خطر امتداد الحرب يخلط الأوراق: انفتاح إثيوبي - سعودي على البرهان

الرأي الثالث -  وكالات

  يبدو أن انتشار رقعة الحرب قرب حدود السودان مع دول الجوار شرقاً وغرباً وجنوباً، جعل تلك الدول تستشعر الخطر من احتمال انتقال النيران إلى داخل أراضيها، خصوصاً بعد الكشف عن مشاركة عدد من مواطنيها - بطرق مباشرة وغير مباشرة -، إلى جانب «الدعم السريع»، في القتال الدائر في هذا البلد. 

وعلى هذه الخلفية، جاءت الزيارة المفاجئة لرئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، إلى مطار مدينة بورتسودان، حيث المقرّ المؤقت للحكومة السودانية.

 وإذ وجد الضيف استقبالاً لافتاً من جانب قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، فهو قال إن زيارته تهدف إلى «إظهار الدعم والتضامن مع الشعب السوداني»، ذلك أن «الأصدقاء الحقيقيين يظهرون وقت الشدّة».

ويُعدّ التحوّل في موقف الحكومة الإثيوبية من الأزمة في السودان، مفاجئاً بالنسبة إلى كثيرين، ولا سيما أن اصطفاف آبي أحمد، منذ اندلاع الاقتتال الداخلي، كان إلى جانب «الدعم السريع»، إذ دعا - مثلاً - خلال قمة لـ«الهيئة الحكومية للتنمية» (إيغاد)، إلى تطبيق إجراءات فورية في السودان تشمل فرض منطقة حظر طيران، ونزع المدفعية الثقيلة، 

الأمر الذي عدَّه محلّلون دعوةً إلى نزع السلاح النوعي الموجود في حوزة الجيش السوداني. 

ومع ذلك، ظلّ رئيس الوزراء الإثيوبي يدّعي، طوال مدة الحرب، أنه يقف على الحياد. 

وبحسب مصدر ديبلوماسي مطلع فإن آبي أحمد «طرح أكثر من مرّة وساطة للجمع بين البرهان وحميدتي، ولكنها لم تتكلّل بالنجاح».

 وأضاف المصدر أن «إثيوبيا تدّعي في العلن أنها على الحياد، ولكنها تغض الطرف عن المساعدات الإماراتية التي تصل عبر أراضيها إلى الدعم، وتتم بسرّية تامة، على عكس تشاد التي ترفض ذلك»،

 مستدركاً بالقول إن الرجل «واقع تحت تأثير دولة الإمارات التي تضخّ مليارات الدولارات في إثيوبيا، ما يشكّل دعماً لاقتصادها، وهو يحتفظ لأبو ظبي بجميل مساعدتها له في هزيمة تمرّد تيغراي».
 
ويأتي ذلك فيما يشهد الملف السوداني حراكاً ديبلوماسياً لافتاً، مع عقد مؤتمر للقوى السياسية والمدنية في القاهرة، لم يتوصّل إلى أيّ نتيجة، باستثناء أنه دعا الأطراف المتحاربة إلى «الالتزام بما ورد في إعلان جدة».

 ويرى مراقبون أن المحاولات المصرية المنفردة لحلّ الأزمة السودانية بعيداً عن الدول الإقليمية، دفعت السعودية إلى إحياء «منبر جدة»، وحثّ الأطراف على العودة إلى طاولة التفاوض مجدداً. 

وفي السياق المتقدم، زار نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، السودان، حيث التقى البرهان، وأكد حرص بلاده على عودة الأمن والاستقرار إلى هذا البلد، وعلى استئناف المفاوضات، وإبداء مرونة وتجاوب مع المبادرات الإنسانية.

 كما أعلن ترحيب الرياض ودعمها الجهود الأممية والدولية الرامية إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، والدفع نحو استكمال ما تم التوصل إليه في مؤتمري «جدة 1» و«جدة 2».

ووفقاً لمصدر ديبلوماسي مطلع، تحدث إلى «الأخبار»، فإن المسؤول السعودي طرح رؤى حول كيفية استئناف المفاوضات بين الجيش و«الدعم السريع» والدول المشاركة فيها. 

وأشار المصدر المحسوب على «المجلس السيادي» إلى أن «انضمام أعضاء جدد إلى منبر جدة يعتبر أحد الأسباب الرئيسية في تعليق التفاوض، إلى جانب تعنُّت قوات الدعم في تنفيذ ما اتُّفق عليه»،

 معتبراً أن «توسعة المنبر لا تخدم الهدف المنشود، ولا سيما أن الولايات المتحدة اقترحت مشاركة الإمارات فيه»، و«هذا ما يُعقّد عمله، إذ لا يمكن أن تكون سبباً في الأزمة ويكون لك دور في حلّها»، مضيفاً أن «السودان رفض ولا يزال مشاركة الإمارات».

 ولفت المصدر إلى أن «واشنطن طرحت مشاركة القاهرة حتى تخلق توازناً مع أبو ظبي»، مؤكداً أن السودان «لا يمانع مشاركة مصر بحكم علاقاته التاريخية معها»،

 فيما «الرياض غير مرتاحة لذلك بسبب رفض مصر في وقت سابق، مشاركة السعودية في مؤتمر دول الجوار السوداني والذي لم يكتب له النجاح». 

ورجح المصدر الديبلوماسي أن يكون ملف القوات السودانية المشاركة في «عاصفة الحزم» من ضمن القضايا التي طرحت للنقاش خلال لقاء الخريجي بالبرهان، قائلاً إنه «يوجد عدد كبير من منسوبي الدعم السريع ضمن تلك القوات»،

 وبالتالي، فإن «مشاركتهم باسمها خطأ يجب علاجه».