ليبيا نحو تنويم الانتخابات: تفاهمات موضعية برعاية مصرية - تركية

الرأي الثالث -  وكالات 

 برزت، في الأيام الأخيرة، معالم انفراج في الأزمة الليبية، رغم أن الضغوط الدولية للتوجه نحو صناديق الاقتراع لم تثمر إلى الآن، 

فيما يبدو أن ثمة توجهاً لإرساء تهدئة سياسية مرحلية، أسوة بتلك العسكرية، عنوانها تحقيق مصالح مختلف الأطراف، وإن بعيداً من الغطاء الأممي. 

وفي هذا الإطار، يجري التحضير للقاء يجمع حكومة طرابلس بقيادة عبد الحميد الدبيبة، والبرلمان الذي يسانده العسكري خليفة حفتر، برعاية من أطراف عدة معنية بالملف الليبي، من بينها مصر وتركيا والإمارات. 

وفي انتظار ذلك، زار الدبيبة، الأسبوع الماضي، للمرة الأولى منذ 3 سنوات، القاهرة، حيث التقى رئيس الحكومة المصرية، مصطفى مدبولي، الذي وقع معه اتفاقيات ومذكرات تفاهم، رغم الرفض المصري للاعتراف بشرعية تلك الحكومة التي تعترف بها «جامعة الدول العربية». 

وشملت الاتفاقات تنفيذ مشاريع في طرابلس، بالتنسيق مع تركيا التي ستنخرط في مشاريع مماثلة في الجانب الآخر من البلاد. 

وفيما تستهدف هذه التفاهمات، التي تجري بوساطة مصرية - تركية، تحقيق استقرار سياسي، في ظل عدم قدرة الأمم المتحدة على التوصل إلى آلية تسمح بإجراء الانتخابات، فهي تتيح أيضاً تحقيق مصالح القاهرة وأنقرة الاقتصادية. 

وبناءً على ذلك، تم اللجوء إلى سياسة تصفير المشكلات في الداخل الليبي، مع احتفاظ القادة السياسيين والعسكريين كل بمنصبه حتى إشعار آخر، واشتغالهم في الأشهر المقبلة على حلحلة مشكلات مواطنيهم. 

وفي المقابل، وفي ظل رغبة أولئك القادة في الاحتفاظ بالسلطة، لن تحظى مسألة الانتخابات بالأولوية في الوقت الراهن، حتى من قِبل الأمم المتحدة المنشغلة حالياً بملف المصالحة الوطنية وإنهاء الأزمات المتراكمة منذ سنوات بين القبائل والعائلات، 

بينما لن يقرّ مجلس النواب أي قوانين استثنائية.
 
وما يعزّز تلك التوافقات، الرغبة الأوروبية في إيقاف عمليات الهجرة غير الشرعية التي تنطلق من ليبيا، الأمر الذي يستلزم تنسيقاً مع مختلف الأطراف وليس مع طرف على حساب آخر. 

وفي هذا الإطار، يجري الحديث عن تفاهمات غير مباشرة بين الدبيبة وحفتر، تهدف إلى تحقيق تعاون عسكري مشترك في إطار «ضبط الحدود»، وسط انفتاح من الدبيبة على العودة إلى التواصل بشكل أكبر مع حكومات دول الجوار. 

كذلك، يسري الحديث عن تفاهمات بشأن الدورين الأميركي والروسي في ليبيا، بما لا يسمح بتثبيت أي أوضاع عسكرية دائمة حتى انتخاب سلطة جديدة، في الوقت الذي يباشر فيه المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، جهوده بين الشرق والغرب، في إطار تفاعله مع هذه الديناميات الجديدة.

وعلى أي حال، تبدو الساحة متّجهة نحو مزيد من الهدوء والاستقرار، الذي لا يُعلم مداه، في ظل ما يراه بعض المحلّلين فرصة لكل طرف ليثبت مكانته في المناطق التي يسيطر عليها، استعداداً للانتخابات التي لا يظهر أنها ستكون قريبة.