الملف الإنساني مدخلاً لإنهاء أزمة اليمن في نقاشات الرياض

الرأي الثالث - وكالات

 وسط ترقب يمني وإقليمي ودولي للنقاشات الدائرة في الرياض بين الأطراف اليمنية، توقعت مصادر يمنية وغربية أن تتمحور المحادثات في إطار مسودة السلام التي توصلت إليها الأطراف في رمضان الماضي.

ويعتقد المراقبون أن الجهود التي تبذلها مسقط والرياض اللتان تدفعان بكل ثقلهما في الملف، تضع في المقدمة تنفيذ المرحلة المتعلقة بالجانب الإنساني باعتباره المدخل الرئيسي والمنطقي لما يليه من الجوانب العسكرية والسياسية، عادّين أن المسؤولية الأخلاقية والوطنية تقع على عاتق القيادات اليمنية لتقديم التنازلات الكبرى حرصاً على مستقبل الأجيال القادمة.

وحول فحوى مناقشات الرياض الحالية، أشار مسؤول يمني رفيع إلى أنها تدور في إطار مسودة السلام التي أُعلنت في رمضان.

من جانبه، قال دبلوماسي غربي مطلع، إن مسودة السلام بالفعل على الطاولة منذ فترة، مبدياً بعض المخاوف من نية الحوثيين الاستئثار بكل شيء، وتابع: «من الصعب توقع أي شيء مع الحوثيين، علينا الانتظار ورؤية النتائج».

وتقضي الخطة وفق مصادر في الرئاسة اليمنية، في مرحلتها الأولى، بإعلان وقف إطلاق النار، ثم تشكيل لجان فنية لدمج البنك المركزي، وتبادل الأسرى (الكل مقابل الكل)، وبناء الثقة بين الأطراف، ثم مرحلة التفاوض المباشر لتأسيس كيف يرى اليمنيون شكل الدولة، تليها مرحلة انتقالية.

الخطة تشمل كذلك فتح المنافذ جميعها ورفع القيود على المنافذ البرية والبحرية والجوية لتعود للعمل بشكل طبيعي سواء في مناطق سيطرة الحوثي أو الشرعية، إلى جانب عملية إصلاح اقتصادية شاملة بدعم سعودي.

ويعتقد مسؤول يمني قريب من صناعة القرار أن أي اتفاق تتمخض عنه نقاشات الرياض الحالية مع جماعة الحوثي «لن يخرج عن المراحل الثلاث» التي سبق الحديث عنها في مسودة السلام، مشيراً إلى أن «هذه المراحل تنبع في الأصل من المبادرة السعودية في مارس 2021».

إلى ذلك، يرى مصطفى النعمان وكيل وزارة الخارجية اليمنية الأسبق، أن الجهود السعودية - العمانية تركز على تنفيذ المرحلة المتعلقة بالجانب الإنساني، على أساس أنها المدخل الرئيسي لما يليه في الجانب العسكري والسياسي.

وأضاف النعمان: «أنا على يقين بأن الجهود التي تبذلها الرياض ومسقط تضع في المقدمة حرصهما على تنفيذ المرحلة المتعلقة بالجانب الإنساني وتعدانه المدخل الرئيسي والمنطقي لما يليه في الجانب العسكري والسياسي».

ولفت مصطفى النعمان إلى أن «كلاً من الرياض ومسقط تضعان كل ثقلهما وتأثيرهما للتوصل إلى اتفاق يساهم أولاً في وضع حد للمأساة الإنسانية التي يعاني منها الشعب اليمني». 

ولا يستبعد أن «التطور الإيجابي في العلاقات بين طهران والرياض يساهم هو الآخر في تسهيل المفاوضات الجارية».

وبالعودة لخريطة السلام التي نوقشت في أبريل الماضي، أوضحت مصادر أن الجانب الحكومي طالب بضمانات بعدم وجود أي تحايل أو تراجع من جانب الحوثيين، وأنه في حال حدث أي تلاعب أو التفاف من الحوثيين ستكون الحكومة اليمنية في حِلٍّ من كل هذه الالتزامات، ويجب على المجتمع الدولي ردع هذه الحركة.

ووفقاً لنفس المصادر، فقد طرحت جميع الملفات خلال النقاشات في حينها، بما فيها القضية الجنوبية بشكل كبير جداً، وهذه مسألة توجد فيها خلافات بين أقطاب العملية السياسية في الدولة، لكنهم يعملون على إصلاحها. العملية طويلة وتحتاج إلى وقت.

وتابعت أن «هناك خيارات من ضمنها أن تكون المراحل خمس سنوات أو ثلاثاً بدلاً من سنتين. المسألة تعتمد على الالتزامات والضمانات، الأمر تُرك للأطراف اليمنية في حال رأوا خيارات أخرى، خصوصاً المرحلة الانتقالية، فالجنوبيون يرون أن المرحلة الانتقالية يجب أن تشمل تصوراً لشكل الدولة يُفضي إلى استفتاء أو تقرير مصير (...) .

مباركة مساعي السلام

بالتزامن مع النقاشات الدائرة في الرياض، أعلنت أبرز جماعة للسلام في اليمن مباركتها لهذه المشاورات التي تستضيفها العاصمة السعودية، وقالت إنها تأمل أن تثمر اتفاقاً لوقف شامل وتام لإطلاق النار، كخطوة لا بد منها، نحو تطبيع مختلف جوانب الحياة في اليمن، والتخفيف من معاناة المواطنين، والتهيئة للشروع في حوار سياسي وطني شامل، بين مختلف القوى السياسية اليمنية الفاعلة، دون استثناء، بهدف التوافق على بناء دولتهم.

وفي بيان لها، أكدت المجموعة التي تضم مثقفين وأدباء وأكاديميين مستقلين على ضرورة توجه اليمنيين نحو حوار يمني - يمني شامل، هدفه التوافق على بناء الدولة، على أسس الشراكة الوطنية والمواطنة المتساوية والتبادل السلمي للسلطة، عبر صناديق الانتخابات.

وقالت المجموعة إنها تأمل أن تفضي المحادثات الجارية في الرياض إلى إنهاء الحرب، بكل مظاهرها العسكرية والاقتصادية والسياسية والإعلامية، واستعادة العملية السياسية، الهادفة إلى تطبيع العلاقات بين المكونات السياسية اليمنية المختلفة، وتوافقها على بناء الدولة اليمنية الواحدة، دولة اليمنيين جميعهم.

وباركت المجموعة كل الجهود المحلية والإقليمية والدولية، التي تصب في خدمة مسار السلام، وقالت إن الأساس الدستوري والقانوني المتين الضامن لنجاح استعادة العملية السياسية يقوم على وحدة وسلامة وأمن الجمهورية اليمنية، وفقاً لدستورها النافذ، كشخصية اعتبارية فاعلة، في المجتمعين الإقليمي والدولي.

وقف التصعيد

المجموعة اليمنية الداعمة للسلام، طلبت من أطراف الحرب إيقاف أي أنشطة تصعيدية عسكرية وأمنية وسياسية وإعلامية قد تعيق السعي لاستعادة العملية السياسية، وحمّلت أي طرف يعمل على الإعاقة أو الإرباك، كامل المسؤولية عما يسببه من إطالة أمد معاناة الناس وعذاباتهم.

ودعت مجموعة نداء السلام في اليمن إلى إشراك كل القوى السياسية والاجتماعية اليمنية الفاعلة، في كل الحوارات الهادفة إلى إحلال السلام وبناء الدولة، وعدم حصرها بالأطراف المتقاتلة.

وطلبت من أطراف الحرب سرعة الإفراج عن المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، كما دعت إلى التقيد بمبدأ حرية الرأي والتعبير، واحترام الحريات السياسية والحريات العامة وحق البحث والنشر، مع سرعة إلغاء أي قيود تعيق ذلك. في إشارة واضحة إلى جملة القيود التي اتخذها الحوثيون.

كما طالبت المجموعة القوى السياسية المدنية اليمنية بأن تنهض بدورها الذي غيبت نفسها عن القيام به طوال السنوات الماضية، ودعت للتصدي الحازم «لكل المشاريع المشبوهة» التي تستهدف تقسيم اليمن، وتمسكت ببناء دولة مدنية، قائمة على الشراكة الوطنية، والمواطنة المتساوية، والتبادل السلمي للسلطة.