السودان: تحشيد وتأهب لـ«معارك فاصلة» في الخرطوم والجزيرة

الرأي الثالث - وكالات

يستعد الجيش السوداني لتوسيع نطاق العمليات العسكرية بعد انضمام قوات من الفصائل الدارفورية للقتال إلى جانبه في المعارك ضد «قوات الدعم السريع»؛ إذ واصل، الأربعاء، حشد المقاتلين وإرسال المزيد من التعزيزات إلى العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة، فيما كثف الغارات الجوية في إقليم دارفور.

بدورها، أعلنت «الدعم السريع» أنها في «حالة تحضير مستمر للدفاع والتصدي لأي هجمات من قبل الجيش وحلفائه من الحركات المسلحة».

ويتجه طرفا النزاع في السودان، بحسب الاستعدادات الجارية ورفع حالة التأهب المنظورة ميدانياً، إلى «معارك فاصلة»، من المتوقع أن ترسم واقعاً جديداً على الأرض.

وبدأت المناوشات فعلياً بين الطرفين، حيث نشرت «الدعم السريع» تسجيلات مصورة على منصات التواصل الاجتماعي، تؤكد استعادتها «جسر ود البشير» في مدينة أم درمان من قوات الجيش.

وأصدر الجيش السوداني، ليل الثلاثاء، بياناً تحذيرياً دعا فيه المواطنين إلى «الابتعاد عن مناطق تجمعات (ميليشيا الدعم السريع) بمختلف أنحاء البلاد»، وأكد أنها «أهداف عسكرية مشروعة لضربات القوات الجوية».

وأمضى الجيش السوداني أشهراً عدة لحشد قواته، في محاولة لإحكام الحصار على المناطق التي تسيطر عليها «الدعم السريع»، ومنعها من التقدم إلى مناطق أخرى.

ويتوقع أن تغطي العمليات العسكرية المرتقبة للجيش السوداني مناطق واسعة، بما ذلك إقليم دارفور، مع الاستخدام المكثف للطيران الحربي؛ لحرمان «الدعم السريع» من الغطاء في المناطق السكنية.

وكانت حركتا «تحرير السودان»، بقيادة حاكم إقليم دارفور مني آركو مناوي، و«العدل والمساواة» بزعامة جبريل إبراهيم، أعلنتا في وقت سابق انضمام قواتهما إلى جانب الجيش في قتاله ضد «الدعم السريع».

ووصلت قوات مناوي، الأحد الماضي، إلى القاعدة العسكرية بمنطقة كرري شمالي أم درمان، حيث المقر الرئيسي للجيش السوداني الذي يدير منه العمليات العسكرية، وبالتوازي حشدت «العدل والمساواة» عناصرها في مدينة كسلا شرقي البلاد، ومن المتوقع أن يكون مسار تحركاتها تحت قيادة الجيش نحو ولاية الجزيرة.

ويشارك في المعارك العسكرية المرتقبة كتائب وفرق الإسلاميين الموالية للجيش وقوات من المتطوعين المدنيين أو من يعرفون بـ«المستنفرين».

وبعد ما يقرب العام من اندلاع الحرب، لم يتمكن الجيش السوداني من استعادة الولايات والمواقع العسكرية التي تسيطر عليها «الدعم السريع»، لكنه حقق بعض الانتصارات في أم درمان بفضل المسيّرات التي حصل عليها.

ولا تزال «الدعم السريع» تشن هجمات على قيادة سلاح الإشارة التابع للجيش بمدينة الخرطوم بحري، كما تُحكم الحصار على (الفرقة 22) مشاة في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان (غربي البلاد)، وتناوش في الوقت ذاته للدخول إلى مدينة سنار جنوب ولاية الجزيرة.

وكان مساعد القائد العام للجيش السوداني، ياسر العطا، كشف في أكثر من لقاء عن تجهيز عشرات الآلاف لقوات الجيش والفصائل المسلحة والمستنفرين لخوض المعارك المقبلة ضد «قوات الدعم السريع» في كافة أنحاء البلاد.

ومنذ إعادة الجيش سيطرته على مقر الإذاعة والتلفزيون، وعدد من الأحياء التاريخية بمدينة أم درمان، يكثف قادته زيارة المنطقة عبر محاولة إعادة خدمات المياه والكهرباء؛ للتأكيد على بسط نفوذهم على العاصمة.

إلى ذلك قال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، أمس الثلاثاء، إن "الولايات المتحدة تتطلع إلى 18 أبريل لاستئناف محتمل لمحادثات السلام بشأن السودان في السعودية".

وقال بيرييلو في تصريح صحافي: "واشنطن أوضحت بوضوح أن محادثات السلام مع الأطراف المتحاربة في السعودية يجب أن تكون شاملة، بما في ذلك الإمارات ومصر وهيئة شرق أفريقيا (إيغاد) والاتحاد الأفريقي".

وأوضح أنه في حين أن "المفاوضات قد تبدأ أو لا تبدأ في 18 أبريل، ولم يكن من الواضح ما إذا كانت الأطراف المتحاربة ستوافق"، قائلاً: "سيكون الوقت الطبيعي لاستئناف المحادثات بعد شهر رمضان. 

كما أشار بيرييلو إلى أن الإمارات وأطراف أخرى في المنطقة يدركون أن الوضع "يخرج بسرعة عن نطاق السيطرة"، وأن "قوات الدعم السريع ليست في وضع صعب"، وفق تعبيره.

تجدر الإشارة إلى أن "محادثات جدة" التي قادتها السعودية والولايات المتحدة العام الماضي فشلت في محاولة التوصل إلى هدنة.

يذكر أن مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، ياسر العطا، أعلن رفض الدخول في مفاوضات مع قوات "الدعم السريع" بشأن وقف الحرب في السودان.

وخلال استقباله، في أم درمان، قيادات حركة "تحرير السودان" بينهم حاكم إقليم دارفور، أكد العطا استمرار القتال ضد "الدعم السريع" حتى الانتصار عليه ومواصلة الحرب، مؤكداً أنه "لا هدنة ولا تفاوض مع الدعم السريع".

هذا ويواجه السودان أزمةً إنسانيةً حادّةً منذ بدء الصراع، منتصف شهر نيسان/أبريل الماضي، بين الجيش وقوات "الدعم السريع".