مليشيات مناطقية وجهوية وطائفية، ومذهبية، وأمراء حرب يأتمرون بأمرها، وأوضاع اقتصادية مأسوية، أو أكثر من مزريه.